Please Wait
6931
نحن الآن فی عصر «الغیبة الکبرى» و هی عصر النیابة العامة، بمعنى أن هدایة الشیعة موکولة إلى الفقهاء و العلماء الأعلام، و الذین یعینون وفقاً لشروط و ضوابط کهداة للشیعة، و على الناس أن یسمعوا و یطیعوا لهؤلاء العلماء الفقهاء.
و أما فیما یخص الإجابة عن السؤال القائل: لماذا لم یؤلف الإمام (عج) کتاباً زمن غیبته لیرجع إلیه الناس و العلماء، فمن الممکن الإشارة إلى جملة أسباب و عوامل منها:
1ـ إن غیبة الإمام بأمر من الله تعالى و على أساس المصلحة الموجودة فی هذا الأمر، و مما یذکر کفلسفة للغیبة عدم وجود الاستعداد الکامل للناس حتى یقبلوا الإمام نفسه، فهل من الممکن لهم أن یقبلوا کتابه، إن مشکلة البشر لا تنحصر بوجود کتاب من ناحیة الإمام، فلو أن الناس کانوا على استعداد کافٍ فإن ما بین أیدینا من تعالیم القرآن و أهل البیت کافٍ[1].
2ـ و مع الأخذ بنظر الاعتبار أن من خصوصیات زمن الغیبة و المصالح المترتبة علیها هو ان لا یکون لعامة الناس اتصال بالإمام(عج)، فلو أن الامام أعد کتاباً فی مثل هذه الظروف لکثر أصحاب الإدعاء فی کتابة هذا الکتاب إضافة إلى نسبه الکثیر من المدونات و المطالب إلى الإمام (عج) و بذلک یختلط الحق بالباطل مما یؤدی إلى صعوبة التشخیص و التباس الأمور کما نشاهد فی هذه الأیام کثرة من یدعی اللقاء بالإمام و رؤیته حتى تحولت هذه القضیة إلى منطلق لسوء الاستفادة و تحقیق المأرب.
3ـ إن غیبة الإمام غیابٌ عن الأنظار فقط، و لکنه لیس بغائب بلحاظ النظر المعنوی، و لم تنقطع علاقته بالأمة، فقد ورد الحدیث عن النبی (ص) فی وصف غیبته (عج) مؤکداً هذا المعنى و ذلک فی قوله (ص): «إنهم لینتفعون به و یستضیئون بنور ولایته فی غیبته کانتفاع الناس بالشمس و إن جللها السحاب»[2]. و علیه فالإمام یراقب الأوضاع على الدوام، فلا شک أنه یبادر إلى ذلک و هذا ما جرت علیه الأمور منذ بدایة الغیبة الکبرى و إلى یومنا هذا و لم یترک الإمام الناس و شأنهم فی أی زمن من الأزمان، و من البدیهی أن هدایة الناس لا تنحصر فی کتابة کتابٍ معین.
[1] لأن الإسلام خاتم الأدیان و أکملها على الإطلاق، و إن النبی (ص) هو خاتم الأنبیاء و الرسل، فإن ما کان لازماتً أن یوضح و یبین حتى زمان رحلته (ص) فإنه جمع و بین من خلال القرآن الکریم و ما کان یوحى للنبی، إضافة إلى تفسییر و تبیین معانی الآیات و إیضاح المعانی السامیة من قبل النبی(ص) و أهل بیته(ع) حتى زمن الغیبة الکبرى لإمام العصر(عج) و ذلک عن طریق روایات المعصومین التی عالجت المسائل المستجدة، و بعد ذلک عین الإمام المهدی (عج) تکلیف الأمة حیث قال: «أما الحوادث الواقعة فارجعوا فیها إلى رواة حدیثنا، فإنهم حجتی علیکم و أنا حجة الله علیهم» وسائل الشیعة، ج 27، ص 140، 33424.
و فی هذا العصر لم تؤخذ الأحکام الفقهیة من القرآن و السنة بشکل مباشر، وضعت القواعد الأصولیة و الفقهیة التی یرجع إلیها الفقیه الجامع للشرائط مع الأخذ بنظر الاعتبار الأصول التی وضعت من قبل أئمة الشیعة (ع) و بالتحلیل و الاستدلال العقلی ضمن إطار القرآن و سنة النبی الأکرم (ص) تستنبط الأحکام الشرعیة و علیه فإن تکلیف الجمیع واضح.
[2] بحار الأنوار، ج 52، ص 92، ـ 8ک.