Please Wait
8702
ما یمکن أن یقال فی الجواب عن هذا السؤال على وجه الإجمال هو التالی:
1- إن القرآن أهم مصدر من مصادر الشریعة، و المرجع الأوّل لمعرفة رأی الدین.
2- لا اعتبار للاستفادة من القرآن إلاّ مع توفر أساسین: إثبات حجیة الصدور، و حجیة الدلالة بالنسبة إلى القرآن الکریم.
3- الأسس التی یعتمدها الفقیه لقبول الأخذ من القرآن تنقسم إلى قسمین: صدوریة و دلالیة.
4- ألمبانی الصدوریة للقرآن تتمثل فی:
أ- إن القرآن کتاب منزل من الله تعالى.
ب- إن القرآن مصون من أی تحریف على طرفی الزیادة و النقصان.
ج- لا مجال للخطأ بالنسبة إلى الوحی.
د- إن نبی الإسلام معصوم بلحاظ تلقی الوحی و إبلاغه على کل الأصعدة من الخطأ و السهو و الاشتباه.
5- المبانی الدلالیة للقرآن:
أ- إن الله سبحانه یقصد معانٍ خاصة فی کلمات القرآن الکریم.
ب- بالنسبة لبیان المراد الإلهی – فی الأحکام الفرعیة على الأقل – اعتمد القرآن طریقة و منهج المفاهمة العرفیة و طریقة العقلاء، و لم یستعمل الأسلوب الرمزی و التمثیلی.
ج-ان الارضیة مناسبة و متوفرة للعقلاء لفهم المراد من معانیها ومعرفة آیات الاحکام.
د- إن آیات القرآن شاملة و لا تختص بموارد نزولها. باستثناء الآیات المسنوخة او التی ثبت انها متغیرة.
یعتبر القرآن المصدر الاسلامی الأوّل و الأهم لدى جمیع الفرق و المذاهب الإسلامیة، و الجمیع یعترف و یذعن بهذه الحقیقة و هی أن القرآن هو المصدر الأوّل و الأساسی لاستحصال رأی الشریعة و معرفة رؤیة الدین و هو المرجع على کل المستویات و جمیع المیادین، فالقرآن هو المعجزة الباقیة الخالدة للرسول الأکرم (ص)، و هو المهیمن على کل الکتب السابقة.
و فی هذا المجال اعتبر أصلان لقبول الأخذ عن القرآن:
1- إن القرآن هو حجة الله و وثیقته على الناس، و إن ما بین أیدی الناس من القرآن فی هذه الأیام هو القرآن النازل من الله سبحانه و تعالى، و لم یتسلل إلیه أی عنصر إضافی – على صعید العمد أو الخطأ – أی أن القرآن الموجود المتداول یتمتع بحجیة الصدور دون شک.
2- إن النص القرآنی قابل للفهم و الإدراک و استحصال رأی الدین عند الرجوع إلیه، أی أن للقرآن حجیة الدلالة إضافة إلى حجیة الصدور.
و على هذا الأساس، فعندما یتخذ الفقیه من القرآن مرجعاً لاستنباط الأحکام"الجزئیة" و ممارسة اجتهاده لا بد له أن ینظر إلى القرآن قبل ذلک، فینظر فی مجموعة من الأسس و المبانی بخصوص صدور القرآن، و مجموعة من الأسس و المبانی بخصوص دلالة النص القرآنی، و على هذا الأساس یتخذ رأیاً فی قبول القرآن کمصدر یعتمد علیه فی ممارسة اجتهاده و استنباط الأحکام منه. ذلک لأن قبول أقل شبهة بخصوص القرآن على صعید صحة الصدور أو الدلالة تکون کافیة للحیلولة بین الفقیه و بین إسناد رأیه و حکمه إلى القرآن الکریم، و لا یتمکن بإسناد الأحکام المستفادة إلى الله و إلى الدین.
المبانی الصدوریة للقرآن
تتلخص ألاسس و المبانی الصدور بالآتی:
1- یجب أن یقبل الفقیه - و قبل کل شیء - کون القرآن منزلاً من قبل الله سبحانه و تعالى، و لولا أن یکون القرآن نازلاً من الله سبحانه لما وجد وجه للاعتماد علیه لاستحصال رأی الدین، و عندما یقال أن القرآن من قبل الله، فإن ذلک یعنی:
أ- إن مفاد ما جاء فی القرآن هو من الله تعالى.
