بحث متقدم
الزيارة
7073
محدثة عن: 2011/09/06
خلاصة السؤال
کیف بیّن القرآن علاقة الإیمان و الاطمئنان القلبی؟ الرجاء ذکر السورة و الآیة المرتبطة.
السؤال
کیف بیّن القرآن علاقة الإیمان و الاطمئنان القلبی؟ الرجاء ذکر السورة و الآیة المرتبطة.
الجواب الإجمالي

الإیمان فی اللغة: هو بمعنی التصدیق و ضدّه التکذیب. و فی الاصطلاح: هو الإقرار باللسان و عقد فی القلب و عمل بالأرکان، أما «الاطمئنان» و الطمأنینة فی اللغة هی بمعنی هدوء البال بعد القلق و الاضطراب.

الفرق بین الإیمان و الاطمئنان القلبی:

قد یصل الإنسان عن طریق الاستدلال و البرهان العلمی و المنطقی الی الیقین بالشیء و یقبل عقله بهذا الاستدلال، و لکن قد لا یرتاح باله إلیه. لکن إذا حصل له بهذا الشیء الاطمئنان القلبی، فهذا الاطمئنان یبعث علی هدوء باله و سکون قلبه.

سُئل الإمام الرضا (ع) فی روایة عن قول الله : "قال بلی و لکن لیطمئن قلبی" أکان فی قلبه (إبراهیم) شک؟ قال: لا، و لکن أراد من الله الزیادة فی یقینه.

الجواب التفصيلي

الإیمان فی اللغة: یعنی التصدیق و ضدّه التکذیب [1]. و فی الاصطلاح: هو الإقرار باللسان و عقد فی القلب و عمل بالأرکان. علی حد تعبیر الإمام الصادق (ع)[2] أما «الاطمئنان» و الطمأنینة فی اللغة فهی بمعنی هدوء البال بعد القلق و الاضطراب.[3]

الفرق بین الإیمان و الاطمئنان القلبی:

قد یصل الإنسان عن طریق الاستدلال و البرهان العلمی و المنطقی الی الیقین بالشیء و یقبل عقله بهذا الاستدلال، و لکن قد لا یرتاح باله إلیه. لکن إذا حصل له بهذا الشیء الاطمئنان القلبی، فهذا الاطمئنان یبعث علی هدوء باله و سکون قلبه  و عندئذٍ لا یبقی أی مجال لورود الوسوسة و الأوهام الذهنیة إلیه. و کمثال علی ما نقول: کلنا عندنا یقین بأن الإنسان المیت لا یستطیع عمل أی شیء، و هذا الأمر صدّقناه بالبرهان و الدلیل، لکنه لم یترسّخ فی أرواحنا لذلک من الممکن أن نخاف من المیت خصوصاً فی اللیل. أما الأشخاص الذین کل شغلهم مع الأموات فلا یتطرق الی قلوبهم مثل هذا الخوف.[4] لذلک فالإنسان عندما یصل الی مرحلة الشهود یطمئن قلبه. فإبراهیم الخلیل (ع) کان عنده إیمان کامل و خالص ببعث و احیاء الموتی و لم یکن عنده أی شک فی ذلک، لکنه أراد أن یصل الی مرحلة الاطمئنان القلبی.

فقد سُئل الإمام الرضا (ع) فی روایة عن قول الله : "قال بلی و لکن لیطمئن قلبی" أکان فی قلبه (إبراهیم) شک؟ قال: لا، و لکن أراد من الله الزیادة فی یقینه.[5]

و من الغریب أن بعض الروایات تشیر الی شک إبراهیم (ع)فی إیمانه و تزلزل یقینه!! و هذا باطل قطعا لانه لازم ذلک اننا نکون من باب اولى معذورین اذا شککنا فی ایماننا بل لا اشکال حتى و ان لم نؤمن و لم نکن علی یقین بالله تعالی!! و لا ریب فی بطلان هذا الفکرة.

روی عن الحسین بن الحکم قال: "کتبت الی العبد الصالح (ع) (الإمام الکاظم) أخبره إنی شاک و قد قال إبراهیم (ع): «رب أرنی کیف تحیی الموتی» و أنا احب أن ترینی شیئاً، فکتب (ع) إلیه: إن إبراهیم (ع) کان مؤمناً و أحبّ أن یزداد إیماناً، و أنت شاک و الشاک لا خیر فیه". [6]

لذلک فالإنسان یجب أن یحصل له بالنسبة لاصول الدین الاعتقاد و الإیمان و الیقین، و هذه الامور تحصل عن طریق الاستدلال و البرهان حتی لا یبقی أی شک عنده و علیه الرجوع الی العلماء للرد علی الشبهات الملقاة فی هذا المجال.

