بحث متقدم
الزيارة
6989
محدثة عن: 2009/03/17
خلاصة السؤال
هل ان حسن السلوک مع الزوجة و الاولاد و ... لا یؤدی الی سوء الاستغلال من قبلهم؟
السؤال
هل ان حسن الخلق مع الزوجة و الناس و التلامیذ، و بشکل عام هل ان السلوک الودیع و العفو یؤدی الی سوء الاستغلال من قبلهم. اساساً کیف یمکن اجتماع الاخلاق الحسنة مع الجبروت و الابهة؟
الجواب الإجمالي

اولاً: ان الدین الاسلامی المبین یحث علی حسن الاخلاق و السلوک مع جمیع افراد المجتمع کالزوجة و الاولاد و التلامیذ و .. و لذا ورد الامر بحسن السلوک فی آیات القرآن و روایات المعصومین (ع).

ثانیاً: بملاحظة أوامر أهل البیت (ع) فانه الی جانب حسن الخلق الذی هو الاصل فی السلوک یجب ان نحذر من خروج هذا العمل المرغوب فیه عن حده، ای یجب الاعتدال فی هذا العمل لکی لا یؤدی الی الاستغلال من قبل الآخرین. و بعبارة أخری: ان حسن الخلق المقرون بالحقیقة و طلب الحق یمکنه أن یمنع سوء استغلال الآخرین. و یجب الالتفات الی أن العنف و الاخلاق السیئة تختلف عن الابهة و العظمة فیجب التفریق بین هذین الامرین، و بالتالی فانه یجب معرفة حدود المجاملة و حسن الخلق.

الجواب التفصيلي

إن من خصائص الدین الاسلامی المبین هو الاعتدال و الوسطیة فی المجالات کلها؛ فی الاقتصاد و السیاسة و الاجتماع و التعامل مع الآخرین و ....

یعتقد اکثر الناس أن حسن الخلق و لطف المعاشرة و کما یصطلح علیه الیوم: ان یکون الانسان اجتماعیاً. هو ان یتصادق الانسان و ینسجم مع الجمیع، کما یعرض بعض المسیحیین دینهم الی الناس باعتباره رمزاً للمحبة و یدعون بان الانسان الکامل هو الذی یحب فقط و هذا ما ذهبت الیه  بعض المذاهب الهندوس ایضاً حیث تؤید قاعدة الحب المحض.

و لکن یجب القول: انه لا تکفی المحبة و حسن السلوک فقط، بل إن المحبة المقترنة بالحقیقة و طلب الحق هی التی یمکنها أن تمنع سوء الاستغلال من قبل الآخرین. إن الاسلام هو دین الحب فالقرآن یصف النبی الاکرم (ص) بانه "رحمة للعالمین"[1] و القرآن أیضاً یأمر المؤمنین بحسن السلوک مع الناس[2] و انه اذا اعتدی علیهم من قبل الجهلة فانهم یغضون النظر عن ذلک [3] . إن الحب الذی یأمر به القرآن لیس هو أن نتصرف بما یکون متطابقاً مع میول الشخص المقابل و نطلق العنان للشخص فی رغباته او نؤید میوله و نقرها، بل الاسلام یؤید الوقوف مع الحق فی جمیع شؤون الحیاة، فی التصرف مع الزوجة و التلامیذ و الاولاد و... .

و ورد فی بعض الروایات التی تعدد صفات المؤمن: "المؤمن لا یحیف علی من یبغض و لا یأثم فی من یحب.[4]