ب- إن ألفاظ القرآن و تراکیبه الکلامیة منسوبة إلى الله سبحانه - أی نفس الألفاظ و التراکیب موحاة من عند الله.
ج- إن نظم الآیات و وضع کل واحدة منها بعد الأخرى لتشکیل السور و کذلک وضع السور و ترتیبها مع بعضها هو أمر مرده إلى الوحی.
2- لا بد للفقیه من أن یقبل کون القرآن المتداول فی هذا الزمان هو نفس القرآن الموجود فی صدر الإسلام، و إن جمیع ما بین الدفتین من آیات مجموعة و مدونه هی وحی إلهی، بمعنى لا زیادة فی هذه المجموعة و لا نقص منها، و لذلک فهذا الأساس یمکن أن یندرج ضمن بحث التحریف و یدرس على هذا الأساس و کذلک من الممکن اعتباره فی ضمن مسألة تواتر القرآن.
3- یجب أن یقبل الفقیه المبدأ القائل أن الوحی مصون من الخطأ، أی أن ما نزل على صورة الوحی هو العلم الإلهی، و وصل إلى النبی الأکرم (ص) من دون أی تحریف أو تغییر. و الکلام هنا لیس فی مسألة أن النبی لم ینطق بغیر ما أوحی إلیه، أو أنه لم یشتبه و یخطأ فی تلقی الوحی، و إنما الکلام هنا فی أن الخطأ و الاشتباه لم یقع فی عملیة انتقال الوحی من العلم الإلهی إلى النبی (ص).
4- على الفقیه أن یؤمن أن رسول الإسلام (ص) معصوم من أی خطئ أو اشتباه أو سهو حقیقی و مؤثر، أی أنه إضافة إلى عدم وقوع الخطأ فی الوحی نفسه، فإن النبی (ص) لم یقع فی الخطأ أو النسیان على صعید تلقی الوحی وفی میدان إیصاله و تبلیغه للناس.
الأسس الدلالیة تتلخص بالآتی:
1- إن الفقیه لا بد أن یبنی علی أن ما ورد من کلمات فی القرآن تحمل معانی خاصة مرادة من قبل الله تعالى، و علیه أن یرجع إلى القرآن على هذا الأساس. و هذا الأساس و إن کان سهلاً فی الظاهر و على درجة من الوضوح، و لکنه من الممکن أن یقع مورداً للمناقسة الجدیة من قبل بعض المذاهب الغربیة.
یعتقد بعض المفکرین بالرمنوتیک[1] النسبی و یقولون: عندما یرسم الفنان لوحة معینة، من الممکن لک أن تقول عند رؤیتها إنّ الرسام عرض من خلالها همومه و أحزانه، و من الممکن لشخص آخر أن یقول: إنّ الفنان أودع اللوحة أفراحه و مسراته، و قد یعتقد شخص ثالث أن الفنان عبر عن توتر أعصابه و غضبه فی هذه اللوحة، فإذا ما سؤل عن الرأی الصحیح بین هذه الآراء الثلاثة، و أیها قارب الصواب؟ یجب القول: إن جمیع وجهات النظر صحیحة، و إن کل واحد منها توصل إلى رأی معین، و کل فهم و إدراک هو فهم صحیح و تکفل بایضاح معنى مقبول لدى مشاهدته اللوحة الفنیة.
ان هذا الاعتقاد فی واقعه؛ یعنی ان اللوحة الفنیة لم تحمل أی رسالة خاصة لصاحبها لیقاس به فهم الآخرین، وان من صورها یفتقد الی المعنی النهائی منها، بل ان ما یستنبطه کل شخص منها و یفهمه استناداً الی ثقافته وذهنیته الخاصة صحیح.
