Please Wait
5283
تصنّف القیم الى قسمین:
1. القیم العامة، و هی التی تعد قیماً و مثلاً لدى جمیع الشعور و المذاهب و تحظى بأهمیة خاصة؛ کالعدالة، الانسانیة، الحریة و.....
2. القیم و المثل القومیة و المذهبیة، فربما تعد قیما و مثلا لدى قوم و لکنها تعتبر من الامور المضادة للقیم عند قوم آخرین.
و بعد هذه المقدمة نثیر بعض التساؤلات التی یتضح من خلالها الاجابة عن السؤال المطروح:
الاول، هل ما تقوم به بعض الدولة -فی وسائل إعلامها الموجه للشعوب الأخرى- من تحریف لمفهوم الحریة و تصویره بأنه یعنی الاباحیة و التهور و المثلیة الجنسیة و... هل یعد ذلک من مصادیق التبادل الحضاری و التلاقح الثقافی؟!
الثانی، هل یؤمن انسان عاقل بان ما تقوم بعض الدول من نشر للاقراص المدبجة و الکتب المنحرفة فی اوساط شباب الدول الأخرى، أنها تبغی من وراء ذلک صلاحهم و خیرهم؟ و هل یعد ذلک من مصادیق التبادل الثقافی؟
الثالث. هل ما تقوم به بعض الدول من حرف بوصلة شباب الدول الأخرى من التوجه نحو العلم و المعرفة و الاکتشافات و التطور التکنلوجی و الأخلاقی و تمیل بهم نحور الاعتیاد و البطالة و الکسل، هل یعد عملها هذا تبادلا ثقافیاً و حضاریاً؟!
و من الواضح أن التأمل فی هذه التساؤلات یکشف لنا بوضوح لا لبس فیه الاجابة عن السؤال المطروح و ان القضیة لیست مجرد تلاعب بالالفاظ أو تزویق للمفاهیم و انما هی أعمق مما نتصوره.
نعم، لو کان التبادل الثقافی و حوار الحضارات یدور حول إشاعة القیم و الاخلاق، الکمال، المعرفة، بث روح الانسانیة و تبادل الخبرات فی إعمار الارض و سائر القیم التی یرتضیها العقل و الفطرة، فنحن على أتم الاستعداد لتلقی ذلک بالقبول و الرضا؛ لکن لن نقبل بحال من الاحوال إشاعة روح التهاون و الکسل و بث الفوضى و الاعتیاد و... بل نعد ذلک من أقبیح صور الهجوم الثقافی و تدمیر قیم الشعوب.تصنّف القیم الى قسمین:
1. القیم العامة، و هی التی تعد قیما و مثلا لدى جمیع الشعور و المذاهب و تحظى بأهمیة خاصة؛ کالعدالة، الانسانیة، الحریة و.....
2. القیم و المثل القومیة و المذهبیة، فربما تعد قیما و مثلا لدى قوم و لکنها تعتبر من الامور المضادة للقیم عند قوم آخرین.
و یعتمد المستعمرون فی هجومهم الثقافی على الصنفین معا لاجل إغفال الآخرین و خداعهم و حرفهم عن قیمهم الخاصة. و لکن تختلف طریقة التصدی فی الحالتین فلکل من الصنفین أسلوب خاص به.
ففی القسم الاول، بما ان تلک القیم عقلیة و فطریة و انها مقبولة لدى جمیع الاقوام و الشعوب، من هنا لا یتم التصدی لها و مواجهتها بصورة مباشرة، بل یسعون لتحریفها؛ فعلى سبیل المثال یلقون فی روع الناس بان العدالة تعنی المساواة و بما أن بلادکم لا توجد فیها المساواة إذن هی تفتقد العدالة، بل تعیش الظلم بعینه؛ کذلک یتم تلقین الشعوب بان الانسانیة تقتضی الدفاع عن الجمیع حتى المجرمین و المفسدین منهم؛ او أن الحریة تعنی الانفلات لتشمل الهرج و المرج و... و فی الحقیقة أن محور التحرک هنا یکمن فی الاستفادة من القیم و استغلالها للوصول الى اللاقیم.