علی کل حال فبقلیل من التأمل و التعمّق فی الآیات القرآنیة نصل الی هذه الحقیقة و هی أن رفع الاضطراب و القلق الروحی و النفسی لا یُمکن إلا تحت ظل تقویة الإیمان بالله الحکیم العادل و الإیمان بالیوم الآخر و الجنة و النار، و کذلک بالأعمال العبادیة مثل الصلاة و غیرها.

فالمؤمن یشعر بعدم الخوف و الاضطراب و الغم فی قلبه عندما تکون ید اللطف و الرحمة الإلهیة دائماً فوق رأسه: وَ لا تَهِنُواْ وَ لا تحَْزَنُواْ وَ أَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن کُنتُم مُّؤْمِنِین[7].

فهذه الآیات تبیّن: انک إذا کنت مع الله سبحانه کانت کل القوی الأرضیة و السماویة تحت اختیارک. و الله عالم باحتیاجاتک و مشاکلک و بلایاک و عالم بسعیک و اطاعتک و عبودیّتک. و بالإیمان بهذه البشائر الإلهیة کیف لا یعیش الإنسان بهدوء و سکینة؟ و بهذا الخلق و المعرفة تتلاشی کل الامور التی تؤدی الی الاضطراب و القلق من روح الإنسان و قلبه.



[1]  ابن منظور، محمد بن مکرم، لسان العرب، ج13، ص21، اناشر دار صادر، بیروت، الطبعة الثالثة، 1414 ق. الإیمان بمعنی التصدیق ضدُّ التکذیب.

[2]  الکلینی، الکافی، ج2، ص27، ح1، دار الکتب الإسلامیة، طهران، 1365 هـ.ش. الإمام الصادق (ع) یقول: "الإیمان هو الاقرار باللسان و عقدٌ فی القلب و عمل بالأرکان"، لمزید من الاطلاع عن معنی الإیمان و فرقه عن الإسلام و العلم راجعوا المواضیع التالیة «شروط الإسلام و الإیمان» رقم 1311 (الموقع: 1343) و «فرق الإیمان و العلم» رقم 5382 (الموقع: 5651).

[3]  الراغب الأصفهانی، حسین بن محمد، ترجمة و تحقیق مفردات ألفاظ القرآن؛ الخسروی، غلام رضا، انتشارات المرتضوی، طهران، الطبعة الثانیة، 1375 ش.

[4]  الشیرازی، ناصر المکارم، تفسیر الأمثل، ج2، ص238.

[5]  العروسی الحویزی، عبد علی بن جمعة، نور الثقلین، ج1، ص330، الناشر مؤسسة التاریخ العربی، بیروت، الطبعة الاولی، 1412 هجری.

[6]  نفس المصدر، ج1، ص336.