فاذا کان الانسان فی علاقاته الاجتماعیة هکذا فان سلوکه مرضی عند الاسلام و یکون أیضاً قد منع من سوء إستغلال الآخرین؛ لان الآخرین إما ان تکون طلباتهم و رغباتهم حقیقیة و موافقة للحق فیجب ان یخضع لها، او انهم یقصدون إستغلال أخلاق الشخص و یطالبوا بامور مجانبة للحق ففی هذه الحالة سوف لا یصلون الی هذه المطالب لانهم سیواجهون شخصیة حقانیة، فمثلاً اذا اراد شخص أن یستغل اخلاقکم الحسنة فلا یحترمکم أو لا یحترم الآخرین أو أن یسلب حقاً لکم، فحتی لو کان اقرب الناس الیکم یجب ان تقفوا فی وجهه. و اضافة الی ذلک فان الحب الحقیقی هو ما یکون فیه مصلحة الانسان و خیره؛ فلربما کان الحب الزائد و حسن السلوک المتجرد عن الوعی و التخطیط عداوة لذلک الشخص [5] و قد ورد فی روایة عن الامام الباقر (ع) قوله "شر الآباء من دعاه البرّ الی الافراط".[6]

و بالطبع فانه لا ینبغی لهذه الامور ان تکون تبریراً لسوء الخلق عند الشخص و تکبره علی‌ الآخرین، بل علیه ان یحسن سلوکه ما استطاع و یستجیب لطلبات الناس.

فبشکل عام أن الاعتدال المقرون بالسلوک الحقانی هو الطریق الصحیح. و توجد روایات تؤکد علی أن یکون التعامل بالرفق و العطف مع الذین هم تحت سلطة الشخص کالزوجة و الاولاد.[7]

یقول الامام السجاد (ع) حول التصرف مع الصغار:

"و اما حق الصغیر فرحمته و تثقیفه و تعلیمه و العفو عنه و الستر علیه و الرفق به و المعونة له .[8]

و بالطبع فانه یجب مراعاة الاعتدال ایضاً و لکن تشخیص الطریق الوسط الذی لیس فیه افراط و تفریط لیس بالامر الیسیر دائماً و قد یحتاج الوصول الیه الی عرض مصادیق ذلک علی أهل الخبرة و الاستفادة من آرائهم فی ذلک.



[1] الانبیاء، 107.

[2] البقرة، 83.

[3] الفرقان، 63.

[4] المجلسی، محمد تقی، بحار الانوار، 64ج  ، ص 310.

[5] لاحظ: المطهری، مرتضی، جاذبة علی (ع) و دافعته، ص 10 – 13.

[6] الیعقوبی، احمد بن ابی یعقوب بن جعفر بن وهب ، تاریخ الیعقوبی، ج 2، ص 320.

[7] الکلینی، محمد بن یعقوب، الکافی، ج 4، ص 11.

[8] تحف العقول، ج 1، ص 270، انتشارات جامعة مدرسین قم، 1404 هجرى قمری.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