اما القسم الثانی، فلابد من العلم بان لکل أمة، قوم، جماعة، مذهب و... قیماً قد تعد لدى غیرهم من الامور المضادة للقیم.[1]
نشیر على سبل المثال الى نموذجین:
الف: نجد هناک الکثیر من الدول الغربیة تعد العری النسبی للمرأة و الرجل فی الاماکن العامة أمراً طبیعیا! و الحال أن هذه الامور تعد فی الوسط الاسلامی و بعض الشعوب غیر الاسلامیة أمراً مستهجنا و قبیحاً.[2]
ب. لشدید الأسف نرى فی هذ الایام بعض الدول التی تدعی التحضر و المدنیة تشرّع بعض الاعمال من قبیل اللواط و الزنا بنحو صارخ بحیث یتصدى بعض رؤساء تلک الدول للدفاع عن هذه القضیة تحت ذریعة الدیمقراطیة و القیم تارة، و البعض الآخر یتخذ من حقوق الانسان ذریعة للدفاع عنها تارة أخرى؛ و الحال أن مثل هذه الاعمال تعد لدى المسلمین و غیرهم من الشعوب الاخرى، من الأمور المضادة للقیم و المخالفة لفسلفة الخلقة.
والجدیر بالذکر أن بعض الدول المعادیة تقوم بالاستفادة من المواد المخدرة و أقراص الهلوسة لاغفال بعض الناس و خاصة شریحة الشباب منهم، و العجب فی الأمر أنها تعد الاعتیاد و الهلوسة عملا منافیا للقیم و التحضر و مضادا للاخلاق لکنها فی نفس الوقت و من أجل تحقیق أهدافها لا تتورع عن نشر تلک الظاهرة بین شباب الشعوب الأخرى!!
و فی ختام البحث نثیر بعض التساؤلات و نترک لکم الاجابة عنها لتصلوا من خلالها الى جواب السؤال المطروح.
الاول: هل یعد نشر ثقافة الجنس المخالف و المثلیة و الاختلاط و الانحراف، المیوعة، اللواط، التخنث و... من مصادیق التلاقح الثقافی و حوار الحضارات؟!
الثانی: هل الدول التی تقوم بنشر الاقراص المدبجة و الکتب المنحرفة فی اوساط الشباب تبغی من وراء ذلک صلاحهم و خیرهم؟ و هل یعد ذلک من مصادیق التبادل الثقافی؟
الثالث. ما تقوم به بعض الدول من حرف بوصلة شباب الدول الأخرى من التوجه نحو العلم و المعرفة و الاکتشافات و التطور التکنلوجی و الاخلاقی و تمیل بهم نحور الاعتیاد و البطالة و الکسل، هل یعد عملها هذا تبادلا ثقافیا و حضاریاً؟!
نعم، لو کان التبادل الثقافی و حوار الحضارات یدور حول اشاعة القیم و الاخلاق، الکمال، المعرفة، بث روح الانسانیة و تبادل الخبرات فی اعمار الارض و سائر القیم التی یرتضیها العقل و الفطرة، فنحن على أتم الاستعداد لتلقی ذلک بالقبول و الرضا؛ لکن لن نقبل بحال من الاحوال إشاعة روح التهاون و الکسل و بث الفوضى و الاعتیاد و... بل نعد ذلک من اقبیح صور الهجوم الثقافی و تدمیر قیم الشعوب.
[1] عادة ما یلقی الاعداء فی هذا المجال عدة من الاتهامات الواهیة للسعی من اجل تصویر قیمنا بالامور الساذجة و السفیه، یمکن الرجوع فی هذا المجال الأمثل فی تفسیر کتاب الله المنزل، ج16، ص: 33، نشر مدرسة الامام علی بن ابی طالب (ع)، الطبعة الاولى، 1421هـ، قم المقدسة.
[2] انظر: "تفسیر هدایت، ج 17، ص 34، محمد تقی المدرسی، ناشر: مرکز الدراسات الإسلامیة فی الروضة الرضویة المقدسة، 1419 هـ، الطبعة الأولى، مشهد.