بحث متقدم
الزيارة
6537
محدثة عن: 2013/08/25
خلاصة السؤال
ما هو سبب سکوت النبی (ص) عن المخالفین لعلی (ع) فی حال حیاته؟
السؤال
ما هو سبب سکوت النبی (ص) عن المخالفین لعلی (ع) فی حال حیاته؟ و لماذا لم یکشف عن نوایاهم حتى لا یحدث ما حدث بعد وفاته؟
الجواب الإجمالي

للاجابة عن السؤال ینبغی الالتفات الى عدة أمور:

 

1. قد أعلن النبی (ص) عن خلافة علی (ع) من حین إعلانه عن رسالته فی السنة الثالثة من مبعثه و کان (ص) یبیّن فضائل علی (ع) للآخرین فی شتى المناسبات و یفضح حقیقة أعداء علی (ع) و یعرّیهم أمام المسلمین. فی الوقت نفسه، کان مناخ المجتمع الاسلامی آنذاک لا یسمح للنبی (ص) أن یواجه المعارضین بحدیّة و خشونة.

 

2. کان اهتمام النبی (ص) و الامام علی (ع) منصبا على صیانة الاسلام و بقاء آل بیت النبی (ص) الى حین ظهور آخر أوصیاء رسول الله (ص) و اکمال الرسالة على یده.

 

3. لو کان رسول الله (ص) فی الایام الاخیرة من عمره یتحدى المعارضین بأکثر مما فعل لکانت بالمقابل ردة فعل المعارضین ـ الذین کانوا یخططون الى مرحلة ما بعد النبی ـ بحدیة أکثر و لعلّ تبعاتها کانت تلحق بالاسلام أضرار غیر قابلة للجبران.

 

الجواب التفصيلي

کان الامام علی (ع) الصحابی الوحید الذی اتصف بجمیع الفضائل الاخلاقیة و العلمیة و کان کالإعصار المخوف حینما یواجه الکفار و الطاغین فی میدان الحرب فکانت أبطالهم لا تقاوم ضربات سیفه.

 

و یشهد تاریخ صدر الاسلام و حیاة النبی الاکرم (ص) بکفاءات و فضائل الامام علی (ع) و فیما یلی نشیر الى جملة من هذه الفضائل:

 

کان النبی الاکرم مراراً و تکراراً یتحدث عن کمال الامام (ع) و فضائله و کفاءاته وکان (ص) یقول ما مضمونه: ان علیا لا یخطأ [1]

 

و یقول: "علی مع الحق و الحق مع علی".[2]

 

و حذر (ص) فی مواقف عدیدة من عداوة علی (ع) [3]

 

و بالرغم من کل وصایا النبی (ص) و تأکیداته، لکن کان بعض المسلمین یخطط للمستقبل و لمرحلة ما بعد فوت النبی و یتمنى فی حسبانه رئاسة الامة الاسلامیة و زعامتها. و کان النبی (ص) یعی خطواتهم و ما یرومون الیه و لکنه لم یکن قادر على معاقبتهم ذلک أنهم لم یفعلوا فی أیام حیاته مخالفة، فکما یقال، لم یکن النبی قادر على "القصاص قبل الجنایة" و علیه فحاول (ص) أن یخیب آمالاهم بجملة خطوات عملها منها: جمع الناس فی غدیر خم و فی حجة الوداع فی ذلک الظرف الحساس و المهم و الذی جاء فیه المسلمون من جمیع المدن لأداء مناسک الحج و أکد (ص) لهم ان الله تعالى نصب علیا خلیفة من بعده وانه طاعته واجبة و من خالفه خالف الله تعالى[4]

 

کما أن رسول الله (ص) سعى فی آخر أیام حیاته أن یرسل المعارضین لامامة علی (ع) مع جیش أسامه الى خارج المدینة حتى تنتقل الخلافة الى علی (ع) من دون عقبة و مانع، لکن عرف المخالفون الامر و تخلّفوا عن جیش اسامة و لهذا تأخر حرکة جیش أسامة الى أن ارتحل رسول الله و تحقّقت آمال المخالفین.

