Please Wait
6727
ان الاستمناء لا یلّبی حاجة الانسان بصورة حقیقة فهو إشباع کاذب أی ان حاجة الشهوة الانسانیة لا تقتضی بمجرد خروج المنی بل یجب ان یکون ذلک مقترناً بالحب و العاطفة و الانس، و لذا فان الذین یمارسون هذا العمل یشعرون فی داخل ذواتهم بالنقص و ربما استتبع ذلک أمراضاً جسمیة و روحیة، و لکن الزواج حیث انه إشباع طبیعی و واقعی للشهوة فان له آثاراً مفیدة و منافعً کثیرة.
و علی فرض أننا زعمنا أنهما شیئان متماثلان و لیس بینهما فرق ما هوی، لکن هذا لا یکون دلیلاً علی أن ماهیتهما هی فی الواقع شیء واحد. فان العلوم التجربیة و المعرفة البشریة و بالرغم من التطور الکبیر فیها، لم تصل الی تلک الدرجة من المعرفة بحیث یکون لها اطلاع کامل علی جمیع المصالح و المفاسد او الفوائد و الأضرار لمثل هذه الامور، و ان الله الذی خلق الانسان و هو مطلع تماماً علی جمیع خصوصیاته و حالاته فانه علی أساس هذه الخصائص جعل عملاً ما – بالرغم فی عدم اختلافه مع عمل آخر – حلالاً و واجباً و جعل الآخر حراماً و ممنوعاً.
من المسلم فقهیاً ان الاستمناء ذنب و حرام[1]. و للذنب أضرار لا یمکن تدراکها بسهولة، و لولا الاضرار التی تسبب للانسان من ناحیة الذنب لم یعتبر ذلک العمل ذنباً فی الشرع الاسلامی المقدس و لم یکن حراماً. رغم انه من الممکن ان لا یکون للبشر فی مرحلة من المراحل العلم الکافی بجمیع الآثار التخریبیة للذنب أو انه یعتمد علی علمه الناقص و یظن أنه صار عالماً بجمیع المجهولات.
اما ان الاستمناء ذنب و حرام فقد دلّت روایات متعددة علی ذلک: قال رسول الله (ص): "ألا لعنة الله و الملائکة و الناس أجمعین علی ... و ناکح یده"[2].
و یقول الامام الصادق (ع) أیضاً فی هذا الصدد: ثلاثة لا یکلمهم الله یوم القیامة ولا ینظر إلیهم و لا یزکیهم و لهم عذاب ألیم، الناتف شیبه و الناکح نفسه و المنکوح فی دبره".[3]
و سئل الامام الصادق (ع) أیضاً عن حکم الاستمناء فقال (ع): "إثم عظیم قد نهی الله تعالی عنه فی کتابه و فاعله کناکح نفسه و لو علمت بمن یفعله ما أکلت معه. فقال السائل: فبیّن لی یابن رسول الله (ص) من کتاب الله نهیه؟ فقال: قول الله (فمن ابتغی و راء ذلک فاولئک هم العادون)[4] و هو مما وراء ذلک. فَقَالَ الرَّجُلُ أَیُّمَا أَکْبَرُ الزِّنَا أَوْ هِیَ فَقَالَ هُوَ ذَنْبٌ عَظِیم".[5]
وسئل الامام الصادق (ع) عن الخضخضة (الاستمناء) فقال: "ی من الفواحش"[6] و أما کون الذنب ذا اضرار مهمة لا یمکن تدراکها بسهولة فیجب الالتفات الی بعض الامور منها:
أولاً: ان الذنوب تنحدر من الأعضاء و الجوارح الی القلب، فالذنب یوجب خللاًً فی القلب یقول القرآن الکریم: (کلا بل ران علی قلوبهم ما کانوا یکسبون) و کلمة (ران) فی الآیة المذکورة هی بمعنی الصدأ، و ان أسوأ، أثر للذنب هو أن یجعل القلب مظلماً و أن یذهب بنور العلم و حس التشخیص[7].
یقول أمیر المؤمنین علی (ع): "لا وجع أو جع للقلوب من الذنوب"[8].
ثانیاً: یعدّ مرض القلب أهم الامراض؛ لانه لیس هناک بعد من أبعاد وجود الانسان یوازی قیمة و فعالیة و حساسیة و لطافة القلب. و یعبر عن هذا المرض بتعابیر مختلفة: القب المریض، قساوة القلب، انحراف القلب، صدأ القلب، عمی القلب، الختم علی القلب، قفل القلب، و أخیراً أو هو الأهم من الجمیع: موت القلب؛ انه حین ینکفئ الاناء فلا یمکن ان یجعل فی داخله أی شی، و القلب أیضاً ینقلب بسبب الذنب بحیث لا یستقر فیه العلم و الحقیقة.
اما حول الفرق واقعاً بین الزواج و الاستمناء فینبغی القول: ان من القوی المخفیة فی وجود الانسان هی الشهوة الجنسیة فیجب تلبیتها و ارضاؤها بالشکل الصحیح، و الطریق القویم لذلک هو الزواج الذی هو إشباع طبیعی و واقعی لالحاح الشهوة، و لذلک تکون له آثار مفیدة و فوائد کثیرة.
و الزواج وسیلة للاطمئنان و السکون و إیجاد الودّ و العطف بین الرجل و المرأة[9]. إضافة الی أن الغریزة الجنسیة حین تشبع بالزواج، و تتزن روح الشاب المضطربة، فانه سوف یتمکن من إدراک حقائق الحیاة بشکل أفضل.
