Please Wait
6625
من المسائل الممنوعة فی تعالیمنا الدینیة هی تبریر العمل المخالف، لقد ذکر القرآن، بعض الیهود الذین تمرّدوا علی الشریعة باسم "أصحاب السبت" و لعنهم، لأن صید السمک یوم السبت بالنسبة لهم کان محرماً، و فی هذا الیوم کانت الأسماک تأتی بکثرة ـ بالقدرة الإلهیة ـ و تظهر فوق الماء و جنب الساحل حتی یُمتحن میزان وفاء الیهود للقانون الإلهی، لکنهم فقدوا تحملهم أمام هذه الأسماک الوافرة، فصاروا یُلقون علیها الشباک یوم السبت و یُخرجونها من الماء یوم الأحد. و یوجهون مخالفتهم للشریعة: بأننا لم نصدها یوم السبت، بل هیأنا مقدمات الصید فیه و لم یحرم علینا تهیئة المقدمات! لذلک فعِلة عقوبة الیهود هی، عدم الإنصیاع للقوانین الإلهیة. کما یرى المسلمون بلالک خلافا للیهود حیث یعتبرون یوم السبت یوم إستراحتهم. و قد ردّت الآیات القرآنیة و روایات أهل البیت (ع) هذا القول و حسبته باطلاً.
و هناک إختلاف فی إحترام یوم السبت أو یوم الأحد بالنسبة للیهود و النصاری. فبعض المسیحیین المشهورین باسم "السبتیین" یعتبرون یوم السبت یوماً مقدساً کالیهود. و لا یعملون به شیئاً، بل یؤجّلون عملهم یوم الأحد و یعتقدون بأن أحکام التوراة العشرة باقیة علی قوّتها کالإنجیل و المسیح جاء لإتمامها و إجرائها. من جهة أخری أن یوم الأحد بعقیدة المسیحیین غیر السبتیین، یوم عید دینی لأن شهادة المسیح کانت یوم الجمعة و قد قام بعد ثلاثة أیام من عالم الموتی و ظهر لتلامذته، لذلک فقیام المسیح کان یوم الأحد. بناء علی ما مضی، لا یوجد فی نصوصنا الإسلامیة روایة تثبت إن یوم الأحد یوم عقوبة و مجازاة للمسیحیین.
من القصص التی إهتم بها القرآن، و فسّرها الأئمة (ع) و بتبع ذلک المفسّرون المسلمون هی قصة "أصحاب السبت".
مُنع عدة من الیهود عن الصید یوم السبت بسبب أعمالهم المخالفة للشرع. و فی المقابل هؤلاء تمرّدوا و عصوا الأمر الإلهی بالمکر و الخدعة، لذلک أصابهم اللعن و العذاب و مُسخوا قردة. لقد وردت قصة أصحاب السبت فی سور عدیدة منها: الآیة 65 من سورة البقرة و الآیة 47 و 154 من سورة النساء و الآیة 163 من سورة الأعراف و الآیة 124 من سورة النحل.[1]
و خلاصة قصة أصحاب السبت بناء علی روایة ینقلها الإمام الباقر (ع) عن الإمام علی (ع) هی: أن قوماً من أهل إیلة من قوم ثمود و أن الحیتان کانت سیقت إلیهم یوم السبت لیختبر الله طاعتهم فی ذلک فشرعت إلیهم یوم سبتهم فی نادیهم و قدّام أبوابهم فی أنهارهم و سواقیهم فبادروا إلیها فأخذوا یصطادونها و یأکلونها فلبثوا فی ذلک ما شاء الله لا ینهاهم الأحبار، و لا یمنعهم العلماء عن صیدها، ثم إن الشیطان أوحی إلی طائفة منهم إنما نهیتم عن أکلها یوم السبت و لم تنهو عن صیدها فاصطادوها یوم السبت و أکلوها فی ما سوی ذلک من الأیام.
