بحث متقدم
الزيارة
6688
محدثة عن: 2012/02/14
خلاصة السؤال
ما معنى قول أمیر المؤمنین (ع): "إِنَّ اللَّهَ سکت لکم عن أَشیاء و لم یدعها نسیاناً، فلا تتکلَّفُوهَا"؟
السؤال
ما معنى قول أمیر المؤمنین (ع): "إِنَّ اللَّه افترض علیکمُ الفرائض، فلا تضیِّعوها؛ و حدَّلکُم حدوداً، فلا تعتدُوها؛ و نهاکُم عن أَشیاء، فلا تنتهِکُوها؛ و سکت لکُم عن أَشیاء و لم یدعها نسیاناً، فلا تتکلَّفُوها"؟
الجواب الإجمالي

قال أمیر المؤمنین (ع) فی هذا المقطع من کلامه: " إِنَّ اللَّه افترض علیکمُ الفرائض، فلا تضیِّعوها؛ و حدَّلکُم حدوداً، فلا تعتدُوها؛ و نهاکُم عن أَشیاء، فلا تنتهِکُوها؛ و سکت لکُم عن أَشیاء و لم یدعها نسیاناً، فلا تتکلَّفُوها".

یعنی أن فرائض اللّه: واجبات دینه. و حدوده: نهایات ما أباحه من نعمه و رخّص فیه. و الأشیاء المنهىّ عنها: ما جاوز حدوده من المحرّمات و الرذائل. و ما سکت عنه کتکلیف دقایق علم لا نفع له فی الآخرة فإنّه لم یسکت عنه نسیانا لتقدّسه عن ذلک بل لعدم فایدته الأخرویّة و استلزام الاشتغال به ترک الاشتغال بعلم نافع فیلزمه المضرّة.

و بطبیعة الحال، ان الغور و الانغماس فی الکثیر من المسائل المعقدة الکلامیة و الفلسفیة او فلسفة الاحکام – خاصة لعامة الناس من غیر العلماء و المفکرین- قد لا یؤدی الى نتیجة ایجابیة، بل من المحتمل أن یؤدی الى الانحراف العقائدی. و لا یعنی قوله (ع): " فلا تتکلفوها" النهی عن السعی و المثابرة و الجهد العلمی فی اکتشاف اسرار الاشیاء و اختراع ما ینفع الناس و اکتشاف المخزون فی باطن الارض للانتفاع به، بل المراد من العبارة ان الانسان المؤمن ینبغی علیه ان یکون همه منصبا على الامور ذات الفائدة و النفع على المستویین الدنیوی و الاخروی، و ترک الامور التی لا تخرج عن کونها مجرد فرضیات تجریدیة لا یوجد أدنى احتمال لتحققها فی الخارج.

الجواب التفصيلي

قال أمیر المؤمنین (ع) فی هذا المقطع من کلامه: " إِنَّ اللَّه افترض علیکمُ الفرائض، فلا تضیِّعوها؛ و حدَّلکُم حدوداً، فلا تعتدُوها؛ و نهاکُم عن أَشیاء، فلا تنتهِکُوها؛ و سکت لکُم عن أَشیاء و لم یدعها نسیاناً، فلا تتکلَّفُوها".

یعنی أن فرائض اللّه: واجبات دینه. و حدوده: نهایات ما أباحه من نعمه و رخّص فیه. و الأشیاء المنهىّ عنها: ما جاوز حدوده من المحرّمات و الرذائل. و ما سکت عنه کتکلیف دقایق علم لا نفع له فی الآخرة فإنّه لم یسکت عنه نسیانا لتقدّسه عن ذلک بل لعدم فایدته الأخرویّة و استلزام الاشتغال به ترک الاشتغال بعلم نافع فیلزمه المضرّة.[1]

