Please Wait
5300
حق القصاص هو من الحقوق التی تحصل علی أثر الجنایة العمدیّة، فحیث کانت الجنایة واقعة علی نفس المجنیّ علیه فبالطبع سیکون له حق القصاص یستوفیه بنفسه، و لکن حیث أن القتیل لا یمکنه أن ینتفع بهذا الحق بسبب موته فیکون هذا الحق جزءً من ترکته فینتقل الی الورثة و یکون مشترکاً بینهم و یقسّم بینهم علی أساس حصّة کل منهم من الترکة، إذن فالقصاص یورث کباقی أموال المیت. و لکن علماء الإمامیة أجمعوا علی أن الزوج و الزوجة لا یتم بینهما توارث حق القصاص.
من الأمور المسلّمة إننا لا نستطیع التوصل إلی فلسفة الأحکام الشرعیة و کیفیة تشریع الأحکام الجزائیة و التعرّف علی جمیع أسرارها و حکمها. و لکن من الناحیة الفقهیة و الحقوقیة و التی هی مورد سؤالکم یمکننا الاشارة إلی بعض موارد التناسب القانونی.[1]
إن حق القصاص هو من الحقوق التی تحصل علی أثر الجنایة العمدیّة، فحیث کانت الجنایة واقعة علی نفس المجنیّ علیه فبالطبع سیکون له حق القصاص و استیفاء هذا الحق، و لکن حیث ان القتیل لا یمکنه أن ینتفع بهذا الحق بسبب موته فیکون هذا الحق جزءً من ترکته فینتقل الی الورثة و یکون مشترکاً بینهم و یقسّم بینهم علی أساس حصّة کل منهم من الترکة، إذن فالقصاص یورث کباقی أموال المیت. و حقّ العفو أیضاً تابع لحق القصاص، أی أن الذی یکون له حق القصاص هو الذی یمکنه أن یعفو.
و لکن علماء الإمامیة اجمعوا علی أن الزوجین – مع أن أحدهما یرث من الآخر بشروط مذکورة- لکنهما محرومان من توارث حق القصاص. [2]
دلیل عدم وراثة حق القصاص من قبل الزوج و الزوجة:
1- الاجماع: إن أهم ما ذکر فی هذا الباب من دلیل هو الاجماع. و لقد کان هذا الدلیل قویاً عند الفقهاء إلی الدرجة التی نری فتواهم الی الیوم علی عدم إرث حق القصاص بین الزوج و الزوجة. [3] و لکن و کما صرّح البعض [4] فإنه لم تصلنا فعلاً روایة علی عدم إرث حق القصاص بین الزوج و الزوجة و لکن حیث أن هذه مسألة إجماعیة، فلا یبعد أن تکون هناک روایات بذلک و لکنها لم تصل الینا. نعم هناک روایة حول عدم إرث النساء من حق القصاص، و سنشیر إلیها فی القسم التالی.
2- انتفاء الولایة: طبقاً للآیة القرآنیة التی تقول: « وَ لا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتی حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِیِّهِ سُلْطاناً فَلا یُسْرِفْ فِی الْقَتْلِ إِنَّهُ کانَ مَنْصُوراً» [5] فإن الله جعل حق القصاص لأولیاء الدم، و لا یبعد أن یکون المراد بهم: من تکون بینهم رابطة الدم. و کما تعلمون، فإن الزوج و الزوجة و إن کان بینهما روابط عاطفیة قویّة و لکن الرابطة الحاصلة بینهما من جهة العقد فقط رابطة سببیّة، فلا یعتبرون من أولیاء الدم، نعم ربما کان الزواج عائلیّاً، أی یکون الزوج و الزوجة ابنی عمّ مثلاً ففی مثل هذه الحالة یمکن للزوج أن یرث حق القصاص، و الزوجة کذلک ترث حق قصاص زوجها (ابن عمها) – بناء علی رأی فقهاء الشیعة فی إرث النساء من حق القصاص و العفو. و لکن إن رضی أولیاء الدم بالدیة فإنه یرث کل من الزوج و الزوجة من دیة الآخر. [6]
من هم الذین یمکنهم التصرّف بحق القصاص؟
کما تقدم فإن المشهور بین علماء الإمامیة أن الزوجة و الزوج لا یمتلکان حق القصاص بینهما. [7] و الفقهاء الذین ذهبوا إلی ذلک علی قسمین:
ذهب الفریق الأول منهم الی أن وارث القصاص و المتولّی له هو الذی یرث أموال القتیل سواء أکان رجلاً أو امرأة من الأقرباء بلا واسطة و حتی الذین یرتبطون بالقتیل بواسطة الأب أو الأم. و أصحاب هذا الرأی یذهبون إلی أن کل من یرث شیئاً من أموال المیت فإنه یکون له حق القصاص أیضاً. نعم الزوجة و الزوج مع أنهما یرثان من أموال بعضهما البعض، و لکنهما محرومان من إرث القصاص بسبب الاجماع، و لکن لا دلیل لدینا علی استثناء باقی النساء من هذه القاعدة. [8] و هذا الفریق یری أن الروایات التی یستدلّ بها الفریق الثانی و هی التی تستثنی النساء – ضعیفة السند. [9]
و ذهب الفریق الثانی الی أن حق القصاص یثبت للذکور من الأقرباء المنتسبین للقتیل من جهة الأب، و لا یثبت حق القصاص للأقرباء من جهة الأم ذکوراً کانوا أم إناثاً. [10]
و قد أشار أصحاب هذا الرأی إلی بعض روایات هذا الباب.[11]
[1] لاحظ: موضوع فلسفة الأحکام.
[2] «فإنهما لا یستحقان قصاصاً اجماعاً بقسمیه» النجفی، جواهر الکلام فی شرح شرائع الإسلام، ج42، ص283، قرص جامع فقه أهل البیت.
[3] لاحظ: الشیخ الطوسی، الخلاف، ج5، ص178، مکتب النشر الإسلامی، قم، 1407 ق، تحریر الوسیلة، ج2، ص534.
[4] قالوا باستثناء الزوجین کما قاله الشیخ و لم اقف فیه علی خبر. الشوشتری، محمد تقی، النجعة فی شرح اللمعة، ج11، ص309، منشورات الصدوق، طهران، 1406 ق.
[5] الاسراء، 33.
[6] النجفی، جواهر الکلام فی شرح شرائع الإسلام، ج42، ص283.
[7] الشهید الثانی، مسالک الافهام الی آیات الأحکام، ج4، ص220، دار المعارف الإسلامیة، قم 1413، المدنی الکاشانی، الحاج آقا رضا، کتاب القصاص للفقهاء و الخواص، ص162، مغنیة، محمد جواد، فقه الإمام الصادق(ع)، ج6، ص323.
[8] یرث القصاص من یرث المال عدا الزوج و الزوجة، لاحظ: تحریر الوسیلة، ج2، ص534.
[9] احتج الشیخ علی قوله فی الاستبصار بما رواه ابو العباس عن الصادق (ع) قال لیس للنساء عفو و لا قود (و الجواب): المنع من صحة السند لاحظ: الحلی، فخر المحقّقین، ایضاح الفوائد فی شرح مشکلات القواعد، ج4، ص622.
[10] الخسرو شاهی، قدرت الله، فلسفة القصاص فی الإسلام، ص115.
[11] الکافی، ج7، ص357، وسائل الشیعة، ج36، ص87، عن أبی عبد الله قال قلت هل للنساء قود أو عفو؟ قال: "لا. و ذلک للعصبة".