بحث متقدم
الزيارة
6006
محدثة عن: 2011/12/31
خلاصة السؤال
ما هی فلسفة غسل الحیض خاصة اذا اخذنا بنظر الاعتبار اهتمام النساء بالنظافة فی هذه العصور؟
السؤال
ما هی فلسفة غسل الحیض خاصة اذا اخذنا بنظر الاعتبار اهتمام النساء بالنظافة فی هذه العصور؟
الجواب الإجمالي

جمیع الاحکام و الدساتیر الالهیة الاسلامیة إنما شرعت لحفظ مصالح الناس و دفع الضرر و الفساد عنهم على المستویین المادی و المعنوی، و لم تهدف الى غایة غیر هذه الغایة السامیة، فالهدف الربانی من وراء تلک التشریعات تأمین الطهارتین المعنویة و المادیة. و لا تنحصر حکمة و اسرار الطهارة و منها الطهارة من الحیض فی النظافة الظاهریة و البدنیة، بل الملحوظ اکثر هو البعد المعنوی الکامن فی هذة التکالیف؛ من هنا اشترط ایقاع الغسل مقرونا بالقربة الى الله تعالى و الا یعتبر فاقداً للاعتبار الشرعی حتى اذا ازیلت کل النجاسات الظاهریة من البدن.

الجدیر بالذکر أن وجوب الغسل لا یعنی کون المرأة موجوداً نجساً فی اثناء العادة الشهریة (الحیض)، بل القضیة تشبة الجنابة عند الرجال، و تشبه کل الامور التی توجب بطلان الوضوء کالنوم مثلا فانها لا توجد نجاسة فی ذات المکلف و انما تخلق حالة جدیدة یحتاج معها الى الوضوء او التیمم.

الجواب التفصيلي

کما هو معروف ان جمیع الاحکام و الدساتیر الالهیة الاسلامیة إنما شرعت لحفظ مصالح الناس و دفع الضرر و الفساد عنهم على المستویین المادی و المعنوی، و لم تهدف الى غایة غیر هذه الغایة السامیة، فالهدف الربانی من وراء تلک التشریعات تأمین الطهارتین المعنویة و المادیة، قال تعالى فی کتابه الکریم: " ما یُریدُ اللَّهُ لِیَجْعَلَ عَلَیْکُمْ مِنْ حَرَجٍ..." [1]  فالآیة الکریمة ترسم لنا قانوناً عاماً و هو أن الاحکام الالهیة لا یقصد بها بحال من الاحوال التضییق على العباد و احراجهم، و ان التشریعات مقدورة و مستطاعة للعباد " ... لا یُکَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها..." [2]

بعد هذه المقدمة نقول فی خصوص فلسفة غسل الحیض: لا تنحصر حکمة و اسرار الطهارة و منها الطهارة من الحیض فی النظافة الظاهریة و البدنیة، بل الملحوظ اکثر هو البعد المعنوی الکامن فی هذا التکلیف؛ من هنا اشترط ایقاع الغسل مقرونا بالقربة الى الله تعالى و الا یعتبر فاقداً للاعتبار الشرعی حتى اذا ازیلت کل النجاسات الظاهریة.

لقد عبر الاسلام عن المرأة الحائض بعنوان "المحدث" یعنی الانسان الفاقد للطهارة (الوضوء او الغسل) فلا یحق لها الصلاة و لا الصوم قبل التطهر. فالحیض کالاحداث الاخرى الجنابة و النوم و البول و... التی توجب الحدث، و لا یختص الأمر بالنساء اولا، و ثانیا ترتفع تلک الاحداث اما بالغسل أو الوضوء.

اما بالنسبة الى فلسفة هذا الحکم الذی حظی باهتمام کبیر من قبل الشارع المقدس، فقد اشار الله تعالى الى ذلک فی الآیة الکریمة: " «ولکنْ یُرید لِیُطهِّرکم» [3] فان الطهارة مقدمة للتقرب و الوصول الى الذات الالهیة المطهرة؛ لان الذات الطاهرة لا تجلب الیها الا الطاهر، و هذه الطهارة محبوبة لله تعالى.

فلو ت أمل الانسان قلیلاً فی مسالة الطهارة لوصل الى نتیجة مهمة و هی: أن الدین الذی یهتم کل الاهتمام بالنظافة الظاهریة و التی لا تعدو القشرة للبدن، لا یمکن بحال من الاحوال إهمال الجانب المعنوی و الطهارة الروحیة و التنزه الباطنی.

الجدیر بالذکر أن وجوب الغسل لا یعنی کون المرأة موجوداً نجساً فی اثناء العادة الشهریة (الحیض)، بل القضیة تشبة الجنابة عند الرجال فکما ان الرجل ملزم بالغسل من الجنابة و التطهر منها، و لا یدل ذلک على نجاسة ذات الرجل اثناء الجنابة، کذلک المرأة لا یدل ذلک على نجاسة ذاتها اثناء الحیض، و هکذا الامر فی مبطلات الوضوء فانها لا توجد النجاسة فی ذات المکلف و انما تخلق حالة جدیدة ترتفع من خلال الوضوء او التیمم.

لمزید الاطلاع انظر:

 

فلسفة الغسل، 13736 (الموقع: 13450).

فلسفة و حکمة الاحکام الفقهیة، 14060 (الموقع: 13798) .

الحفاظ علی سلامة المحیط و البیئة فی الاسلام، 1401 (الموقع: 2711) .



[1] المائده، 6. "یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَکُمْ وَ أَیْدِیَکُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِکُمْ وَ أَرْجُلَکُمْ إِلَى الْکَعْبَیْنِ وَ إِنْ کُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَ إِنْ کُنْتُمْ مَرْضى‏ أَوْ عَلى‏ سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْکُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَیَمَّمُوا صَعیداً طَیِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِکُمْ وَ أَیْدیکُمْ مِنْهُ ما یُریدُ اللَّهُ لِیَجْعَلَ عَلَیْکُمْ مِنْ حَرَجٍ وَ لکِنْ یُریدُ لِیُطَهِّرَکُمْ وَ لِیُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَیْکُمْ لَعَلَّکُمْ تَشْکُرُونَ".

[2] البقرة، 285.

[3] نفس الآیة.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280329 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258942 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129731 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115915 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89625 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61176 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60456 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57420 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51840 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    47778 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...