و على هذا الأساس، فإن کل تفسیر للنص الدینی یندرج ضمن فهم المفسر[2] و فی إطار ثقافته و أعرافه، و إن کل فهم للنص الدینی هو فهم عصری یتعلق بذهنیة المفسر. و قد سرت بین بعض مفکری الإسلام نغمة مفادها أنه لا وجود لمعنى خاص و مشخص فی آیات القرآن لکی نسعى لتحصیله و الکشف عنه، و إنما هناک عرض عریض و فضاء واسع للفهم، و کل شخص یتوصل إلى فهم معین فهو فهم صحیح.[3]
و على هذا الأساس، فإن قبول الفقیه للأصل القائل أن الله سبحانه یرید معنى خاصاً من الآیات القرآنیة أمر مسلّم، ذلک لأن معنى الاستنباط هو أن یبذل الفقیه کل ما فی وسعه للوصول إلى المعانی التی تتضمنها الآیات القرآنیة و التی تمثل مراد الله تعالى المودع فی طیات آیاته وکلماته، فیحاول الفقیه و یسعى للوصول إلیه مائة بالمائة، و من هنا نفهم معنى القول الشائع فی مجال فهم القرآن و عمل الفقیه «للمصیب أجران و للمخطئ أجر واحد».
2- إن القرآن الکریم و بلحاظ إظهار و بیان المراد الإلهی قد تجنب استعمال الأسلوب الرمزی على صعید بیان الأحکام الفرعیة التی خاطب بها المکلفین على أقل تقدیر،[4] و إنما اتبع المنهج العام المتعارف عقلائیاً فی میدان التفاهم و التخاطب بین الناس، أی أن الله تعالى اختار طریقة العقلاء و تبنى منهجهم فی بیان مقاصده و صیاغة خطابه لمن یخاطب.
وقد قیل فی علم الاصول «بحجیة ظواهر الالفاظ» بمعنی ان العقلاء یعتمدون علی ما یفهم من ظاهر کلام المتحدث وینسبونه له.
ولکن ما علاقة ذلک بالشارع المقدس؟ وکیف یمکن نسبة تلک القاعدة الکلیة الی بیان الشارع، و بای توجیه یمکن تحمیل الشارع ما یظهر من کلامه من معان؟
ان ذلک یتم فی حالة واحدة وهی فی ما اذا اثبتنا ان طریقة الشارع المقدس و النبی الاکرم و الائمة الاطهار هی نفس طریقة العقلاء ومنجهم فی التفاهم ولم یؤسسوا طریقة خاصة بهم للتفاهم و المحاورة. وبصورة کلیة ان اسراء احکام المحاورة العرفیة لکلام الشارع یبتنی علی قبول اصل ان الشارع هو الاخر یتحدث بنفس طریقة العقلاء ولم یعتمد طریقة خاصة به.
3- إن أرضیة فهم المعانی المرادة فی الآیات الإلهیة - على الأقل فی دائرة الأحکام الفقهیة - موجودة فی زمن نزول الآیات بالنسبة للعقلاء، أی أن آیات الأحکام طرحت بکیفیة یتیسر معها الفهم الصحیح العرفی، و بالإمکان التوصل إلى المراد و المقصد الإلهی الذی تنطوی علیه تلک الآیات، و استنباط أحکام التکلیف منها.
و إذا لم یتم التوصل إلى هذا المراد فلیس من جهة عدم توفر الأرضیة المناسبة للفهم، أو أن ثقافة ذلک الزمان لا تسمح بالوصول إلى إدراک تلک المقاصد، و إن هذه المطالب سوف تنکشف بمرور الأیام و تراکم الخبرات و تقدم العلوم و تکاملها. و إنما مرد عدم الوصول یرجع إلى الخطأ الفکری أو الغفلة عن کنه المسألة أو الاشتباه فی الفهم. فمثلاً لو اتفق أن راوی الحدیث عن الإمام (ع) عقب الحدیث بذکر رأیه الخاص فی المسألة المطروحة و لکن الفقیه المعاصر قد یتوصل إلى فهم آخر عندما یحاول معالجة النص و السعی لفهم مضامینه، و من الممکن أن یکون هذا الفهم مخالفاً لفهم الراوی الذی استفاده من الروایة، و أنه یصوب رأیه و یخطأ رأی الراوی و فهمه. فإذا ما تعرض هذه القضیة للسؤال عن سبب الإعراض عن فهم الراوی مع أنه کان معاصراً لصدور النص و اختیار فهم آخر یکون زمانه بعیداً عن عصر صدور النص، فمن الممکن أن یقول فی معرض الإجابة: إن المعنى الذی فهمته من الروایة کان قابلاً للفهم و الاستحصال فی زمن صدورها، و لکن الراوی هو الذی أخطأ و لم یفلح فی فهمه للروایة.