أما الاستمناء فلکونه علی خلاف الطبیعة فانه لا یشبع حاجة الانسان بصورة حقیقة فهو إشباع کاذب و ذلک لان الحاجة الشهویة لا تشبع بمجرد خروج المنی بل یجب أن یکون مقترناً بالعشق و العاطفة و الانس و المحبة، و لذلک فان الذین یمارسون هذا العمل یشعرون فی داخل ذواتهم بالنقص، و ربما استتبع ذلک أمراضاً جسمیة و روحیة.
و نذکر هنا بعض الموارد من أضرار هذا العمل غیر الأخلاقی:
الف) الاضرار الجسمیة:
یعتقد بعض الأطباء أن من الأضرار الجسمیة للاستمناء أنه یؤدی إلی زیادة إشارة الهیبوتالاموس و الذی یؤدی الی الإفراط فی إثارة الغدد الجنسیة مما یسبب زیادة عملها و عدم تناسبها، و من عوارض ذلک تضخم غدد العضلات التناسلیة و الخروج غیر الإرادی للمنی بأدنی ملامسة، و سرعة الإنزال، و الأمراض الجنسیة و العقم.
و کذلک قد عدّ من اضرار الاستمناء: 1. ضعف البصر 2. نحافة الوجه 3. ضعف الأعصاب 4. ارتخاء البدن 5. الصداع و الدوار 6. الاصابة بالزکام سریعاً. 7. فقر الدم. 8. وهن الرکبة 9. اسوداد ما حول العین. 10. اصفرار الوجه. 11. ضعف السمع و اختلاله. 12. انتشار الدمامل فی الوجه. 13. اضطراب النوم. 14. روح الإضرار بالغیر او الاضرار بالنفس فی الحالات الشدیدة.
ب) الأضرار الروحیة:
1. ضعف الحافظة و الشرود الذهنی و عدم القدرة علی التمرکز الفکری.
2. الاضطراب و القلق و هی من الصفات التی لا تفارق المستمنی. فتراه فی صراع دائم مع نفسه و لا یمکنه التصالح مع ذاته، و أفکاره مضطربة دوماً و یعیش حالة الوسواس و التردد.
3. الکآبة: من العلامات البارزة: الکآبة و الّامبالاة و الخمول و فقدان الشهیة و الوهن و الانزواء و الشعور بالغم و الحزن و عدم الاهتمام بالامور الفنیة و الریاضیة و الامور المعنویة و ...
4. المشاکسته وسوء الأخلاق: ان شخص المستمنی یتحسس بأقل المؤثرات البییة فلا یتحمل الحوار مع الآخرین، سریع الانفعال و التأثر، و هو حساس جداً من شدة النور و الصوت و الذهاب و الایاب و ...
5. الیأس من الحیاة
6. انعدام الخلاقیة و القدرة و ضمور الاستعدادات.
7. انعدام الرغبة فی الدراسة و المطالعة و التحقیقات العلمیة و الفعالیات الفکریة.
8. صیرورته إنساناً شهویاً متهتکاً و مدمناً للإشباع الجنسی غیر المشروع.
9. فقدان العاطفة و الخجل.
10. عدم الثقة بالنفس، و الشعور بالحقارة و ضعف الارادة.
11. فقدان صفاء القلب و عدم المیل للامور المعنویة و مجالس الدعاء والجماعات و ...
12. الشعور بالذنب و عذاب الضمیر.
ج) الأضرار الاجتماعی:
یخلق الاستمناء شعوراً بالفرار من المجتمع، و علی أثر الإفراط و التکرار سوف یتجذّر هذا الشعور، فینزوی الشخص فی زاویة و یغور فی أفکار بعیدة. فان الالتفات الی اللذات الشخصیة یسبب ضعف العلاقات الاجتماعیة و یهدد الحیاة الاجتماعیة[10].
و حول هذه الأضرار (الجسمیة و الروحیة و الاجتماعیة) یجب أن نذکر أیضاً بأن العلوم التجربیة و المعرفة البشریة علی رغم جمیع التطور الحاصل فیها فانها لم تبلیغ الی الدرجة التی تمکنها من الإحاطة بجمیع المصالح و المفاسد أو الفوائد و الأضرار المرتبطة بأضرار مثل هذه الامور. و ان ما ذکره بعض الاطباء هو فی الواقع آثار احتمالیة حیث یمکن القول انها تظهر فی حالة الإدمان الشدید لهذا العمل، و یبدو أن السبب فی أنهم ذکروا هذه الآثار فی مورد الاستمناء و لم یذکروها فی الزواج، ان الاستمناء هو علی خلاف الطبیعة و هو یؤدی الی فقدان الشخص لقدرة السیطرة و التسلط علی نفسه فیبتلی بالإدمان الشدید، و لکن الزواج هو علی أساس الطبیعة و هو یجعل الفرد متزناً، و فی النتیجة فسوق تزداد قدرته و یزداد سیطرته و تسلطه علی نفسه.
[1] توضیح المسائل للمراجع، ج 2، ص 835.
[2] میزان الحکمة، ح 18748.
[3] میزان الحکمة، ح 18749.
[4] المؤمنون، 7.
[5] وسائل الشیعة،ج 28، ص 364.
[6] وسائل الشیعة، ج 14، ص 267.
[7] تفسیر المیزان، آیة 14 مطففین.
[8] بحار الانوار، ج 73، ص 342.
[9] "و من آیاته ان خلق لکم من انفسکم ازواجا لتسکنوا الیها و جعل بینکم موده و رحمة ان فی ذلک لآیات لقوم یتفکرون"، الروم، 21.
[10] للاطلاع اکثر حول اضرار الاستمناء لا حظ مقالة، آثار الاستمناء و مواجهتها، باب الاجوبة عن المسائل الدینیة، قسم التربیة بالاشتراک مع الدکتور حسن قدوسی زاده و حجة الاسلام شاکرین، المقالة 9/12/85.