بحث متقدم
الزيارة
7676
محدثة عن: 2009/07/19
خلاصة السؤال
خلاصة السؤال: إذا دخلنا إلى مکان ما «کالسیارة و.....» و کان یبث فیها الموسیقى مع صوت المرأة، فما هو الموقف المناسب فی مثل هذه الحالة؟
السؤال
ما هو رأیکم فیما إذا دخلنا إلى مکان کالسیارة مثلاً و کان یسمع فیه الموسیقى التی تصاحب غناء المرأة فما هو الموقف؟
الجواب الإجمالي

إن هذا النوع من المسموعات من مصادیق الحرام، و علیه یتوجب علیه تکلیفان:

1ـ الموقف من السائق.

2ـ التکلیف بالنسبة إلى السماع و عدمه.

اما بالنسبة الی الاول:

من البدیهی أن مثل هذا الغناء یندرج تحت عنوان المنکر کما أنه مشمول بعنوان النهی عن المنکر.

ومن الواضح أن الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر  مع توفر  بشروط معینة، واجبٌ و ترکه معصیة، لکنه مستحب فی الامور المستحبة و المکروهة.

کذلک الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر واجبٌ کفائی، و فی حال قیام البعض به یسقط عن الآخرین. و إذا کان الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر متوقفاً على اجتماع عدد من المکلفین فمن الواجب أن یجتمعوا.

من هنا اذا کانت شروط الامر بالمعروف و النهی عن المنکر متوفرة یجب علیک القیام به و الا فلا.

أما بالنسبة إلى التکلیف الثانی «و هو الاستماع و عدم الاستماع». فإن الواجب هنا هو الابتعاد و عدم الاستماع حتى لو تطلب ذلک ترک المکان و الترجل من المرکبة «مع عدم الوقوع فی المشقة و الحرج» أو البقاء مع وضع شیءٍ فی الأذن، أو عدم الانتباه و تجاهل الاستماع أو أی طریقة تصرفک عن الاستماع و الانشغال بمثل هذا الصوت.

الجواب التفصيلي

کما شخصتم فإن هذا النوع من الغناء و الإنشاد یعتبر مصداقاً من مصادیق الحرام، و علیه فاجتنابه واجب[1]. و هنا یتوجه إلیکم تکلیفان:

 نهی السائق عن مثل هذا الفعل  «من باب النهی عن المنکر».

2ـ الثانی هو عدم الاستماع إلى هذه الموسیقى.

أما الأول:

من البدیهی أن هذه الموسیقى مصداقٌ من مصادیق المنکر و علیه تکون مشمولة بعنوان فریضة النهی عن المنکر. و أن الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر واجبٌ بالشروط التی سوف یشار إلیها و أن ترک هذه الفریضة یعد معصیة. کما أن هذا التکلیف یکون مستحباً فی الامور المستحبة.

کما أن الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر واجبٌ کفائی، و فی حالة قیام بعض المکلفین به فإنه یسقط عن الآخرین، و إذا کان الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر متوقفاً على اجتماع عدة معینة من المکلفین فإن اجتماعهم یصبح واجباً.

و هناک عدة شروط من اللازم توفرها بالنسبة إلى النهی عن المنکر.

شروط الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر:

الأول: أن یکون الذی یأمر و ینهى عارفاً بأن ما اقترفه المکلف یعد من الامور المخالفة للشریعة.

الثانی: أن یکون لدیه احتمال بوجود تأثیر الأمر و نهیه. و أما إذا کان على علم بأن کلامه لا أثر له فلا یجب علیه.

الثالث: أن یعلم أن الشخص یکرر المعصیة و یصر علیها. و أما إذا کان یعلم أو یظن أو یحتمل احتمالاً صحیحاً أن الشخص لا یکرر المنکر فلا یجب علیه النهی فی هذه الحالة.

الرابع: أن لا تکون فی الأمر و النهی مفسدة. و أما إذا کان یعلم أو یحتمل وجود المفسدة کالخطر على النفس و المال أو ماء الوجه فلا یکون الأمر و النهی واجباً. بل إذ کان یخاف من وصول الضرر إلى المتعلقین به فلا یجب علیه الأمر و النهی. بل حتى احتمال الضرر فی النفس و المال و ماء الوجه الموجب لإحراج بعض المؤمنین له مدخلیة فی عدم وجوب هذه الفریضة، بل یکون الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر حراماً فی بعض المواطن[2].

مراتب الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر:

توجد عدة مراتب لأمر بالمعروف و النهی عن المنکر. فمع تحقق المطلوب بالمرتبة الدنیا لا یجوز تخطیها إلى المراتب الأخرى.

المرتبة الأولى: العمل مع الشخص المذنب بطریقة یفهم من خلالها إنکار ما هو علیه، کالنظر إلیه بوجه مکفهر أو الإعراض عنه أو مقاطعته بحیث یفهم أن هذا السلوک بسبب ارتکابه المعصیة.