و لا یقول الفقیه أن ما فهمته من الروایة یتعلق بهذا الزمان، و للروایة فهم آخر یتعلق بزمان صدورها لدى العقلاء، فالفقیه لا یعتقد أن فهمه بدیلاً لفهم السابقین و أن یحل محله ولایعتقد بالفهم السیّال والمتغیر. و إنما یعتقد بأن فهم المتقدمین کان خاطئاً، و إنهم لم یصیبوا المعنى الذی ضمنه الله فی ثنایا کلامه، و لا یلتزم الفقیه بتحول الفهم الدینی و تبدله، و لا یقبل أن کل فهم یکون صحیحاً و مطابقاً لمراد الشارع فی محله، إنه یعتقد أن مفاد الدین ثابت، و أن ما أراده الله فی الآیة أو الرسول و الإمام فی الحدیث هو معنىً محدد و مشخص یحاول الفقیه الوصول إلیه فإما أن یصیبه و إما أن یخطئه.
و لو أن الفقیه یقول: إنّ ما توصل إلیه من الفهم فی عصره هو نتیجة لتقدم العلوم، و إن هذا الفهم غیر متیّسر لأحد فی عصر نزول الوحی، فمن المتیقن أن کلامه هذا و فهمه ادعاء لا قیمة له، لان هذه الأحکام موجهة إلى جمیع أبناء البشر و إن الجمیع مشمول بهذه التکالیف، و لیس الأمر أن المخاطب بالأحکام فی القرآن الکریم هم أناس یأتون بعد ألف سنة إلى هذه الدنیا، أو أنّ الناس قبل ألف سنة کان لهم تکلیف آخر. و إن الله ضمّن خطاباً واحداً عدة إرادات تشریعیة فی هذا العمل الخاص،[5] مع إن هذه الإرادة متروکة لتحولات التاریخ و تبدل السنن و الثقافات و رهینة لتغییر الفهم. کلا لیس الأمر کذلک.
و العلة التی تجعلنا فی هذا الزمان أکثر احتیاجاً لعلم الأصول هی المسافة البعیدة التی تفصلنا عن زمان صدور النص القرآنی و الحدیث الشریف.
إن الناس فی ذلک الزمان - و هو زمان صدور النص عن الشارع - یفهمون ما کان ینبغی أن یفهم على القاعدة، و لکن الامر مختلف بالنسبة إلى زماننا و ذلک بسبب الفاصلة الزمنیة الطویلة، و التحولات الثقافیة السریعة و المباشرة بین الشارع و مخاطبیه، انعدمت تقریباً لغیاب الرابطة اللغویة و الثقافیة و الزمانیة بین المتکلم و المخاطب.
و لذلک فإذا أردنا أن نفهم الآیات و الروایات الصادرة قبل أکثر من ألف سنة لا بد لنا من استخدام مفاتیح الفهم العامة التی لا تختص بزمن معین، و هذه المفاتیح هی التی تمثل الرابط و الجسر الذی یمتد بین المتکلم و المخاطب لنثبت عن هذا الطریق إن المعنى الذی یفهم الیوم هو نفس المعنى الذی کان یفهم قدیماً على القاعدة و أصول التفاهم. و هذا الأمر هو المطروح فی بحث الألفاظ فی علم الأصول.[6]
4- إن آیات القرآن لا تختص بموارد نزولها. مع أن الکثیر من الآیات لها سبب نزول خاص و محدد، و إنها تنظر إلى موقع خاص. و لکن الفقیه یستفید من هذه الآیات فی الإجابة عن أسئلته، و لا یعتبر زمن هذه الآیات زمناً محدداً و قد تم تجاوزه و تخطیه، و ذلک لأنه قبل المبدأ القائل أن هذه الآیات لا تختص بهذا الموقع المعیّن، و إن ما جاء فیها مرتبط بجمیع الأزمنة و شاملة لکل الأمکنة ما دامت غیر منسوخة.
