بحث متقدم
الزيارة
7300
محدثة عن: 2007/04/26
خلاصة السؤال
ألیس قد اخبر القرآن الکریم عن اولیاء الله بانهم (لاخوف علیهم و لا هم یحزنون) فلماذا نخاطب الامام المهدی (عج) فی دعاء یوم الجمعة بقولنا: السلام علیک ایها المهذب الخائف؟
السؤال
ألیس قد اخبر القرآن الکریم عن اولیاء الله بانهم (لاخوف علیهم و لا هم یحزنون) فلماذا نخاطب الامام المهدی (عج) فی دعاء یوم الجمعة بقولنا: السلام علیک ایها المهذب الخائف؟
الجواب الإجمالي

ان الخوف علی نوعین: ممدوح و مذموم، فالخوف المذموم مثل الخوف من الحوادث و الخوف من الناس و المخلوقین و ... .و هذا الخوف لیس له معنی عند اولیاء الله و لهذا قال الامام الصادق (ع) (المؤمن لا یخاف غیر الله)، و کما قال القرآن (انما ذلکم الشیطان یخوف اولیاءه فلا تخافوهم وخافون ان کنتم مؤمنین).

اما الخوف الممدوح فهو الخوف من جلال الله وعظمته، یقول النبی (ص) فی هذه الباب: "من کان بالله أعرف کان من الله أخوف".

فالخوف الممدوح هو خوف الخواص والعظماء، و هو الذی یحصل فی القلب بعد مشاهدة العظمة و الجلال وتجلی الاسماء، و الخوف الحاصل من عظمة الحق یعتبر من اللذائذ المعنویة، و لا ینافی الآیة الکریمة (الا ان اولیاء الله لا خوف علیهم و لا هم یحزنون) بل هو من صفات کمال الکاملین. و لهذا نحن نخاطب الامام صاحب الزمان (ع) بقولنا "السلام علیک ایها المهذب الخائف" أی من جلال و جبروت الحق تعالی.

الجواب التفصيلي

الخوف علی نوعین: الخوف الممدوح و الخوف المذموم. و الخوف المذموم الذی لامعنی له بالنسبة لاولیاء الله هو الخوف من الحوادث، و الخوف من الناس، و الخوف من العدو ... و باختصار: هو الخوف من المخلوقین.

و قد روی عن أبی ذر (رض) انه قال: "أوصانی رسول الله(ص) ان لا أخاف فی الله لومة لائم".[1]

و روی عن الامام الصادق (ع) انه قال: " المؤمن لا یخاف غیر الله"[2] و ورد فی القرآن قوله تعالی "انما ذلکم الشیطان یخوف اولیاءه فلا تخافوهم و خافون ان کنتم مؤمنین".[3]

اما الخوف و القلق الممدوح و القیّم فهو الخوف من جلال الله و عظمته، و کما یقول أمیر المؤمنین (ع): "الخوف جلباب العارفین"[4] و یقول الرسول الاکرم (ص): "من کان بالله اعرف کان من الله أخوف"[5] و علی هذا الاساس یقول النبی الاعظم (ص): "أنا اخوفکم لله"[6] و ثمرة هذا الخوف الممدوح القیم هو لجوء الانسان الی الله تعالی حیث یقول امیر المؤمنین (ع): " اذا خفت الخالق فررت الیه، و اذا خفت المخلوق فررت منه".[7]

 

مراتب الخوف:

یقول الخواجة عبدالله الأنصاری: ان میدان التواضع یتولد میدان الخوف. قوله تعالی (و اما من خاف مقام ربه) فالخوف حصن الایمان و تریاق التقوی و سلاح المؤمن، و هو علی ثلاثة أقسام:

الأول: الخاطر، و الثانی: المقیم، والثالث: الغالب. فالخوف الخاطر هو الذی یمر علی القلب ثم یزول، فان الخوف هو ذاک الذی ان عدم فقد عدم الایمان، فبدون الخوف لا یحصل الأمان، و بدون الخوف لا یوجد الإیمان. و کلما تضاعف الخوف قوی الایمان. و الثانی هو الخوف المقیم و هو الخوف الذی یحجز العبد عن المعاصی و یبعده عن الحرام و یقصّر الأمل.