 

عند ما رأى رسول الله (ص) فی آخر أیام حیاته أن البعض تخلّف عن جیش أسامة و تمرّد عن أمره و کأنهم کانوا یخططون لقضیة ما، "قال ائتونی بدواة و قرطاس أکتب لکم کتاباً لا تضلوا بعده. قال الرجل: إن النبی غلبه الوجع و عندنا کتاب الله حسبنا، إنه لیهجر من شدة الوجع و حسب ما ذکرت بعض مصادر إخواننا من أهل السنة فإن هذا الشخص کان عمر بن الخطاب.[5]

 

و على أیة حال، هذه الفئة من المسلمین عملوا بعد وفاة النبی (ص) على تحقیق هدفهم و نجحوا فی ذلک. کان هؤلاء، متعطش على الرئاسة و الزعامة و أرادوا أن یحصلوا على آمالهم السالفة و حصلوا علیها.

 

و طالما کانوا یستشیرون الامام علی (ع) فی الامور العسکریة و المسائل الفقهیة و على قدر الضرورة، ثم یأخذون بعض الاحیان بآرائه بحیث قال ابوبکر و هو على المنبر یا أیها الناس استرجعوا بیعتکم حتى یکون علیٌ بینکم فانی لست أفضلکم.[6]

 

و ثمة فئة أخرى من المسلمین کانت تظاهر بالاسلام و لکنها لم تعتقد بالاسلام و لا النبی الاکرم، فهی کانت تترقّب الفرصة حتى تقضی عن آخر الاسلام و حاولت مرات على قتل النبی و اغتیاله، کانت أولها عند رجوع النبی من الغدیر و الاخرى عند رجوعه من غزوة تبوک.[7]

 

فاذن، نظراً الى الظروف التی کانت تحیط برسول الله (ص) و وجود الشرائح و الفئات المختلفة، أعلن النبی (ص) فی مناسبات مختلفة عن ولایة علی (ع) و إمامته و خلافته.

 

و ینبغی القول بأنه إن کان هناک شیئاً یجب إبلاغ الناس به و توعیتهم  لمستقبل الاسلام فالنبی (ص) نبّههم علیه و آصدهم به و من جانب آخر، اذا تجنّب النبی ممارسة ما هو أشد من هذه الخطوات فلعل السبب هو صیانة لبنة الاسلام عن الخطر و لذلک لم یفعل شیئاً أکثر من ذلک حفاظاً على الاسلام و بقاءاً لآل بیته و ذریته الى حین ظهور آخر أوصیاءه حتى یکمل رسالة جده و یحقق الهدف الاساسی من بعثة الانبیاء.

 

 

[1] البدایة و النهایة، ابن کثیر، ج 2، ص 316، طبع إحیاء التراث.

[2] راجع: سبحانی، جعفر، فروغ ابدیت، ج 2، ص 461 و 475؛ تاریخ دمشق، ج 42، ص 448 و 449؛ مستدرک الحاکم، ج 4، ص93، ح4604.

[3] عبد الفتاح عبد المقصود، الامام علی بن ابی طالب (ع)، المترجم: السید مهدی الجعفری، ج 3، ص 94.

[4] راجع: فروغ ابدیت، ص471.

[5] البخاری، ج 1، ص22، و ج2، ص414؛ صحیح مسلم، کتاب الوصیة، باب 5. للمزید من الاطلاع راجع: السؤال 1527، (الموقع الالکترونی: 1692)، الموضوع العام: المنع من کتابة وصیة النبی (ص).

[6] راجع: الامام علی بن ابی طالب (ع)، ج 1، ص282.

[7] راجع: فروغ أبدیت، ج 2، ص390 و 404.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280465 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    259118 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129816 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    116202 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89697 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61314 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60564 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57472 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    52091 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    48156 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...