Please Wait
6088
الإسلام فی اللغة یعنی التسلیم، و من هنا سمی الدین الإسلامی بالإسلام، فإن تعالیمه بشکل عام تمثل تسلیم الإنسان مقابل الله تعالى، و إن من آثار هذا التسلیم أن لا یعبد الإنسان أحداً غیر الله، و لا یتقبل أمراً من أحد غیر الله.
و الدین الإسلامی یمثل خلاصة الأدیان الإلهیة فی واقع الأمر، فقد جاء بالصورة الأکمل و الأشمل بالنسبة للأدیان التی سبقته، و الإسلام ـ و کما هی الأدیان السابقة ـ یتضمن ثلاث دوائر أساسیة: العقائد و الأحکام و الأخلاق.
العقائد: عبارة عن الاعتقاد بوحدانیة الله و عدلة، و النبوة و الإمامة و المعاد.
و على أساس الاعتماد على الآیات و الروایات الکثیرة فإن الإسلام الواقعی یتجلى فی مذهب أهل البیت «التشیع»، فالشیعة یعتقدون أن النبی الأکرم (ص) لم یترک الأمة الإسلامیة فی حیرة و تخبط، و إنما ذکر اثنی عشر إماماً معصوماً ـ بأمر من الله ـ من أجل حراسة الإسلام و صیانة أحکامه و تعالیمه و بعنوان خلفاء له من بعده، و أول هؤلاء الأئمة الإمام علی (ع) و آخرهم الإمام المهدی (عج) الذی لجأ إلى الغیبة و بظهوره سیملأ الأرض قسطاً و عدلاً.
و أما فیما یخص دائرة الأحکام فلابد من القول: إن کل فعل یصدر من المکلف لا یخرج بنظر الإسلام عن العناوین التالیة: الواجب، الحرام ، المستحب، المکروه، المباح.
و أما بالنسبة إلى فروع الدین و مناسکه فقد قالوا أنها تشمل العناوین التالیة: الصلاة، الصیام، الحج، الزکاة، الخمس، الجهاد، الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر، و التولی و التبری.
و أما بالنسبة إلى الأخلاق فإن الإسلام قدم منظومة أخلاقیة عدیمة النظیر کدستور عمل یمثل قمة الإنسانیة على مستوى العمل و السلوک و الانسجام مع فطرة الإنسان، و إن محصلة هذا النظام لا تنتهی إلا إلى خیر الإنسانیة و سعادتها فی الدنیا و الآخرة.
جاء الدین الإسلامی کدین خاتم للدیانات أنزله الله سبحانه و تعالى على نبیه الأکرم محمد المصطفى (ص) و ذلک من أجل هدایة البشر و سعادتهم، و هو الدین الذی بشرت بمجیئه الأدیان السابقة و بشرت بنبیه أیضاً، و قد جاء فی القرآن الکریم الذی یمثل معجزة الرسول الأکرم (ص) أن الأنبیاء السالفین بشروا بظهور نبی الإسلام (ص) و حتى أن أهل الکتاب کانوا ینتظرون ظهور نبی الإسلام.[1]
خصوصاً ما ورد على لسان عیسى بن مریم (ع) حیث بشّر بظهور الإسلام و أنه ذکر اسم النبی (ص) و أشار إلیه باسم «أحمد».[2]
کما أن الإسلام کغیره من الأدیان یتضمن ثلاث دوائر أساسیة هی: العقائد، و الأحکام، و الأخلاق، و لکنه یتمیز عن سائر الأدیان بأن ما جاء به هو الأکمل و الأشمل فی هذه المیادین و ذلک لأن الإسلام هو الدین الوحید الذی أنزله الله على آدم (ع) و على خاتم الأنبیاء (ع) و سائر الأنبیاء (ع)، و إنه یتضمن جمیع ما فی صحف إبراهیم (ع) و زبور داوود (ع) و توراة موسى الکلیم و إنجیل عیسى المسیح (ع)، و قد نزل بصورة جامعة و کاملة تضمنها القرآن الکریم الذی نزل على محمد (ص)[3] مصاناً من التحریف و بعیداً عن أیدی التلاعب.
و العقائد هی: الاعتقاد بوحدانیة الله تعالى، و العدالة (عدالة الله سبحانه) و النبوة (إرسال النبی من قبل الله لهدایة البشر)، الإمامة و المعاد.