و الثالث: هو الخوف الغالب و هو خوف المکر، حیث تتضح الحقیقة بهذا الخوف و ینفتح طریق الاخلاق به و ینجو المرء به من الغفلة. و علامة المکر عشرة أشیاء: الطاعة بلا حلاوة، و الأصرار بلا توبة، و غلق باب الدعاء، و العلم بلا عمل، و الحکمة بلا نیة، و المصاحبة بلا حرمة، و غلق باب التضرع، و مصاحبة الاشرار، و الأفضل من کل هذا أمران: أن یخاف ان یعطى العبد إیمان بلا یقین أو أن یکله الله الی نفسه و هذا هو خوف التأئبین).[8]

توضیح ذلک: ان حقیقة الخوف هو ان السالک و بسبب یاسه من حصول المطلوب او توقعه حصول المکروه فی المستقبل، فانه یصیبه القلق و الاضطراب. فالخوف من ناحیة مستوی حال السالک، علی ثلاثة انواع: الاول خوف العامة، و هو الخوف من العقاب الالهی، فلانهم أدرکوا سطوة معبودهم فهم خائفون مضطربون یقول تعالی: ( یخافون یوماً تتقلب فیه القلوب و الابصار)[9]

الثانی: خوف المتوسطین، و هو الخوف من المکر الالهی، و هو ما یبتلى به ارباب المراقبة، و العشاق الذین ذاقوا طعم الحضور، فهم خائفون دوماً من ان ینقطع عنهم الفیض الربانی و تزول لذة صفاء الحضور. علی ان الواقفین فی هذا المنزل مبتلون بالإستدراج حیث انهم حجبوا عن الفیاض و انشغلوا بالفیض، یقول تعالی (و لمن خاف مقام ربه جنتان).[10]

الثالث: خوف الاکابر و العشاق و هو اجلال حریم الحضرة الالهیة حیث ان مشاهدة جمال المحبوب غلب رجاء وله العاشق و امتزجت فیه روعة الجمال مع هیبة الجلال، فاتخذ الجمال مظهرا للطف ونشرت علیه رایة الغنی والعز، و هجمت وحشة الهیبة علی روح قتیل عشقهم الوالهة.

اذن حال الخواص و الاولیاء یختلف عن احوال الآخرین حیث ازداد خوفهم الحاصل من مشاهدة العظمة و الجلال و تجلی الاسماء الالهیة فی قلوبهم فهم غارقون فی لذة روحانیة و لا یتنافی هذا الخوف مع آیة سورة یونس التی تقول: (الا ان أولیا الله لا خوف علیهم و لا هم یحزنون)[11] و علی هذا الاساس نحن نخاطب مولانا صاحب الزمان(ع) بقولنا: (السلام علیک ایها المهذب الخائف): من جلال و جبروت حضرة الحق.



[1]  العلامة المجلسی، بحار الانوار، 71: 360.

[2]  الری شهری، محمد، میزان الحکمة، 3، حدیث، رقم 5258.

[3]  آل عمران:175.

[4]  الری شهری، محمد، میزان الحکمة،3 ، حدیث رقم 5178.

[5]  نفس المصدر، حدیث رقم، 5178.

[6]  النراقی، الملا أحمد، معراج السعادة، الباب الرابع، الصف الخامس، المقام الثالث، الخوف الالهی.

[7]   الحسینی، السید حمید، منتخب میزان الحکمة، حدیث رقم2000.

[8]  الانصاری، الخواجة عبدالله، صدمیدان (مائة میدان)، میدان 33، ص 36.

[9]   النور:37

[10]  الرحمن: 46.

[11]  لاحظ: الامام الخمینی(قدس)، الاربعون حدیثاً، ص 230 – 231.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279433 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    257223 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128134 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    113233 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    88989 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59831 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59545 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56852 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49722 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47161 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...