فقالت طائفة منهم: الآن نصطادها فعتت و انحازت طائفة أخری منهم ذات الیمین فقالوا: ننهاکم عن عقوبة الله أن تتعرضوا لخلاف أمره، و اعتزلت طائفة منهم ذات الیسار فسکتت و لم تعظهم، فقالت للطائفة التی وعظتهم: : لم تعظون قوما الله مهلکهم أو معذبهم عذابا شدیدا؟ فقالت الطائفة التی وعظتهم: "معذرة إلی ربکم و لعلهم یتقون"، فقال الله عزّوجلّ: " فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُکِّرُواْ " یعنی لما ترکوا ما وعظوا به مضوا علی الخطیئة فقالت الطائفة التی وعظتهم: لا و الله لا نجامعکم و لا نبایتکم اللیلة فی مدینتکم هذه التی عصیتم الله فیها مخافة أن ینزل علیکم البلاء فیعمّنا معکم ـ قال: فخرجوا عنهم من المدینة مخافة أن یصیبهم البلاء فنزلوا قریباً من المدینة فباتوا تحت السماء فلما أصبح أولیاء الله المطیعون لأمر الله غدوا لینظروا ما حال أهل المعصیة فأتوا باب المدینة فإذا هو مصمت فدقوا فلم یجابوا و لم یسمعوا منها حس أحد فوضعوا فیها سلماً علی سور المدینة ثم أصعدوا رجلاً منهم فأشرف علی المدینة فنظر فإذا هو بالقوم قردة یتعاوون و لهم أذناب فکسروا الباب فعرفت الطائفة أنسابها من الإنس، و لم یعرف الإنس أنسابها من القردة فقال القوم للقردة: ألم ننهکم؟
فقال علی (ع): و الذی فلق الحبّة و برء النسمة إنی لأعرف أنسابها من هذه الأمة لا ینکرون و لا یغیرن بل ترکوا ما أمروا به فتفرقوا، و قد قال الله: "فبعداً للقوم الظالمین"،[2] فقال الله: " فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُکِّرُواْ بِهِ أَنْجَیْنَا الَّذِینَ یَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَ أَخَذْنَا الَّذِینَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ بَئِیسٍ بِما کانُوا یَفْسُقُون".[3]،[4]
و هذه المسألة و إن نزلت فی الیهود، لکن حکم الآیة یشمل کل من یعصی الأوامر الإلهیة و یتمرد علیها بالأعذار الواهیة. و عمل الیهود هذا یشبه عمل بعض المرابین الذین یوجهون الربا بالشراء و البیع الظاهری بوضع علبة کبریت أو أی شیء تافة آخر بعنوان الشراء و البیع، یعطون للربا الصبغة الشرعیة کما یظنون. کما إن مستلمی الرشوة یصبغون علیها الصبغة الشرعیة أیضاً باسم حق الزحمة و غیرها من التسمیات الأخری.
أما ما یخص الجزء الثانی من السؤال، فیتحتم القول، بأنه لم ترد و لا روایة واحدة فی النصوص الإسلامیة تبین إن یوم الأحد بالنسبة للمسیحیین هو یوم عقوبة، لکن ما جاء عن هذا الموضوع فی بعض التفاسیر هو:
" أن أکثر المسیحیین لا یهتمون بیوم السبت و یعطلون یوم الأحد، لعقیدتهم بأن صلب المسیح (ع) کانت یوم الجمعة و إنه قام من عالم الأموات بعد ثلاثة أیام و ظهر لتلامذته. لذلک اتفق قیام المسیح یوم الأحد و صار هذا الیوم عیداً دینیاً للمسیح. نعم، بعض المسیحیین الذین اشتهروا باسم (السبتیون) یعتقدون بقدسیة یوم السبت کالیهود، و یعتقدون بأن أحکام التوراة العشرة کآیات الإنجیل لا تتعلق بالیهود فقط بل یجب علی المسیحیین أیضاً العمل بها و إن وظیفة النبی عیسی (ع) هی تکمیلها و تطبیقها.[5]
المواضیع ذات الصلة:
"علاقة المسخ قردة بصید السمک یوم السبت"، السؤال 6479 (الموقع: 6912).
[1] لمزید من الإطلاع حول تفسیر هذه الآیات راجعوا برمجة جامع التفاسیر، تولید مرکز التحقیقات الکامبیوتریة للعلوم الإسلامیة فی قم.
[2] المؤمنون،41.
[3] الاعراف، 165.
[4] انظر: القمی، علی بن ابراهیم بن هاشم، تفسیر القمی، ص 244، مؤسسة دار الکتاب، قم، 1404 ق.
[5] انظر: البلاغی، سید عبد الحجت، حجة التفاسیر و بلاغ الإکسیر، ج 2، (المقدمة)، ص 765، نشر الحکمة، قم، 1386 ق.