بحث متقدم
الزيارة
7194
محدثة عن: 2007/01/01
خلاصة السؤال
ما هی حدود الدولة الإسلامیة فی الفکر الإسلامی؟
السؤال
ما هی حدود الدولة الإسلامیة فی الفکر الإسلامی؟
الجواب الإجمالي

الملاحظ أن الفکر السیاسی الإسلامی استعمل مفهوم "الأرض" فی مقابل مفهوم "الإقلیم" ومفهوم "الأمة" فی مقابل مفهوم "الشعب"، وان الأرض الإسلامیة واحدة، وان الحدود الفرضیة والوضعیة العقدیة لاتأثیر لها فی تحدید هویة الکیان الإسلامی الموحد.

ثم إن هذه الأرض وفی الحالة المثلى ینبغی أن تحکم وتدار شؤونها من قبل أحد المعصومین علیهم السلام، وان حکومة الإمام المهدی (عج) العالمیة هی الحکومة الامثل فی هذا المجل.

وأما فی عصر الغیبة فإذا ما تسنى لأحد الفقهاء القیام بذلک الأمر وتوفرت له الأرضیة المناسبة وکان من مصلحة المسلمین أن تدار الأمة الإسلامیة من قبل فقیه واحد، فحینئذٍ یجب على الفقیه إدارتها کوحدة سیاسیة وکیان إسلامی موحد.

و أما إذا کانت المصلحة الإسلامیة تقتضی أن تدار الأمور من قبل مجموعة من الفقهاء کل واحد منهم یتکفل إدارة شؤون منطقته وقیادتها، فحینئذٍ ینبغی أن تدار البلاد بهذه الطریقة.

وعلى هذا الأساس یمکن القول: إن القاعدة الأساسیة الثابتة والمبنى العام والشامل للمذهب السیاسی الإسلامی هو: إن الأرض الإسلامیة ارض واحدة، ولکن ولمصالح معینة ومتغیرات موضوعیة یتم تقسیمها إلى دول متعددة أو ولایات ومحافظات، أو تدار بأی طریقة أخرى متصورة تبعاً للواقع السیاسی والظروف الموضوعیة، شریطة ان تحقق منافع المسلمین وان یؤخذ بعین الاعتبار مصلحة الإسلام والمسلمین العلیا.

الجواب التفصيلي

تقسّم الجغرافیة السیاسیة المعاصرة العالم إلى مجموعة من الدول والبلدان التی تفصل ما بینها حدود وضعیة وعقدیة تم قبولها والإذعان بها من قبل تلک الدول، وتدار تلک الدول والبلدان من قبل حکومات خاصة، ویطلق على الأفراد الذین یعیشون فی إطار حدود الوطن ویخضعون لموازین ومقررات خاصة، عنوان "المواطنة" والمواطنین"[1] ،واما غیرهم فیطلق علیهم عنوان "الأجانب"[2]، ومن هنا نرى القوانین التی تسن فی تلک البلدان بعضها یختص بالمواطنین وبعضها الآخر بالأجانب، وهناک طائفة من المقررات والقوانین تعمّ الجمیع.

وهنا یطرح السؤال التالی: هل تحظى هذه الحدود الجغرافیة بالقبول والاقرارمن قبل الفکر الإسلامی السیاسی؟

و بعبارة أخرى: ما هی الصورة التی یرسمها الاسلام للعالم؟

فی مقام الجواب عن التساؤل المطروح لابدّ من القول: أن الإسلام یرى نفسه دیناً عالمیاً لجمیع الشعوب والبلدان وفی جمیع العصور، وإنّ العالم بأسره هو أرض الإسلام لابدّ أن تخضع لتعالیم الدین الإسلامی وتطبّق فیها مفاهیمه وتعالیمه وقیمه، وان البقاع التی اعتنقت الغالبیة العظمى من اهلها الدین الإسلامی یطلق علیها مصطلح "بلد الإسلام" او" دارالاسلام" والبقاع الأخرى یطلق علیها مصطلح "دار الکفر".

من هنا نعرف أن الحدود التی یعترف بها الإسلام هی الحدود العقائدیة وان الاعتبار للعقیدة فقط، أی الإسلام (إن الدین عند الله الإسلام)[3] .

ثمّ إن الفکر السیاسی الإسلامی وضع مفهوم "الأرض" فی مقابل مفهوم "الإقلیم"[4] ومفهوم "الأمّة" فی مقابل "الشعب"[5]. وهذا یعنی أن الإسلام لا یولی أهمیة تذکر للفوارق القومیة والعرقیة و.... ولا یعترف إلاّ بالمعتقدات. وان الأرض الإسلامیة واحدة لا تفصل بینها الخطوط والحدود الاعتباریة والوضعیة التی لا قیمة لها فی الفکر السیاسی الإسلامی، ولا تأثیر لها فی الخدشة فی هویة الکیان الإسلامی الواحد.

ثم ان هذه الأرض الإسلامیة وفی الحالة المثلى ینبغی أن تدار وتساس من قبل أحد المعصومین علیهم السلام، وان حکومة الإمام المهدی (عج) العالمیة هی الحکومة التی یتحقق فی ظلها الهدف الإسلامی السامی.

وأما فی عصر الغیبة فإذا ما تسنى لأحد الفقهاء القیام بذلک الأمر وتوفرت الأرضیة المناسبة للحکم العام والشامل وکان من مصلحة الإسلام والمسلمین أن تدار شؤون الأمّة الإسلامیة من قبل فقیه واحد، فیجب حینئذٍ على الفقیه القیام بهذه المهمة وإدارة شؤون المسلمین کافة کوحدة سیاسیة وکیان إسلامی موحد.

وأما إذا کانت المصلحة الإسلامیة تقتضی أن تدار الأمور من قبل مجموعة من الفقهاء، کل واحد منهم یتکفل إدارة شؤون منطقته التی یعیش فیها، فحینئذٍ ینبغی أن تدار البلاد بهذه الطریقة.

وعلى هذا الأساس یمکن القول إن: القاعدة الأساسیة الثابتة والمبنى العام والشامل فی الفکر السیاسی الإسلامی هو: إن الأرض الإسلامیة واحدة، ولکن قد تقتضی بعض المصالح المتغیّرة والظروف الموضوعیة أن تقسم الأرض الإسلامیة إلى دول متعددة أو ولایات ومحافظات، أو تدار بأی طریقة أخرى تکفل مصالح المسلمین تبعاً للظروف الموضوعیة.

لمزید الإطلاع انظر: هادوی الطهرانی [ولایت ودیانت] مؤسسه فرهنگی خانه خرد، [مؤسسة دارالحکمة الثقافیة]، قم، الطبعة الثانیة، 1380 هـش.



[1] citizen

[2] foreigner

[3] آل عمران: 19.

[4] country

[5] nation

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280465 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    259118 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129816 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    116202 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89697 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61314 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60564 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57472 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    52091 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    48156 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...