Please Wait
8485
طرحت نظریات عدیدة بخصوص موضوع طی الأرض، احد هذه النظریات هی نظریة "الإعدام و الإیجاد" لابن عربی، و طبقاً لهذه النظریة، فان الشخص "یعدم" نفسه فی مکان المبدأ و "یوجد" نفسه فی المکان المقصود. اما النظریة الأخرى فترى: أن المقصود بطی الأرض، انتقال الجسم بشکل سریع عن طریق القدرة الروحیة العالیة للشخص.
على کل حال أی من النظریتین نقبلها و نتبناها لابد من القول إن هذا الأمر لیس مقدوراً لجمیع الناس، و انما یتحقق هذا الأمر فقط للأولیاء الإلهیین.
بخصوص حقیقة "طی الأرض" و توضیح هذا المفهوم و التحلیل العقلائی له طرحت نظریات عدیدة من قبل العلماء، احد هذه النظریات، هی نظریة "الإعدام و الإیجاد" و التی طرحت من قبل محی الدین بن عربی و قد أید علماء کبار هذه النظریة أیضا، و طبقاً لهذه النظریة فان الشخص "یعدم" نفسه فی مکان المبدأ و "یوجد" نفسه فی المکان المنشود.
إن أصل هذه المعنى یرتکز على الحرکة الجوهریة الفلسفیة أو مسألة تجدد الأمثال العرفانی. و حسب "تجدد الأمثال" فان جمیع الموجودات، اعم من الموجودات المادیة و غیر المادیة، و حسب الحرکة الجوهریة فان الموجودات المادیة هی التی وحدها تعدم فی لحظة و توجد فی اخری عن طریق إفاضة جدیدة فی اللحظة التی تلیها، بالرغم من الظاهر الثابت و المستقر لهذه الموجودات. بعبارة أخرى، إن الموجودات تستمد فیض الوجود من مصدر الوجود فی کل لحظة، و بهذه الطریقة یتأمن بقاؤها و استمرارها فی الوجود، و لو ان هذا الفیض تأخر عنهم و لو للحظة و لم یصل إلیهم بشکله المستمر. فسوف تبقى جمیعها فی حالة العدم.
لکی تتضح المسألة لا یخلو من فائدة أن نذکر هنا موضوع اضاءة المصباح کمثال و الذی یکون ظاهراً مستمراً و لکنه فی الواقع سّیال، نرى أن المصباح الکهربائی یضیء فی کل لحظة یزود فیه بالطاقة الکهربائیة من مصدر الطاقة الرئیسی، و إذا انقطع التیار الکهربائی للحظة، نرى أن هذا المصباح ینطفئ و یعم الظلام فی ذلک المکان و بتعبیر أفضل، إن المصباح ینطفئ فی کل لحظة و فی کل آن، بسبب حالة الإطفاء الذاتیة التی یتصف بها، و فی اللحظة التالیة و عن طریق استلام شحنة جدیدة من الطاقة الکهربائیة یتقد المصباح، و على هذا المنوال سوف یستمر المصباح بالاضاءة بشکل مستمر (ظاهراً) و بما ان عملیة الإطفاء تحدث بسرعة کبیرة جداً فنحن لا نشعر بها و نتصور أن المصباح یضیء بشکل مستمر.
إن موجودات العالم تکون بهذا الشکل، حیث انهم یعدمون فی کل لحظة و یوجدون فی اللحظة التی تلیها عن طریق إفاضة جدیدة، و لکن بسبب ان هذا الإعدام و الإیجاد یتحقق و یحدث بسرعة کبیرة فإننا لا نشعر به، بل نشعر على العکس من هذه الحالة حیث نرى أن وجود الأشیاء وجود ثابت و مستمر.
إن الشخص الذی له القدرة على طی الأرض فانه فی الواقع یفصل ظرف إیجاده عن ظرف إعدامه، و ینقل نفسه فی آن واحد من مکان إلى المکان الآخر المقصود. و بدون أن یحدث أی تغییرات فی الموجودات الأخرى أو یغیر الملاکات الزمانیة و المکانیة لهم، و ان هذا الشخص حتى لو لم یطوی الأرض، فانه فی حالة من الإعدام و الإیجاد فی کل لحظة فی الظروف الاعتیادیة، و کذلک عندما یفعل ذلک یطوی الأرض فانه فی حالة من الإعدام و الإیجاد
و لکن بوجود فارق واحد و هو أن ظرف إیجاده یختلف عن ظرف إعدامه، حیث انه قبل عملیة طی الأرض کان یوجد فی نفس المکان الذی یعدم فیه و لکن عندما یطوی الأرض فانه یعدم فی مکانه الأول و یوجد فی مکان آخر.
هذا ما نستطیع أن نبینه من خلاصة لتحلیل مسألة "طی الأرض" بالاستناد إلى نظریة محی الدین بن عربی.[1]
و طبقاً لنظریة أخرى؛ إن طی الأرض هو عبارة عن: أن الإنسان و بسبب القدرة الروحیة العالیة و السامیة له، و بسبب الریاضة الروحیة و مجاهدة النفس، یصبح ذا روح قوّیة و یصطبغ بدنه بصبغة الروح و یکون تبعاً لها، و کما ان لهذه الروح القدرة و الإمکانیة فی السیر و السلوک بسرعة عالیة و الاطلاع و الإشراف على حقائق الکون، کذلک یصبح للبدن القدرة على الانتقال و الحرکة بسرعة قصوى فی جمیع العوالم.
و ان طی الأرض الذی یحدث لأولیاء الله یکون ناتجاً من تهذیب الروح و الریاضة الشرعیة، و على أثر ذلک، یصطبغ البدن بصبغة الروح، و ان القوة التی توجد فی الروح سوف تتواجد بالبدن أیضاً.[2]
سما هذا البدن الترابی إلى الأفلاک بسبب العشق
و رقص الجبل و أصبح نشطاَ[3]
1- الأسئلة و الأجوبة الطلابیة، محمد رضا کاشفی، ص11، العرفان و التصوف، ص 145- 146.
2- هدیة السماء، سید یوسف ابراهیمیان، ص 525.
[3] تعریف للبیت الفارسی:
جسم خاک از عشق بر افلاک شد
کوه در رقص آمد وچالاک شد