و بعبارة أخرى: إن الآیات القرآنیة و الأحکام الواردة بضمنها شاملة و عامة لکل الازمنة والامکنة، و إن التحقیق فی هذا المطلب و دقة النظر فی تفاصیله شکل باعثاً لدراسة موضوع (الثابت و المتحول) و هی العبارة التی کان یرددها الإمام الخمینی (ره) الله فی کلامه و التی تشیر إلى دور الزمان و المکان فی عملیة الاجتهاد.
و أما بالنسبة لکیفیة البحث عن الثابت و المتغیر، و الکلام فی موارد القاعدة بخصوص الکلام الشامل و ثبات الأحکام، و إنها تفید وجود استثناءات بوجود الأحکام التی تصاغ على صرف المحدودیة لمقطع زمانی محدد، فإن ذلک موضوع یحتاج إلى إیضاح أکثر، و الجواب الإجمالی هو أن الأحکام المتغیرة و المؤقتة تنبثق من الأحکام الثابتة الشاملة، ذلک لأن هذه الأحکام تصدر على أساس ملاکات ثابتة، و لکنها تصدر مع الأخذ بنظر الاعتبار الشروط الخاصة و خصوصیة المورد.
و بحث (الثابت و المتغیر) له وجود فی فضاء التفکیر الفقهی بالنسبة إلى الفقهاء القدماء، و قد قبلت فکرة الأحکام المتغیرة بصورة إجمالیة، و لکن بسبب رؤیتهم إلاّ أن غالب أحکام الدین من النوع الثابت، فإنهم لم یتعاملوا بجدیة مع مسألة (الثابت و المتغیر) فی أحکام الدین و قد جعلوا ملاک عملهم على أساس القول (إن أحکام الدین ثابتة إلاّ أن یثبت خلاف ذلک).[7]
[1] Hermeneutics
[2] Tradition
[3] و على هذا الأساس قام الاستاذ هادوی الطهرانی بدراسة مسألة الهرمنوتیک و سیر تحوله و تقدمه، و إضافة إلى العرض المختصر لهذا العلم وعرض الآراء المختلفة فی هذا المیدان و ما طرحه علماء الإسلام فی هذا الشأن منذ البدایة و حتى الآن و اعادة النظر بحقیقة اللغة، و عناصر استعمالها، و مناهج التفاهم. هادوی، الطهرانی، الأسس الکلامیة للاجتهاد.
[4] إن هذا الأصل یتأکد (فی دائرة الأحکام الشرعیة على الأقل)، لأن البعض یعتقد أن فی البحث خارج دائرة الفقه و الأحکام الشرعیة إن الله سبحانه له لون خطاب آخر، و لغة خاصة، فمثلاً فی دائرة الفلسفة و بیان المعانی العرفانیة العالیة فإن لغة الرمز و التمثیل هی السائدة بین الله و مخاطبیه.
[5] یرجى الانتباه إلى أن هذا البحث مغایر لبحث بطون القرآن، لأن مسألة بطون القرآن ترد فی غیر الآیات المختصة بالأحکام و الفقه اولا. و ثانیاً: إن هذه المعانی المتعددة التی تأتی بعضها وراء البعض الآخر - سواء على مستوى العمق و الطولیة، أو على مستوى العرض و التباین مع بعضها - تقع جمیعها مراداً للشارع، و لیس الأمر أن یکون مراد الشارع فی عصر معین غیر مراده فی عصر آخر، و على هذا الأساس فإن ما یستفیده بعض العرفاء من مقاطع بعض الآیات القرآنیة هی استنتاجات شخصیة لا تستند إلى أی دلیل شرعی، و لذلک لا یمکن أن تعتبر بطناً من بطون القرآن، و لا تعبر عن مراد المولى و قصده.
[6] انظر: السید محمد باقر، الصدر، المعالم الجدیدة، ص51 - 54.
[7] هادوی، الطهرانی، الأسس الکلامیة للاجتهاد، ص33-41.