Please Wait
5694
الرؤیة الآلیة للتعالیم الدینیة تعنی أن الأعمال و العبادات إنما هی وسائل و آلات لکسب رضا الله و سلّم لکسب الکمالات المعنویة. و هذا ما یفهم من حِکَم الکثیر من العبادات، حیث قالوا إن الدنیا دار بلاء و إنما هی معبر لا مقرّ و هی وسیلة لا هدف (وسیلة لتکوین المصیر) و هی قنطرة لنیل صراط القیامة و الحضور عند رب العالمین، فهی دار الخوف و القلق و الشعور بالخطر لا دار أمان و استجمام. إن الإنسان المتنور بالقرآن قد فهم هذه الحقیقة من کلام القرآن و أهل البیت (ع) حیث یقول سبحانه: "وَ ما هذِهِ الْحَیاةُ الدُّنْیا إِلاَّ لَهْوٌ وَ لَعِبٌ وَ إِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِیَ الْحَیَوانُ"[1] و إن هذه الرؤیة، أی الرؤیة الآلیة لا الاستقلالیة إلى الدنیا تسهل الإیثار و الإنفاق على الإنسان.
إذا استطاع صاحب المواهب المادّیة و الفرص الدنیویة أن یغیّر اتجاهها الطبیعی و یجعلها سلّما للوصول إلى الأهداف الإلهیة، عند ذلک تصبح رأس مال یشتریه الله من المؤمنین و یهبهم بذلک جنة الخلد و السعادة الأبدیة.[2] کما قال أمیر المؤمنین (ع): "الدنیا خلقت لغیرها و لم تخلق لنفسها"[3]
إن هذه الرؤیة، أی الرؤیة الآلیة لا الاستقلالیة إلى الدنیا تسهل الإیثار والإنفاق على الإنسان. ففی هذه الرؤیة لیست الدنیا غیر مذمومة فحسب، بل هی ممدوحة؛ " إِنَّ الدُّنْیَا دَارُ صِدْقٍ لِمَنْ صَدَقَهَا وَ دَارُ عَافِیَةٍ لِمَنْ فَهِمَ عَنْهَا وَ دَارُ غِنًى لِمَنْ تَزَوَّدَ مِنْهَا وَ دَارُ مَوْعِظَةٍ لِمَنِ اتَّعَظَ بِهَا مَسْجِدُ أَحِبَّاءِ اللَّهِ وَ مُصَلَّى مَلَائِکَةِ اللَّهِ وَ مَهْبِطُ وَحْیِ اللَّهِ وَ مَتْجَرُ أَوْلِیَاءِ اللَّهِ اکْتَسَبُوا فِیهَا الرَّحْمَةَ وَ رَبِحُوا فِیهَا الْجَنَّة"[4]