بحث متقدم
الزيارة
8275
محدثة عن: 2012/07/07
خلاصة السؤال
ما الفرق بین کلمة الخوف و کل من ، الخشیة، الوجل، الفزع، الروع، الاشفاق، الحذر، و الرهب؟
السؤال
ما الفرق بین کلمة الخوف و کل من ، الخشیة، الوجل، الفزع، الروع، الاشفاق، الحذر، و الرهب؟
الجواب الإجمالي

قد یبدو للوهلة الاولى ترادف تلک المفردات و دلالتها على الخوف و الوحشة و... الا ان التأمل فی المصادر اللغویة و التفسیریة، یکشف لنا بجلاء الفارق الدقیق بینها. و المتحصل من مجموع الکلمات ان مفردة الخوف  الرهبة و الفزع و الروع تلتقی فی اعطاء معنى الخوف بمرتبة من المراتب، و أما کلمات الحذر و الخشیة و الوجل و الشفق فلا ترادف الخوف و لا تدل على مرتبة من مراتبه، لکنها تلتقی معه التقاء ما.

الجواب التفصيلي

قد یظهر ترادف تلک المفردات و دلالتها على الخوف و الوحشة و... الا ان التأمل فی المصادر اللغویة و التفسیریة، یکشف لنا بجلاء الفارق الدقیق بینها، و سنحاول هنا الاشارة الى هذه الفروق على نحو الاجمال:

1. انّ الخوف توقّع الضرر المشکوک فی وقوعه، و من یتیقّن الضرر لم یکن خائفا له، و کذا کل الرجاء لا یکون الّا مع الشک. و هو غمّ یلحق لتوقّع المکروه.[1]

2. الحذر، یعنی  احتراز من مخیف.[2] و عند المراجعة الى مواطن استعمال المفردة نجدها لا تدل على الخوف، بل بمعنى التحرز و الاحتیاط من الخطر؛[3] کقوله تعالى " یَحْسَبُونَ کُلَّ صَیْحَةٍ عَلَیْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُم".[4] نعم، یظهر من مفردتی الخوف و الحذر انهما یلتقیان فی معنى التحرز و الابتعاد عن الأمر الذی یخشاه الانسان.

3. الرهب، و الفرق بینها و بین الخوف أنّ الرهبة طول الخوف و استمراره، و ثمّ قیل للراهب راهب، لأنّه یدیم الخوف.[5]

4. اما الفرق بین الفزع و الخوف، فانّ الفزع مفاجأة الخوف عند هجوم أمر و هو انزعاج القلب بتوقّع مکروه عاجل.[6] و بعبارة أخرى: الفَزَعُ: انقباض و نفار یعتری الإنسان من الشی‏ء المخیف.[7]

5. الخشیة، و هی: المراقبة و الوقایة مع الخوف، بأن یراقب أعماله و یتّقى نفسه مع الخوف و الملاحظة[8]. و بعبارة أخرى: الخشیة خوف یشوبه تعظیم، و أکثر ما یکون ذلک عن علم بما یخشى منه. و لذلک خصّ العلماء به.[9]  و یقابل هذا المعنى: الإهمال و التغافل و عدم المبالاة و ترک الاهتمام و الملاحظة و عدم صیانة النفس من الخلاف.[10]

6.  الوَجَل: استشعار الخوف.[11] و بعبارة أخرى: هو انزعاج و قلق فی الباطن، أى حصول حالة تحرّک و اضطراب فی القلب یوجب سلب الطمأنینة فی النفس و انخفاضها.[12] و ان کان الوجل لا یعنی الخوف الا ان مفهوم الخوف یشابه الوجل فی أنه أیضا یوجب قلقا و اضطرابا، فیکون استعمال الوجل فی مورد الخوف استعارة.[13]

7. الرَوع، هو الرعب الخفیف المطلق یستولى على القلب سواء کان من فزع أو إعجاب فی کمال و جمال.[14]

8. الشَّفَقُ: اختلاط ضوء النّهار بسواد اللّیل عند غروب الشمس. قال تعالى: "فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ"  [الانشقاق/ 16]، و الْإِشْفَاقُ: عنایة مختلطة بخوف، لأنّ الْمُشْفِقَ یحبّ المشفق علیه و یخاف ما یلحقه.[15] و الشَّفَق: الخِیفة، فإذا عدّی (بمن) فمعنى الخوف فیه أظهر، و إذا عدّی ب (فی) فمعنى العنایة فیه أظهر.[16]

و ذهب بعض الاعلام الى القول بان الشف لا یرادف الخوف و إنما هو أمر جامع بین الرخوة و الدقّة و الضعف فی مقابل الشدّة و الغلظة و القوّة، مادّیّا کان أو معنویّا.[17]

تحصل ان کلمات الخوف  الرهبة و الفزع و الروع تلتقی فی اعطاء معنى الخوف بمرتبة من المراتب، و أما کلمات الحذر و الخشیة و الوجل و الشفق فلا ترادف الخوف و لا تدل على مرتبة من مراتبه، لکنها تلتقی معه التقاء ما.

 

[1] مصطفوی، حسن، التحقیق فی کلمات القران الکریم، ج 3، ص 144و 145، بنگاه ترجمه و نشر کتاب، طهران، 1360ش؛ الراغب الاصفهانی، حسین بن محمد، المفردات فی غریب القرآن، تحقیق: داودى‏، صفوان عدنان، ص 303، دارالعلم، الدار الشامیة، دمشق، بیروت، الطعبة الاولى، 1412ق.‏

[2] المفردات فی غریب القرآن، ص 223؛ الفیومی، أحمد بن محمد المقری، ‌المصباح المنیر فی غریب الشرح الکبیر للرافعی، ‌ج 2، ص 126، منشورات دار الرضی، قم، الطبعة الاولى، بلا تاریخ.‌

[3] القرشی، سید علی اکبر، قاموس قرآن، ج 2، ص 113، دار الکتب الإسلامیة، طهران، الطبعة السادسة، 1371ش.

[4] المنافقون، 4.

[5] التحقیق فی کلمات القران الکریم، ج 3، ص 145.

[6] نفس المصدر.

[7] المفردات فی غریب القرآن، ص 635.

[8] التحقیق فی کلمات القران الکریم، ج 3، ص 64.

[9] المفردات فی غریب القرآن، ص 283.

[10] التحقیق فی کلمات القران الکریم، ج 3، ص 64.

[11] المفردات فی غریب القرآن، ص 855.

[12] التحقیق فی کلمات القران الکریم، ج 13، ص 42.

[13] نفس المصدر، ص44.

[14] نفس المصدر، ج 4، ص 280؛ و انظر: الفراهیدی، خلیل بن احمد، کتاب العین، ج 2، ص 242، انتشارات هجرت، قم، الطبعة الثانیة، 1410ق؛ الطریحی، فخر الدین، مجمع البحرین، ج 4، ص 340 و 341، مکتبة مرتضوی، طهران، الطبعة الثالثة، 1375ش.

[15] مجمع البحرین، ج 5، ص 192؛ المفردات فی غریب القرآن، ص 458.

[16] انظر: : ابن منظور، محمد بن مکرم، لسان العرب، ج 10، ص 180، دار صادر، بیروت، الطبعة الثالثة، 1414ق؛ المفردات فی غریب القرآن، ص 458.

[17] التحقیق فی کلمات القران الکریم، ج 6، ص 86.

 

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279471 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    257336 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128200 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    113312 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89027 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59880 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59590 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56883 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49822 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47191 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...