و فی البعد الاعتقادی یجب على المسلم أن یشهد بنبوة النبی محمد المصطفى (ص) و رسالته، إضافة إلى شهادته بوحدانیة الله تعالى، و فی غیر ذلک لا یمکن أن یکون مسلماً، و إن من لوازم الشهادتین الإیمان بنبوة سائر الأنبیاء و الاعتقاد بیوم المعاد و خاتمیة الدین الإسلامی و الإیمان بالملائکة و الغیب و تصدیق جمیع ما یدعیه نبی الإسلام (ص) إضافة إلى الاعتقاد بضروریات الدین الأخرى، و إن عدم الاعتقاد بأحد المفردات المتقدمة (ضروریات الدین) یؤدی إلى خروج الفرد من دائرة الإسلام، و حیث ان الإسلام دین الفطرة و العقلانیة فإنه لا یقبل التقلید فی الاعتقادات، و إنما یطلب من الإنسان أن یختار دینه على أساس الدلیل و البرهان.[4]
و أما فیما یخص الأحکام فلابد من القول أن أی فعل یصدر من الإنسان لا یخرج عن العناوین التالیة: الواجب، الحرام، المستحب، المکروه، المباح. و قد عبروا عن هذه الأحکام التی جعلها الإسلام لأفعال المکلفین بفروع الدین التی تشمل الصلاة، الصوم، الحج، الزکاة، الخمس، الجهاد، و الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر، التولی و التبری. و إن الالتزام بهذه الأحکام و العمل بها یضمن سعادة البشر.[5]
و العقل یحکم بأن اللازم على کل إنسان أن یکون عارفاً و مختصاً و خبیراً بأحکام الدین و بذلک یعمل برأیه و نظره، و إما أن یرجع إلى شخص یمتلک هذه الخصوصیة (المجتهد الجامع للشرائط).[6]
و أما بخصوص البعد الأخلاقی، فکما أشرنا فی الجواب الاجمالی أن الإسلام قدم أفضل منظومة أخلاقیة إنسانیة کدستور عمل لنبی البشر و إن أهمیة الأخلاق فی الإسلام بلغت مستوى جعل النبی (ص) یلخص الهدف من بعثته و رسالته فی إتمام مکارم الأخلاق.
و حیث لا یمکن الإشارة إلى جمیع خصوصیات الدین الإسلامی العظیم فی مثل هذا المختصر لذلک نکتفی بذکر بعض هذه الخصوصیات بعنوان المثال:
الإسلام یمثل عنوان الرحمة و الرفق بعباد الله و مخلوقاته، و إنه یفرض لکل المخلوقات من الإنسان و غیره حقوقاً. إلى حد أنه جعل من الرحمة بأصغر المخلوقات سبباً لرحمة الله یوم القیامة.[7]
و قد نهى الدین الإسلامی عن الظلم و التعدی على الحیوانات، و إن إرواء شجرة عطشى بمنزلة إرواء شخصٍ مؤمن.[8] و حتى أنه أوصى بالتعامل مع أهل الکتاب و الکفار على أساس العدالة.[9] حتى أن الإمام علیا (ع) أمر بأن یعطى رجلٌ نصرانی مؤنته من بیت المال.[10]
و بالأساس فإن الأساس اللغوی للإسلام ینطوی فی معنى کلمة السلم و السلام، و قد أکد القرآن على أن الإسلام یمثل الصلح و السلم فی قوله تعالى: «یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آَمَنُوا ادْخُلُوا فِی السِّلْمِ کَافَّةً وَ لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّیْطَانِ إِنَّهُ لَکُمْ عَدُوٌّ مُبِینٌ».