الثانیة: الأمر و النهی باللسان، أی أنه یجب الأمر و النهی بما یجب فعله و ما یجب ترکه مع مراعاة الشروط المتقدمة.

الثالثة: التوسل بالقوة و الإجبار، و ذلک مع العلم بأن العاصی لا یقلع عن المعصیة و لا یأتی بالواجب إلا مع القوة و الإجبار أو یحصل اطمئنان بذلک، یجب استعمال القوة و لکن إلى حدود معینة.

کما لو توقف الإقلاع عن المعصیة بالحبس مثلاً أو المنع من دخول مکان معین، فإن ذلک یکون واجباً مع مراعاة الحدود اللازمة و عدم تجاوزها.

و أما إذا کان الإقلاع عن المعصیة متوقفاً على الضرب أو التضییق علیه و أن مثل هذا العمل یؤدی إلى توقفه و امتناعه فمن الجائز أن یمارس بحقه مثل هذا الإجراء، و لکن لا بد من الحذر و عدم تجاوز الحدود المعقولة، و الأفضل أخذ الإذن من المجتهد الجامع للشرائط فی مثل هکذا أعمال[3].

و قد سُئل قائد الثورة عن جواز هذه الأعمال لمنع العاصی و إجباره على الإقلاع بواسطة الضرب أو الحبس أو التصرف بأمواله أو منعه من دخول بعض الأماکن، فأجاب:

لهذا الموضوع حالات و موارد مختلفة، و على العموم فإن مراتب الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر إذا لم تتوقف على التصرّف فی نفس أو مال فاعل المنکر فلا تحتاج إلى الإذن من أحد، بل إن هذا مما یجب على جمیع المکلَّفین؛ و أما الموارد التی یتوقف فیها الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر على مؤنة زائدة على الأمر و النهی اللسانی، فإن کان ذلک فی بلد یسوده نظام و حکم إسلامی مهتم بهذه الفریضة الإسلامیة فالأمر حینئذ موکول إلى إذن الحاکم و إلى المسئولین المختصین و إلى قوات الشرطة المحلیة و المحاکم الصالحة.[4].

و أما إذا توقف الأمر و النهی على القتل و الجرح فلا یجوز ذلک إلا بأخذ الإذن من المجتهد الجامع للشرائط[5].

المحصلة:

مع الأخذ بنظر الاعتبار الشروط الواجب مراعاتها بالنسبة إلى فریضة الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر فإن هذه الفریضة واجبة مع مراعاة المراتب، هذا بالنسبة إلى التکلیف الأول.

أما التکلیف الثانی «بالنسبة للاستماع و عدمه»:

و التکلیف هو الاجتناب[6] بکل وسیلة ممکنة کالترجل من السیارة «مع عدم المشقة و الحرج» أو وضع شیء فی الأذن یمنع السماع أو بالإعراض و عدم الاعتناء بحیث لا تکون أسیر هذا الصوت و لا یخرجک عن اهتمامک بنفسک.



[1] میر لوحی، السید محمد هادی، إعلام الأحباء فی حرمة الغناء فی القرآن و الدعاء، محقق و مصحح، صادقی، محسن، نشر ـ مرصاد، 1418 هـ ق، الطبعة الأولى، قم؛ دارابی، محمد، مقامات السالکین، محقق و مصحح، نبوی، سید جعفر، نشر مرصاد، 1418 هـ ق، الطبعة الأولى، قم؛ مختاری، رضا و صادقی، محسن، الغناء، الموسیقى، مکتب الإعلام الإسلامی، الطبعة الأولى، قم المقدسة.

[2] توضیح المسائل «المحشى للإمام الخمینی»، ج2، ص756 و 757، ملحقات رسالة الإمام الخمینی بحاشیة الآیات العظمى فاضل لنکرانی و نوری همدانی.

[3] توضیح المسائل «المحشى للإمام الخمینی»، ج2، ص: 762، مسألة 2823.

[4] أجوبة الاستفتاءات «بالفارسیة»، ص: 230، س 1055.

[5] توضیح المسائل «المحشى للإمام الخمینی»، ج2، ص 760، 761، 762.

[6] میر لوحی، السید محمد هادی، إعلام الأحباء فی حرمة الغناء فی القرآن و الدعاء، محقق و مصحح، صادقی، محسن، نشر ـ مرصاد، 1418 هـ ق، الطبعة الأولى، قم؛ دارابی، محمد، مقامات السالکین، محقق و مصحح، نبوی، سید جعفر، نشر مرصاد، 1418 هـ ق، الطبعة الأولى، قم؛ مختاری، رضا و صادقی، محسن، الغناء، الموسیقى، مکتب الإعلام الإسلامی، الطبعة الأولى قم المقدسة.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280465 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    259118 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129816 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    116202 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89697 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61314 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60564 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57472 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    52091 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    48156 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...