Please Wait
6932
ان تغیّر شکل و شمائل الانسان بسبب التغیر العمری من شؤون النشأة الدنیا، و أما عالم الآخرة و خاصة فی الجنة فالقضیة غیر متصورة فلا یکون أهل الجنة عدة طبقات منهم الکهل و منهم الشاب و منهم الطاعن فی السن و... حتى مع الایمان بالمعاد الجسمانی، و هذا المعنى أکدته الروایات الشریفة " یدخلون الجنة شبابا منورین و قال: إن أهل الجنة جرد مرد مکحلون"؛[1] "و بعبارة أخرى انهم دائما فی اکمل شکل و افضل صورة و یعیشون النشاط و الحیویة على مر الایام.
وعندما تحدثت الآیات عن الزوجات الصالحات فی الجنّة، قالت: " وَ عِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ أَتْرابٌ"[2]. و کلمة (أتراب) تعنی (الأقران)، و هو وصف لنساء الجنّة، فاقتران عمر الزوج و الزوجة- أی تساویهما- یضاعف من المحبّة بین الزوجین، أو أنّه صفة لنساء أهل الجنّة، و إنّهنّ جمیعا شابات و فی عمر واحد.[3] و بعبارة أخرى، لا یعرض علیهن التغیر من الشباب الى الکهولة و الشیخوخة، فهن على سن واحد لیس فیهن هرمة و لا عجوز.[4]
اما اصحاب النار، فلا تنفعهم المرحلة العمریة مهما کانت، لان العذاب و الآلام التی تصب على رؤسهم تلفح و جوههم و لا تبقی لهم حالة من الحیویة او النشاط، فما عسى ان ینفع الشباب مع اناس یواجهون ثلاثة أنواع من العقوبات کما اشار الى ذلک القرآن الکریم[5]، الهواء الحارق القاتل من جهة سَمُومٍ و الماء المغلی المهلک من جهة اخرى وَ حَمِیمٍ، و ظلّ الدخان الخالق الحارّ من جهة ثالثة وَ ظِلٍّ مِنْ یَحْمُومٍ هذه الألوان من العذاب تحاصرهم و تطوقهم و تسلب منهم الصبر و القدرة ... إنّها آلام و عذاب لا یطاق، و لو لم یکن غیره من جزاء لکفاهم.[6]
[1] ابن شهر آشوب، مناقب آل ابیطالب، ج 1، ص 148، مؤسسه انتشارات علامه، قم، 1379ق.
[2] ص ، 52.
[3] مکارم الشیرازی، ناصر، الأمثل فی تفسیر کتاب الله المنزل، ج14، ص: 537، نشر مدرسة الامام علی بن أبی طالب (ع)، قم، الطبعة الاولى، 1421هـ؛ السیوطی، جلال الدین، الدر المنثور فی تفسیر المأثور، ج 5، ص 318، مکتبة آیة الله المرعشی النجفی، قم، 1404 ق.
[4] ابن عجیبة، احمد بن محمد، البحر المدید فی تفسیر القرآن المجید، تحقیق، قرشى رسلان، احمد عبدالله، ج 5، ص 36، الناشر زکی، حسن عباس، القاهرة، 1419 ق؛ الفیض الکاشانی، ملا محسن، تفسیر الصافی، تحقیق، اعلمی، حسین، ج 4، ص 306، انتشارات الصدر، الطبعة الثانیة، طهران، 1415 ق.
[5] انظر: سورة الواقعة : الآیات 41 الى 50.
[6] الأمثل فی تفسیر کتاب الله المنزل، ج17، ص: 466.