[11] و فی نظر القرآن فإن السلم الدائم و العالمی و اطمئنان الأمم و استقرارها لا یمکن أن یتحقق إلا من خلال الإیمان بالله تعالى و أن ارتباط المجتمعات البشریة على اختلاف ألسنتها و أعراقها و ثقافاتها و قومیاتها و مواطنها لا یمکن أن یتم إلا عن طریق الإیمان بالله. و إن تمسک الإسلام بالعدالة و إرادتها بلغت حداً جعلته یدعو أهل الکتاب و بکل صراحة و وضوح إلى الوحدة و التعاون و ذلک من خلال خطابه المؤثر المتمثل فی قوله تعالى: « قُلْ یَا أَهْلَ الْکِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى کَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَیْنَنَا وَ بَیْنَکُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَ لا نُشْرِکَ بِهِ شَیْئًا وَ لا یَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ».[12] و عندما هاجر المسلمون إلى المدینة و رفرف لواء النصر على رؤوسهم، عرضت علیهم دعوات الصلح من قبل المناوئین و قد استجاب النبی (ص) لهذه الدعوات، و ما عقده النبی من وثائق الصلح مع بعض الطوائف الیهودیة شاهد صدقٍ على هذا الادعاء و التی وقعت فی العام الأول من الهجرة النبویة. فالإسلام ینشد الصلح و السلم و التعایش العام، و قد قدم فی هذا المیدان أطروحات راقیة و مفیدة.[13]
و الأهمیة التی یولیها الإسلام إلى العلم و المعرفة لا توجد فی غیره من الأدیان إلى حد أوجب معه طلب العلم على کل مسلم.[14] و أن نوم العالم أفضل من عبادة الجاهل.[15] و أن مداد العلماء أفضل من دماء الشهداء[16]، و فی ظل هذه التعلیمات و أمثالها، تمکن المسلمون من الارتقاء إلى ذروة الهرم العلمی فی میدان العلم، و قد قدمت الحضارة الإسلامیة مجموعة من العلماء الأفذاذ الذین ساهموا فی بناء صرح العلوم الإنسانیة من أمثال جابر بن حیان (أبو الکیمیاء) زکریا الرازی (مکتشف الکحول) ابن سینا (أکبر الفلاسفة و أطباء عصره) ابن الهیثم و الخواجة نصیر الدین الطوسی، و قد حظی هؤلاء العلماء باعتراف و إشادة و تمجید علماء الغرب، و لا یمکن لأحد أن ینکر هذا الأمر.[17]
و لا یوجد أی فرق ـ فی نظر الإسلام ـ بین المرأة و الرجل، و لیس للرجل أی میزة على المرأة، و أن الدین الإسلامی یمثل أفضل المدافعین عن شخصیة المرأة و مکانتها و تجلیل قدرها، فقد أعطى مریم العذراء عنوان العبودیة الخالصة و القریبة من الله تعالى.[18] و جعل من امرأة فرعون قدوة و أسوة للمؤمنین.[19] کما جعل من أم موسى (ع) محلاً لتلقی الوحی و الإلهام.[20] و قد جعل الإسلام من المرأة مسکناً و اطمئناناً بالنسبة إلى الرجل.[21] و فی مذهب أهل البیت تعرف المرأة بأنها ریحانة و لیست قهرمانة[22]، و أن فیها خیراً کثیراً.[23] و قد قدمت مرتبة الأم على مرتبة الأب.[24]
و فی نظر الإسلام لا وجود لأفضلیة لأی قوم على قومٍ آخرین و إن تقوى الله هی المعیار الأساسی للتفاضل بین الناس.[25]
و کل إنسان مسؤول عن عمله، و لا یتحمل الإنسان وزر أعمال الآخرین.[26] و إن الله یحب التائبین المقلعین عن الذنوب و یقبلهم و یرحب بهم.[27] و إن الیأس من رحمة الله و غفرانه مذوم و من علامات عدم الإیمان.[28] و إن المسلمین إخوة فی ظل الإسلام.[29] و لا یجوز للمسلم أن یفحش فی القول و یستهزء بالمؤمنین و یتهمهم أو یفتری علیهم.[30] و قد رفع من منزلة المعلم و أعلى شأنه.[31] و جعل النظافة من علامات الإیمان.[32]و... .
