بحث متقدم
الزيارة
6233
محدثة عن: 2012/03/13
خلاصة السؤال
ما تفسیر قوله تعالى \"روحاً من أمرنا\"؟
السؤال
الآیة\"وَ کَذَالِکَ أَوْحَیْنَا إِلَیْکَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا کُنتَ تَدْرِى مَا الْکِتَابُ وَ لَا الْایمَانُ وَ لَاکِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نهَّدِى بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَ إِنَّکَ لَتهَدِى إِلىَ‏ صِرَاطٍ مُّسْتَقِیم\" الشورى 52، ما المراد من قوله \"روحاً من أمرنا\"؟
الجواب الإجمالي

تعدد آراء المفسرین فی بیان المراد من قوله تعالى "روحا من امرنا" فمنهم من قال المراد من "الروح" فی هذه الآیة هو القرآن و ذلک لوجود قرائن تدل على ذلک؛ و منهم من ذهب الى القول بان المراد منه إما جبرئیل أو ملک أعظم حتی من جبرئیل و میکائیل یرافق النبی (ص) دائماً، و ذهب فریق ثالث الى القول بان المراد منها الرحمة الإلهیة. لکن الاکثر یرجحون الرأی الاول.

الجواب التفصيلي

یقول الله سبحانه فی هذه الآیة"وَ کَذَالِکَ أَوْحَیْنَا إِلَیْکَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا  مَا کُنتَ تَدْرِى مَا الْکِتَابُ وَ لَا الْایمَانُ وَ لَاکِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نهَّدِى بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا  وَ إِنَّکَ لَتهَدِى إِلىَ‏ صِرَاطٍ مُّسْتَقِیم". [1] أما ما هو المراد من "الروح" فی آیة "أَوْحَیْنَا إِلَیْکَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا"؟ فقد بین المفسّرون عدة آراء فیها:

أولاً: إن المراد من "الروح" فی هذه الآیة هو القرآن،[2] و ذلک لکون القرآن: سبباً للحیاة الأخرویة.[3] و هذا المعنى ینسجم بشکل کامل مع القرائن المختلفة الموجودة فی هذه الآیة، مثل التعبیر بـ "کذلک" التی تشیر إلى مسألة الوحی و کذلک التعبیر بـ "أوحینا"، و کذلک ینسجم مع التعابیر التی جاءت فی ذیل هذه الآیة التی تتکّلم عن القرآن،[4] لکن بعض المفسّرین أشکلوا علی هذا التفسیر.[5]

ثانیاً: إن المراد بـ "روح القدس" إما جبرئیل أو ملک أعظم حتی من جبرئیل و میکائیل یرافق النبی (ص) دائماٌ.[6] کما وردت روایات بهذا المعنی کذلک.[7]

ثالثاً: إن المراد منها الرحمة الإلهیة.[8]

و قد أخذ بعض المفسّرین بالنظریة الأولی نظراً إلی التعابیر التی جاءت فی ذیل هذه الآیة التی تتحدّث عن القرآن فرأوها تنسجم مع هذا القول کاملاٌ ثمّ قالوا بأن الروایات التی تبیّن بأن الروح هو روح القدس أو ملک عظیم المقام عند الله سبحانه، إشارة إلی المعنی الباطنی للآیة.[9]

 

[1] الشورى/ 52.

[2] الطبرسی، فضل بن الحسن، مجمع البیان فی تفسیر القرآن بمقدمة البلاغی، محمد جواد، ج 9، ص 58،انتشارات ناصر خسرو، طهران، الطبعة الثالثة، 1372 ش، المکارم الشیرازی، ناصر، تفسیر الأمثل، ج 15، ص 586، قم، مکتبة أمیر المؤمنین، الطبعة الأولى، النیشابوری محمود بن ابو الحسن، إیجاز البیان عن معانی القرآن، تحقیق: القاسمی، حنیف بن حسن، ج 2، ص 735، دار الغرب الإسلامی، بیروت، الطبعة الأولى، 1415 ق، الحسینی الشیرازی، سید محمد، تبین القرآن، ص 502، نشر دار العلوم، بیروت، الطبعة الثانیة، 1423 ق، مغنیة، محمد جواد، تفسیر الکاشف، ج 6، ص 534، دار الکتب الإسلامیة، طهران، الطبعة الأولى، 1424 ق.

[3] تفسیر الکاشف، ج 6، ص 534، تفسیر الأمثل، ج 15، ص 586.

[4] تفسیر الأمثل، ج 15، 486.

[5] راجعوا: الطباطبائی، سید محمد حسین، المیزان فی تفسیر القرآن، ج 18، ص 75ـ 76، مکتب النشر الإسلامی (دفتر انتشارات اسلامی)، قم، الطبعة الخامسة، 1417 ق.

[6] المیزان فی تفسیر القرآن، ج 5، ص 80، الطیب، سید عبد الحسین، اطیب البیان فی تفسیر القرآن، ج 11، ص 514، انتشارات الإسلام، الطبعة الثانیة، طهران، 1378 ش، السمر قندی، نصر بن محمد بن احمد، بحر العلوم، ج 3، ص 250، بی جا و بی تا، الشریف اللاهیجی، محمد بن علی، تفسیر الشریف اللاهیجی، تحقیق: الحسینی الأرموی، میر جلال الدین، ج 4، ص 62، مکتب نشر العدل (دفتر نشر داد)، طهران، الطبعة الأولى، 1373 ش، الکنابادی، سلطان محمد، تفسیر بیان السعادة فی مقامات العبادة، ج 4، ص 52، مؤسسة الأعلمی للمطبوعات، بیروت، الطبعة الثانیة، 1408 ق.

[7] الکلینی، محمد بن یعقوب، الکافی، ج 1، ص 273، تحقیق و تصحیح الغفاری، علی أکبر و الآخوندی، محمد، دار الکتب الإسلامیة، طهران، الطبعة الرابعة، 1407 ق، کما یقول أمیر المؤمنین (ع): "و لقد قرن الله به ـ صلى الله علیه و آله ـ من لدن أن کان فطیما أعظم ملک من ملاؤکته یسلک به طریق المکارم و محاسن أخلاق العالم، لیله و نهاره..."، الشریف الرضی، محمد بن حسین، نهج البلاغة (صبحی صالح)، تحقیق و تصحیح: فیض الإسلام، ص 300، نشر هجرت قم، الطبعة الأولى، 1414 ق.

[8] الطبری، أبو جعفر محمد بن جریر، جامع البیان فی تفسیر القرآن، ج 25، ص 28، دار المعرفة، بیروت، الطبعة الأولى، 1412 ق.

[9] تفسیر الأمثل، ج 15، ص 586.

 

التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280274 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258855 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129655 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115714 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89578 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61080 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60391 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57383 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51662 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47726 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...