Please Wait
8881
تشير آيات القرآن الكريم الى الصفات و الحالات التي يعيشها اصحاب النار مما يقرب لنا الصورة التي هم عليها في تلك الاجواء الصعبة للغاية، من قبيل كونهم حصب جهنم و وقود النار و كون وجوههم كالحة و تكسوهم ثياب من نار، و تبدل جلودهم " كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها" و ذلك للمزيد من العذاب. الا انه رغم ذلك تبقى تلك الوجوه معروفة - الى حد ما- من قبل الاصدقاء و المعارف، و يحصل الخصام و التنافر فيما بينهم " هذا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لا مَرْحَباً بِهِمْ إِنَّهُمْ صالُوا النَّارِ * قالُوا بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَباً بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنا فَبِئْسَ الْقَرارُ".
أما الروايات فتؤكد بأن اصحاب النار يصنفون الى طبقات حسبما اقترفوه من الذنوب و المعاصي؛ كما في النبوي الشريف " يُحْشَرُ الْمُتَكَبِّرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي خَلْقِ الذَّرِّ فِي صُوَرِ النَّاسِ يُوطَئُونَ حَتَّى يَفْرُغَ اللَّهُ مِنْ حِسَابِ خَلْقِهِ".
تشير آيات القرآن الكريم الى الصفات و الحالات التي يعيشها اصحاب النار مما يقرب لنا الصورة التي هم عليها في تلك الاجواء الصعبة للغاية، يمكن الاشارة هنا الى بعض الخصائص:
1. إنهم بابدانهم حصب جنهم، و في بعض آيات الذكر الحكم أنهم وقود النار " فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتي وَقُودُهَا النَّاسُ وَ الْحِجارَة" .[1]
2. تكسوهم ثياب من نار "فَالَّذينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَميم".[2]
3. من الامور التي تشير اليها آيات الذكر الحكم في وصف وجوههم و ما هم عليه بأن وجوههم يومئذ كالحة "تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَ هُمْ فيها كالِحُون".[3] و كلمة «كالح» مشتقّة من «كلوح» على وزن «فعول» بمعنى التعبيس و اكفهرار الوجه. و قد فسّرها عدد كبير من المفسّرين بتقلّص في جلد الوجه بحيث يبقى الثغر مفتوحا لا يمكن إغلاق.[4]
كذلك ورد في وصف الكانزين للذهب و الفضة "وَ الَّذينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ لا يُنْفِقُونَها في سَبيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَليمٍ * يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها في نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَ جُنُوبُهُمْ وَ ظُهُورُهُم".[5]
4. من الصفات التي يعيشها اصحاب النار عدم فناء الابدان و تبدل الجلود بعد كل عملية احراق تتعرض له و لهيب نار يصيبها "وَ الَّذينَ كَفَرُوا لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَ لا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها"[6] و "إِنَّ الَّذينَ كَفَرُوا بِآياتِنا سَوْفَ نُصْليهِمْ ناراً كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ".[7] و یبقون علی هذه الحالة حتی و هم في أشد انواع العذاب الذي يقطع الامعاء و يمزق الاحشاء" "سُقُوا ماءً حَميماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُم"[8] حتى تصل الحالة بهم الى تمني الموت فلا تستجاب دعوتهم " وَ نادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ قالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ".[9]
قد لا يتصور الانسان في سالف الايام هذه الحالة من العذاب فلا يستوعب العقل البشري اعادة الشيء بعد تعرضه للدمار و التغير بسبب العوارض الخارجية كالحرارة و غيرها، و لكن القضية اصبحت اليوم من الامور سهلة التصور بعد أن تمكن الانسان بقدراته المحدودة و من خلال التقنيات الحديثة من ترميم و حفظ الاشياء بعد تمزقها و تغيرها.
5. من هنا تبقى تلك الوجوه معروفة - الى حد ما- من قبل الاصدقاء و المعارف، حتى تجد الخصام و التنافر فيما بينهم "هذا وَ إِنَّ لِلطَّاغينَ لَشَرَّ مَآبٍ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمِهادُ * هذا فَلْيَذُوقُوهُ حَميمٌ وَ غَسَّاقٌ * وَ آخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ * هذا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لا مَرْحَباً بِهِمْ إِنَّهُمْ صالُوا النَّارِ * قالُوا بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَباً بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنا فَبِئْسَ الْقَرارُ* قالُوا رَبَّنا مَنْ قَدَّمَ لَنا هذا فَزِدْهُ عَذاباً ضِعْفاً فِي النَّارِ ".[10] بل تراهم يتعجبون لعدم مشاهدة طائفة من الناس كانوا يظنون أنهم من الاشرار " وَ قالُوا ما لَنا لا نَرى رِجالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرار".[11] بل القرآن الكريم صريح في كون اصحاب الجنة ينظرون أحيانا الى اصحاب النار و يرون اصدقائهم ممن كان نصيبه النار " قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كانَ لي قَرينٌ ....فَاطَّلَعَ فَرَآهُ في سَواءِ الْجَحيم"[12]، بل يقع بينهم حوار و نقاش " إِلاَّ أَصْحابَ الْيَمينِ * في جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ * عَنِ الْمُجْرِمينَ * ما سَلَكَكُمْ في سَقَرَ * قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ... ".[13]
و الجدير بالذكر أن الروايات تؤكد بأن اصحاب النار يصنفون الى طبقات حسبما اقترفوه من الذنوب و المعاصي؛ كما في النبوي الشريف " يُحْشَرُ الْمُتَكَبِّرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي خَلْقِ الذَّرِّ فِي صُوَرِ النَّاسِ يُوطَئُونَ حَتَّى يَفْرُغَ اللَّهُ مِنْ حِسَابِ خَلْقِهِ ثُمَّ يُسْلَكُ بِهِمْ إِلَى النَّارِ يُسْقَوْنَ مِنْ طِينَةِ خَبَالٍ مِنْ عُصَارَةِ أَهْلِ النَّار".[14]
هذه إطلالة على بعض الآيات و الروايات التي يمكن أن يستشف منها ما عليه اصحاب النار و الصورة التي يمكن تجسيمها لهم و هم في أجواء العذاب، نسأل الله تعالى لنا و لكم العافية من العذاب و الفوز بالجنة و الرحمة الالهية.
[1] البقرة، 24، وا لتحريم، 6.
[2] الحج« 19.
[3] المؤمنون، 104.
[4] مكارم الشيرازي، ناصر، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج10، ص: 518، نشر مدرسة الامام علي بن أبي طالب، قم، الطبعة الاولى، 1421هـ؛ و انظر: تفسير القرطبي، و تفسير الفخر الرازي، و تفسير مجمع البيان، و تفسير الميزان، الآيات موضع البحث
[5] التوبة، 24-25.
[6] فاطر، 36.
[7] النساء، 56.
[8] محمد، 15.
[9] الزخرف، 77.
[10] ص، 55-61.
[11] ص، 62.
[12] الصافات، 51-55.
[13] المدثر، 39- 46.
[14] الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشیعة، ج 15، ص 378، ح 20795، مؤسسة آل البیت، قم، 1409 ق.