بحث متقدم
الزيارة
7765
محدثة عن: 2010/02/28
خلاصة السؤال
ما المراد من التعبديات في لسان الشريعة و ما هي شروطها؟ و ما الدليل على ذلك؟
السؤال
ما المراد من التعبديات في لسان الشريعة و ما هي شروطها؟ و ما الدليل على كون بعض الامور تعبدية؟ و ما هي مصاديقها؟
الجواب الإجمالي

التعبد مشتق من العبد أو العبودية التي تعني الانقياد و الخضوع، و جاءت في لسان الروايات بهذا المعنى. و استعملت في لسان المتشرعة و الفقهاء بمعنى يقترب من المعنى اللغوي. و تطلق مفردة التعبد أحيانا على الامور التي لا حاجة فيها الى الدليل و البرهنة.

ثم ان التعاليم الدينية تقسم الى الاصول و الفروع، و في اصول الدين لابد أن تكون عقيدة الانسان قائمة على الدليل و البرهان، خلافا للاعم الاغلب من الفروع حيث يكفي فيها قيام الدليل على صدور الحكم من الله بلاحاجة في مقام العمل الى التحقيق و الاستدلال للبحث عن علة الحكم و فلسفته، و من هنا عندما يسأل عن السبب في كون صلاة الصبح ركعتين؟ يجاب بان ذلك من التعبديات التي تقتضي التسليم بها بلا حاجة الى استدلال و برهنة؛ لان الانسان عندما يؤمن بالله الذي شرع تلك القوانين و يؤمن بان المشرع حكيم عليم عادل و... تكون النتيجة التسليم بان ما يصدر عنه من تشريعات لا يخرج عن تلك الدائرة (العلم و الحكمة و العدل و..) و حينئذ لابد من الاذعان بان ما يصدر منه من قوانين و دساتير كلها تنطوي على مصالح العباد حتى مع الجهل بتلك المصالح تفصيلا.

الاستعمال الآخر للتعبدي ما ورد في علم اصول الفقه، حيث قسم الامور الى تعبديات و توصليات، و المراد من الواجب التعبدي، الواجب الذي تتوقف صحته على قصد القربة و الاخلاص لله تعالى، كالصلاة و الصيام و الحج و....

اما الواجبات التوصلية فهي تلك الاوامر التي لا يشترط في صحتها قصد القربة لله تعالى و ان كان للقربة دور في تحقق الثواب و الأجر، كدفن الميت و تطهير الملابس و...

الجواب التفصيلي

التعبد مشتق من العبد أو العبودية  و التي تعني الانقياد و الخضوع، و جاءت في لسان الروايات بهذا المعنى.[1]

و استعملت في لسان المتشرعة و الفقهاء بمعنى يقترب من المعنى اللغوي.

و تطلق مفردة التعبد أحيانا على الامور التي لا حاجة فيها الى الدليل و البرهنة.

ثم ان مسؤوليات المكلفين و العباد تنقسم الى الاعتقادية و العملية و يطلق على الاولى عنوان اصول الدين و الثانية عنوان فروع الدين.

و في اصول الدين لابد أن تكون عقيدة الانسان قائمة على الدليل و البرهان[2]، خلافا للاعم الاغلب من الفروع حيث يكفي فيها قيام الدليل على صدور الحكم من الله بلاحاجة في مقام العمل الى التحقيق و الاستدلال للبحث عن علة الحكم و فلسفته، و من هنا عندما يسأل عن السبب في كون صلاة الصبح ركعتين؟ يجاب بان ذلك من التعبديات التي تقتضي التسليم بها بلا حاجة الى استدلال و برهنة.

من هنا قالوا بان الاوامر الدينية الصادرة من الله تعالى تعد من التعبديات.[3]

علة عدم حاجتها للاستدلال

الامور العبادة من فروع الدين، و كما يظهر من التسمية أنها متفرعة عن اصول الدين؛ بمعنى أن الانسان عندما آمن بالله الذي شرع تلك القوانين و آمن بان المشرع حكيم عليم عادل و... تكون النتيجة التسليم بان ما يصدر عنه من تشريعات لا تخرج عن تلك الدائرة (العلم و الحكمة و العدل و..) و حينئذ لابد من الاذعان بان ما يصدر منه من قوانين و دساتير كلها تنطوي على مصالح العباد حتى مع الجهل بتلك المصالح تفصيلا.