أما بالنسبة إلى أتباع الإسلام، فإنهم ینقسمون بشکلٍ کلی إلى شیعة و سنة، و إن التتبع و التحقیق الإجمالی فی آیات القرآن الکریم و أحادیث الرسول (ص) و کذلک الرجوع إلى العقل و سیرة العقلاء یظهر أن تحقق و تجسید الإسلام الحقیقی و الواقعی فی المذهب الشیعی الحق. و الشیعة یعتقدون أنه من غیر المتصور أن یرحل النبی (ص) و لا یعین خلیفة له على أمته لیقودها و یدیر شؤونها.[33] و یرى الشیعة أنه کما أن النبی معصوم لابد أن یکون خلیفته مصوناً من کل معصیة و خطأ حتى تکون له صلاحیة قیادة الأمة الإسلامیة بعد الرسول (ص). و بعبارة أخرى، فإن الشیعة یعتقدون أن النبی (ص) عیّن الخلفاء من بعده و بأمر من الله سبحانه و أن الخلفاء بعد الرسول (ص) 12 شخصاً. أوّلهم علی بن أبی طالب (ع) حتى أن بعض أهل السنة (المعتزلة) یشارکون الشیعة الاعتقاد بأفضلیة الإمام علی على سائر الصحابة.[34] و بعد الإمام علی نصب 10 أئمة هداة بلغوا مرتبة الشهادة فی سبیل الإسلام حتى جاء 260هـ. ق حیث تسلم مقالید الإمامة حجة الله على خلقه و منجی البشریة من الظلم و الجور الإمام المهدی الموعود (عج) و لکنه غاب عن الأنظار بأمر الله و إذنه، و أنه سوف یملأ الارض عدلاً و قسطاً حال ظهوره.[35]
و إن الشیعة یعتمدون فیما یدعون على النصوص القرآنیة و الأحادیث القطعیة الصادرة عن النبی الأکرم (ص).[36]
إن فضائل أهل البیت (ع) و مکانتهم السامیة بلغت حداً فی کلام الرسول (ص) و آیات القرآن لا یمکن إنکاره بحالٍ من الأحوال، حتى أن الکثیر من إخواننا السنة اطلعوا على الواقعیة و اعترفوا بها. إن خطاب الشیعة إلى العالم لا یتجاوز جملة واحدة و هی (اعرفوا الله).[37]
إن معتقدات الإسلام و أحکامه و أخلاقه تنطبق أشد الانطباق على فطرة الإنسان و لم یأت الإسلام بشیءٍ غیر سعادة الإنسان فی الدنیا و الآخرة.
للاطلاع الأکثر راجع المواضیع الآتیة:
1. دلائل أفضلیة الشیعة، س 1265.
2. خصائص و ممیزات الشیعة، س 1270.
[1] مصباح، محمد تقی، طریق و دلیل المعرفة، ص113.
[2] نفسه، ص115؛ الصف، 6.
[3] إن التفاوت بین الأدیان الإلهیة هو فی التشریع فقط، وقد صرح القرآن الکریم بوحدة الدین: «إِنَّ الدِّینَ عِنْدَ اللهِ الإِسْلامُ»؛ سورة آل عمران، 19. انظر: جوادی الآملی، عبد الله، انتظار البشر من الدین، ص 178.
[4] رسالة توضیح المسائل مراجع، م 1.
[5] انظر: الاعتقادات الأولیة للمسلمین، س 888.
[6] نفسه.
[7] میزان الحکمة، ج4، ص 6962
[8] الوسائل، ج17، کتاب التجارة، باب 10.
[9] نهج البلاغة، الرسالة 53.
[10] نفسه.
[11] «یا یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آَمَنُوا ادْخُلُوا فِی السِّلْمِ کَافَّةً وَ لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّیْطَانِ إِنَّهُ لَکُمْ عَدُوٌّ مُبِینٌ»؛ سورة البقرة، 208.
[12] آل عمران، 64.
[13] درر الأخبار، ص 28، ح 11.
[14] بحار الأنوار، ج 74، ص 55، باب العلم و العقل.
[15] نفسه.
[16] نفسه.
[17] انظر: نیک بین، نصر الله، الإسلام فی نظر مثقفی الغرب.
[18] آل عمران، 42.
[19] التحریم، 11.
[20] القصص، 7.
[21] آل عمران، 164.
[22] نهج البلاغة، الرسالة 31.
[23] من لا یحضره الفقیه، ج 3، ص 385.
[24] الکافی، ج 2، ص 162؛ للاطلاع الأکثر یمکن الرجوع إلى الموضوع، المرأة فی الإسلام، سؤال رقم 265.
[25] الحجرات، 13.
[26] الأنعام، 164.
[27] البقرة، 222.
[28] یوسف، 87.
[29] الحجرات، 10.
[30] التفسیر الأمثل، ج 14، ص 370 و 400.
[31] بحار الأنوار، ج 74، باب 165، ح 193.
[32] مستدرک الوسائل، ج 16، باب 319، ح 9.
[33] الطباطبائی، محمد حسین، الشیعة فی الإسلام، ص 128.
[34] انظر: بدایة المعارف، محسن خرازی، فصل الإمامة.
[35] مطهری، مرتضى، الکلام و العرفان، ص 38.
[36] انظر: بدایة المعارف، محسن خرازی، فصل الإمامة.
[37] الطباطبائی، محمد حسین، الشیعة فی الإسلام، ص 236.