و ذهب بعض الاعلام الى ان الامام (ع) یشیر الى سکوته تعالى عن بعض المسائل المباحة؛ کعلم النجوم و الحساب و الهندسة و الشعر و الصناعات الدقیقة و... و لم یترکها بسبب النسیان و الغفلة عنها، و انما ترکها لعدم الاهتمام بها فلا تکلفوا انفسکم عناء السؤال عنها.[2]

و بطبیعة الحال، ان الغور و الانغماس فی الکثیر من المسائل المعقدة الکلامیة و الفلسفیة او فلسفة الاحکام – خاصة لعامة الناس من غیر العلماء و المفکرین- قد لا یؤدی الى نتیجة ایجابیة، بل من المحتمل أن یؤدی الى الانحراف العقائدی. من هنا یحاول أمیر المؤمنین (ع) الاشارة الى الطریق الصحیح فی التعامل مع الدساتیر و الاوامر الالهیة و الایمان بان الله تعالى قد وضع برنامجا کاملا لحیاتهم فما صدر من الله یجب الالتزام و التقید به؛ لان صدوره یکشف عن ضرورته، و یترک للوحی[3] هو الذی یقرر القوانین الصالحة و یسکت عن البعض و یؤجل البعض الى شعار آخر ان شاء، و لاریب ان القرآن کتاب هدایة تکفل بوضع برنامج لسعادة الانسان و حاجاته المعنویة و الاخذ بیده نحو الصلاح و الفلاح.[4] و ما سکت عنه لم یسکت عنه جهلا او نسیانا او غفلة لانه تعالى منزه عن ذلک کله. اضف الى ذلک ان العبارة تکشف بان بعض الاشیاء یمکن الرجوع فیها الى العقل البشری و مدى سعی الناس و مثابرتهم فی حل مشاکلهم، فلا یعنی قوله (ع): " فلا تتکلفوها" النهی عن السعی و المثابرة و الجهد العلمی فی اکتشاف اسرار الاشیاء و اختراع ما ینفع الناس و اکتشاف المخزون فی باطن الارض للانتفاع به، بل المراد من العبارة ان الانسان المؤمن ینبغی علیه ان یکون همه منصبا على الامور ذات الفائدة و النفع على المستویین الدنیوی و الاخروی، و ترک الامور التی لا تخرج عن کونها مجرد فرضیات تجریدیة لا یوجد أدنى احتمال لتحققها فی الخارج، وقد حث النبی الاکرم (ص) على العلم النافع کما فی الحدیث المروی عنه (ص) " اطْلُبُوا الْعِلْمَ وَ لَوْ بِالصِّینِ فَإِنَّ طَلَبَ الْعِلْمِ فَرِیضَةٌ عَلَى کُلِّ مُسْلِمٍ".[5]

و من منا یجهل الوصیة المعروفة: "اعْمَلْ لِدُنْیَاکَ کَأَنَّکَ تَعِیشُ أَبَداً وَ اعْمَلْ لآِخِرَتِکَ کَأَنَّکَ تَمُوتُ غَداً..."[6]، الشاملة لجمیع مناحی الحیاة الاقتصادیة و المالیة و السیاسیة و الزراعیة و فی کسب المعارف النظریة و التجریبیة.



[1] شرح‏نهج‏البلاغة (ابن‏میثم البحرانی)، ج 5 ، ص 294.

[2] نواب لاهیجی، میرزا محمد باقر، شرح نهج البلاغة، ص 301، نشر اخوان کتابچی، طهران، بلا تاریخ.

[3]المراد من الوحی الاعم من وحی القرآن و وحی السنة الشریفة.

[4] انظر: جامعیة القرآن، 3723 (الموقع: 4760).

[5] المجلسی، بحار الانوار ج 1، ص 180، مؤسسة الوفاء، بیروت، 1049ق.

[6] . الحر العاملی، وسائل الشیعة، ج 17، ص 76، آل البیت، قم، 1409ق.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280273 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258850 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129648 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115694 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89575 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61076 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60380 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57382 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51659 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47724 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...