  • هل یجب تطهیر الشیء الذی سرى الیه عرق الجنب من الحرام؟
    5687 الحقوق والاحکام 2010/06/28
    طرحنا السؤال المذکور على مکاتب المراجع العظام فکانت الاجابة بالنحو التالی:مکتب آیة الله العظمی السید الخامنئی (مدظله العالی):عرق الجنب من الحرام طاهر.مکتب آیة الله العظمی السیستانی (مدظله العالی):عرق الجنب من الحرام لیس بنجس.مکتب ...
  • ما حکم من نسی الاتیان بسجدة التلاوة؟
    6164 الحقوق والاحکام 2011/01/31
    یجب السجود عند تلاوة آیات أربع فی السور الأربع: آخر «النجم» و «العلق» و «لا یَسْتَکْبِرُونَ» فی أ لم تنزیل و «تَعْبُدُونَ» فی حم فصلت، و کذا عند استماعها دون سماعها على الأظهر، و لکن لا ینبغی ترک الاحتیاط، و السبب مجموع الآیة، فلا یجب بقراءة بعضها ...
  • ورد فی الآیة 33 من سورة المائدة الاشارة الى حکم المحارب، فهل یطبق الحکم الیوم أو هو من ضمن الاحکام المعطلة؟
    6520 التفسیر 2012/06/26
    حدد القرآن الکریم عقوبة للمحارب فی قوله تعالى: {إنَّمَا جَزَاء الَّذِینَ یُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَیَسْعَوْنَ فِی الأَرْضِ فَسَاداً أَن یُقَتَّلُواْ أَوْ یُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَیْدِیهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ یُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِکَ لَهُمْ خِزْیٌ فِی الدُّنْیَا وَلَهُمْ فِی الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِیمٌ}. ...
  • ما هو المقصود بولایة الفقیه؟
    5684 الکلام الجدید 2006/05/21
    ثمة لکلمة «ولی» ثلاثة دلالات فی اللغة العربیة: 1- الصدیق 2- المحب 3- المساعد. و ذکروا لکلمة «ولایة» علاوة على المعانی السابقة، معنیین هما: 1- السلطة و الغلبة. 2- القیادة و الحکومة. استعملت کلمة «الولایة» فی المصطلحات الفقهیة فی موطنین: 1- فی الحالات التی یکون فیها المولی علیه، عاجزاً عن ...
  • ما هو رأی المحققین المسلمین فی قضیة إلوهیة السید المسیح فی الکتاب المقدس؟
    5933 الکلام القدیم 2011/08/16
    یذهب المحققون المسلمون - بغض النظر عن تحریف الکتاب المقدس و عدمه- الى استحالة کون البشر مهما کان إلهاً لان العقل یمنع ذلک و یورد على مثل هکذا ادعاء الکثیر من الاشکالات و المحاذیر العقلیة. أضف الى ذلک أن ظاهر نصوص الکتاب المقدس لایدل على إلوهیة عیسى ...
  • هل أختار الله أسماء السور القرآنية أم النبي (ص)؟
    11373 علوم القرآن 2012/04/17
    يمكن القطع نظراً لتعاليمنا الدينية القرآنية و الروائية بأن تقسيم القرآن إلى سور قد تمّ في زمن النبي محمد (ص)، و عند أخذ الأحاديث الواردة عنه (ص) في ثواب قراءة بعض السور في الإعتبار حيث ذكرت السور فيها بالإسم، يتضح بأن تسمية كثير من السور قد تمّ في ...
  • کیف یمکن توجیه روایات مجازر عصر الظهور المنقولة فی بحار الانوار؟
    7953 الکلام القدیم 2011/10/16
    هناک روایات کثیرة حول قیام المهدی الموعود (عج) و علامات الظهور و هی مذکورة فی بعض المصادر الروائیة الشیعیة. و وجود هذه الروایات فی بعض الموسوعات و المصادر الحدیثیة کبحار الانوار للعلامة المجلسی (ره) لا یدل علی صحة و متانة جمیع هذه الروایات، بل یجب احراز صحتها او ...
  • لماذا جعل الإیرانیون شعارهم "علی ولی الله"؟
    6371 الکلام الجدید 2010/07/15
    ان الایرانیین مثلهم مثل غیرهم من المسلمین یرفعون شعار " قل هو الله احد" و" اشهد الا اله الا الله و ان محمدا رسول الله" و غیرها من الشعارات التی تشیر الى التوحید و النبوة.و اما شعار علی(ع) ولی الله الذی یردده الشیعة ...
  • ما الوجه فی تسمیة بنی إسرائیل بالیهود؟
    6964 الکلام القدیم 2012/02/14
    یختلف الباحثون فی بیان السبب و الوجه فی التسمیة بالیهود، فمنهم من ذهب الى القول أن الیهود تعنی المهتدی حین تابوا من عبادة العجل فی زمن موسى ...
  • لو أخطأ المصلی فی القراءة بان قرأ کلمة "المغضوب" خطأ، فهل یجب علیه اعادة الکلمة فقط او یجب علیه اعادة شبه الجملة"غیر المغضوب" کاملة؟
    5558 الحقوق والاحکام 2009/02/01
    افتى مراجع الدین العظام کما فی رسائلهم العلمیة بانه یکفی اعادة الکلمة فقط.[1][1]لو شک فی صحة قراءة آیة أو کلمة یجب إعادتها إذا لم یتجاوز، و یجوز بقصد الاحتیاط ...

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    282409 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    264404 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    131310 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    120755 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    91281 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    62968 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    62900 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    58479 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    54559 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    51041 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...