بحث متقدم
الزيارة
6991
محدثة عن: 2007/10/04
خلاصة السؤال
ما هو معنى مکر الله فی القرآن الکریم؟
السؤال
ما هو معنى مکر الله فی القرآن الکریم؟
الجواب الإجمالي

(المکر) بمعنى التدبیر و التماس الحلول فی أعمال الخیر و أعمال الشر، و لذلک استعملت فی القرآن الکریم مقرونة بوصف (السیئ).

المکر الإلهی: هناک آیات متعددة تنسب المکر إلى الله سبحانه و هی ناظرة إلى التدبیر الشامل لله تعالى، لأنه مالک التدبیر و لا یوجد تدبیر خارج عن دائرة تدبیره الواسعة، و لذلک فإن الله سبحانه فوق کل مدبر، (فالله خیر الماکرین).

یقول الله تبارک و تعالى: «وَ قَدْ مَکَرَ الَّذِینَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَکْرُ جَمِیعًا یَعْلَمُ مَا تَکْسِبُ کُلُّ نَفْسٍ وَ سَیَعْلَمُ الْکُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ».

و هذه الآیة صریحة فی أن التدبیر العام الشامل لله تعالى، و أن تدبیر الآخرین فی مقابل تدبیره لیس له من أثر یذکر.

الجواب التفصيلي

معنى المکر: المکر فی اللغة بمعنى التدبیر، أعم من أن یکون أصل التدبیر حسناً أم غیر حسن[1]، أو أن یکون هذا التدبیر فی العمل السیء أو العمل الحسن، مع أن البعض فسر المکر بالخداع، و عندما ینسب الی الله فإنه یعنی الجزاء و العقاب المتلون والمخادع.[2]

المکر الإلهی:

عندما نلاحظ الآیات التی استعملت فیها کلمة (المکر)،[3] نصل إلى أن المراد من معنى المکر هو التدبیر و البحث عن الحلول و المخارج. و تارة یکون فی أمور الخیر و تارة یجلب الضرر و الأذى، مثال ذلک ما ورد فی الآیة الشریفة فی قوله تعالى: «وَ یَمْکُرُونَ وَ یَمْکُرُ اللَّهُ وَ اللَّهُ خَیْرُ الْمَاکِرِینَ».[4] فالمراد بقوله (یمکرون) الاحتیال و ما یدبره المشرکون من خطط لمقاومة الرسول (ص) کالتخطیط لقتله أو وضعه فی السجن و غیرها، و أما المراد فی قوله (و یمکر الله) فهو تدبیر الله تعالى لإنقاذ الرسول (ص) کأمره بالهجرة مثلاً.

و عندما نجد کلمة مکر فی القرآن موصوفة (بالسیء)[5] فذلک یدل على أن المکر تارةً یکون باتجاه الشر و السوء، و تارة على نحو الخیر و الحسن. و على هذا الأساس فإن الآیات المتعددة التی تنسب المکر إلى الله تعالى ناظرة إلى تدبیره الشامل و إنه المالک و المحیط بکل تدبیر، و لا یمکن لأی تدبیر أن یخرج دائرة التدبیر الإلهیة الواسعة الشاملة، و بهذا اللحاظ فإن الله تعالى فوق کل مدبر.[6] و إن الآیة الشریفة فی سورة الرعد،[7] تدل بکل صراحة و وضوح بأن التدبیر الشامل المحیط لله وحده و إن تدبیر الآخرین لیس بشیء إذا ما نسب إلى التدبیر الإلهی، و لا یمکن أن ینتهی إلى شیء ذی بال.[8]



[1] القرشی، السید علی أکبر، قاموس القرآن، ج6، ص265.

[2] المنجد، مادة مکر.

[3] الأعراف، 99 و 123؛ فاطر، 10 و 43؛ الرعد، 33 و 42؛ سبأ، 33؛ یونس، 21؛ آل عمران، 54؛ النحل، 26 و 45؛ النمل، 50 و 51؛ نوح، 22؛ إبراهیم، 46؛ یوسف، 13؛ غافر، 45.

[4] الأنفال، 30.

[5] فاطر، 43.

[6] آل عمران، 54.

[7] الرعد، 42.

[8] العلامة الطباطبائی، المیزان، ترجمة الموسوی الهمدانی، ج 12، ص 355،20 مجلد، الناشر الانتشارات الإسلامیة.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280322 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258935 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129725 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115895 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89620 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61168 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60446 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57414 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51821 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47768 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...