[7]  آل عمران، 139.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

  • ما الذی تعده التعالیم الدینیة سببا للبرکة فی الحیاة؟
    3110 الحدیث 2021/02/14
    بعض عوامل الخیر والبرکة فی حیاة الفرد والمجتمع هی: الإیمان والتقوى، والعدالة، وصلة الرحم، وإطعام الفقراء، والصدق فی التعامل، والقناعة، إلخ. ...
  • ما هی طرق تعزیز غریزة البحث عن الله؟
    7581 العملیة 2009/10/12
    المراد من غریزة البحث عن الله تعالى هی الفطرة الباطنیة التی اودعها الله تعالى فی الانسان. إن هذا الشعور نداء باطنی لامحرک له الا الفطرة.ثم ان وجود غریزة البحث عن الله تعالى بلا معلم أو مرشد علامة على فطریته. لکن بطبیعة الحال ان هذا الشعور الفطری شأنه شأن سائر ...
  • ارجو بیان ادلة حرمة و حلیة الموسیقی.
    10006 الفلسفة الاحکام والحقوق 2008/05/03
    تختلف الموسیقی عن الغناء فی المصطلح الفقهی, فالغناء عبارة عن الصوت الخارج من الحنجرة بترجیع و الذی یُوجد فی مُستمعه حالة السرور و الوجد و یناسب مجالس اللهو و الباطل، اما الموسیقی فهی الصوت المنبعث من الآلات الموسیقیة.و بالالتفات الی بعض الآیات و الروایات و کلام بعض علماء النفس ...
  • ما هو الحکم الشرعی للتصاویر المنسوبة إلى الأئمة؟
    7824 الحقوق والاحکام 2008/07/22
    فیما یلی أجوبة مراجع التقلید العظام:حضرة آیة الله العظمى الخامنئی (مد ظله العالی):لیس فی هذا العمل بحد ذاته ـ إشکال من جهة الشرع، شریطة ألا یتضمن ما یوحی بالإهانة فی نظر العرف أو عدم الاحترام و لیس فیه ما ...
  • ما هو الفرق بین العقل (المدبر) و القلب (الإیمان و العشق).
    11438 النظری 2007/05/23
    توجد قوتان عظیمتان فی ترکیب الإنسان (العقل و العشق) و لکل واحدة من هذه القوى دور کبیر و فعال فی حیاة الإنسان، فالعقل مثله کالمصباح الشدید النور الذی یشع بنوره لیکشف الانحناءات و الانعطافات التی توجد فی الطریق الذی یسلکه الإنسان فی حیاته و هو بمثابة الآلة الحاسبة حیث یهتم ...
  • کیف نهتدی؟
    5679 النظریة 2011/11/20
    جواب آیة الله الشیخ هادوی الطهرانی (دامت برکاته) کالآتی:1- اصلاح النفس یتطلّب صبراً و تحملاً. و بدونهما لا یمکن ذلک.2- البرنامج العملی (الوصفة العامة) لإصلاح النفس قائمة علی عدة أمور:الف: الالتفات إلی النعم الإلهیة للإنسان و معرفتها. (إن تعدوا نعمة الله لا تحصوها).ب: الالتفات إلی ان ...
  • ما هی طبیعة الموقف الاسلامی من علم الجینات و العلاج الجینی؟
    5465 الحقوق والاحکام 2011/04/17
    کما تعلمون ان هذه القضیة یمکن النظر الیها من زوایا مختلفة، و یمکن دراستها من خلال نوع التحولات و التغیرات الجینیة التی تحصل عن طریق هذا العلاج؛ و ذلک:1. هناک معالجات تحصل قبل ولادة الانسان و بعضها الآخر یحصل بعد الولادة.
  • ما هی أهم خصائص المواطن فی المجتمع الاسلامی؟
    11715 العملیة 2008/04/23
    ان الدین الاسلامی باعتباره آخر شریعة إلهیة هو دین جامع و کامل و علی هذا فقد اهتم الاسلام بالاحکام و القوانین الاجتماعیة کاهتمامه بالاحکام الفردیة، فمن وجهة نظر الاسلام فان الحیاة الاجتماعیة و علاقات الافراد فی المجتمع و مسؤولیات المواطن فی قبال الناس و المجتمع الذی یعیش فیه، لها اصول ...
  • هل الإنسان مختار؟ وما هی حدود اختیاره؟
    8968 الکلام القدیم 2007/09/12
    لعدة مرات فی الحیاة نجد أنفسنا غرباء منفردین، و الطریق الذی لا نجد بداً من السیر علیه، هو الطریق الثابت المعین من قبل لحیاتنا، و ذلک فی عدة أمور من أمثال الأصل الذی ننحدر منه، القومیة ، العائلة التی نولد فیها، القوام الذی نتمتع به، الهیئة التی ...
  • هل مجرد سوء الظن بالآخرين و الذي لم يقارنه شيء آخر يستوجب طلب البراءة منهم؟
    6737 العملیة 2012/05/31
    لا شك أن التعاليم الاسلامية قد حثت على اشاعة ظاهرة حسن الظن بين المؤمنين و وثوق بعضهم بالبعض الآخر و إجتناب سوء الظن، و بينت أن سوء الظن في حد نفسه، أمر غير محبذ، سواء اقترن بما يظهره للملأ أم لا، و سواء انعكس على سلوكيات صاحبه أم ...

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    281235 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    261019 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    130348 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    118268 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    90162 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61908 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    61674 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57866 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    53353 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    49713 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...