أضف الى ذلك، ربما تكون المصلحة في عدم معرفة علة الحكم و فلسفته، و ذلك لان معرفتها قد تؤدي –أحيانا- الى الاخلال باخلاص العبد و تُضِعف من حالة التقرب المطلقة لله؛ كما اذا علم المكلف بان الصوم علة للسلامة من الامراض، فلا ريب أن الصائم الذي ينطلق في صيامه من هذه العلة يختلف مع الصائم الذي لا يهمه الا الاستجابة للامر الالهي و التقرب منه سبحانه من خلال امتثال الامر التعبدي "الصيام"، و لاريب انه كلما كان التعبد اقوى و تجرد الامتثال من العلل و الغايات الاخرى كان له الدور الفاعل في تعزيز روحية العابد و ترسيخ الخضوع بصورة أقوى في داخله و وقوع النفس تحت شعاع القوانين و التشريعات الاسلامية. و بعبارة أخرى: تسليم النفس و قواها للحق مطلقا. من هنا اذا اقترن الامتثال ببعض التوجهات الاخرى غير العبودية المطلقة كدفع الضرر و جلب المنافع تفقد العبادة قيمتها الحقيقية، و لعل ذلك هو السبب في بقاء فلسفة و علل الاحكام مجهولة للعباد، لتصل العبادة الى كمالها المنشود.[4]

الاستعمال الآخر للتعبدي ما ورد في علم اصول الفقه، حيث قسم الامور الى تعبديات و توصليات، و المراد منهما هنا:

أن الواجب التعبدي، هو الواجب الذي تتوقف صحته على قصد القربة و الاخلاص لله تعالى، كالصلاة و الصيام و الحج و.... فانها لا تقبل اذا تجردت عن نيّة القربة لله تعالى. و بهذا يتضح أن الواجب التعبدي هو الواجب الذي اشترط في صحته و قبوله قصد القربة لله.

اما الواجبات التوصلية فهي تلك الاوامر التي لا يشترط في صحتها قصد القربة لله تعالى و ان كان للقربة دور في تحقق الثواب و الاجر، كدفن الميت و تطهير الملابس و...

توضح ذلك:

تقسم التشريعات من زوايا مختلفة الى عدة تقسيمات: كالواجب العيني و الكفائي، و التعييني و التخيري، و التعبدي و التوصلي، و المطلق و المشروط، و النفسي و الغيري و....

فالواجب التعبدي؛ كالصلاة و الصوم و الخمس و الزكاة و امثال ذلك التي يشترط في صحتها قصد القربة. و اما الواجب التوصلي كانقاذ الغريق و بذل نفقة الزوجة فلا تتوقف صحتها على قصد القربة.

فالتعبديات ما اشترط فيها قصد القربة و الاخلاص لله تعالى و الا وقعت فاسدة.[5]

اما التوصليات فهي التشريعات التي لا يشترط فيها القربة و الاخلاص و لا تقع فاسدة عند اختلال شرط القربة، نعم، مع عدم القربة ينتفي الثواب فقط.

و هذا المعنى مستفاد من الروايات حيث اشترطت في بعض التشريعات قصدَ القربة و لم تشترطه في تشريعات أخرى. و عُبّر عن الاولى بالتعبديات و عن الثانية بالتوصليات.

 


[1] مصطفوي، حسن، التحقيق في كلمات القرآن الكريم‏، ج‏8، ص 12، ناشر: بنگاه ترجمه و نشر كتاب، طهران، 1360 ش‏؛ الطبرسي، ابو منصور احمد بن علي ، الاحتجاج، ج 2، ص 395، نشر مرتضى مشهد المقدسة، 1403 هجري قمري.

[2] توضيح المسائل (المحشى للإمام الخميني)، ج‏1، ص: 11مسأله 1.

[3] انظر: منسوب للامام الصادق (ع)،مصباح الشريعة، مصطفوي، حسن، ص 236، نشر: انجمن اسلامي حكمت و فلسفه ايران، بتصرف یسیر.

[4] طالقاني، سيد محمود، پرتوى از قرآن = قبس من القرآن، ج‏1، ص 307، نشر: شركة سهامي انتشار، طهران، 1362 ش.

[5] طيب، سيد عبد الحسين، أطيب البيان في تفسير القرآن، ج‏3، ص 40 و 41.

 

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280273 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258850 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129648 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115694 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89575 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61076 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60380 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57382 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51659 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47724 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...