بحث متقدم
الزيارة
5882
محدثة عن: 2012/04/05
خلاصة السؤال
أطلب منکم توضیحاً عن نظریة کانت في نیة العمل الأخلاقي مع بیان النقد الإسلامي لها.
السؤال
لقد أکّد امانوئل کانت في نظریته الأخلاقیة علی دور النیة أیضاً، أرجوا منکم توضیح هذه النظریة مع بیان الفرق بینها و بین النظریة الإسلامیة.
الجواب الإجمالي

نظریة کانت

إن أيّ عمل طبقاً لنظریة کانت لا یکون له قیمة أخلاقیة إلّا إذا کان بدافع إطاعة العقل و إلا لا تکون له أيّ قیمة أخلاقیة مهما کان المحفز و الدافع له؛ کتلبیة العاطفة أو تحصیل الکمال و السعادة و الثواب الدنیوي أو الأخروي. فالعمل الأخلاقي هو ما توجبه الوظیفة العقلیة و ما یفعله الفاعل بحکم العقل من دون أيّ انتظار لثواب أو لأي أثر من الآثار المترتبة علیه حتی لو کان الأثر تلبیة للعواطف أو کمالاٌ للنفس. و هذه هي خلاصة نظریة کانت في هذا المضمار.

نقد نظریة کانت

في الجواب عن هذا الکلام لابد من القول، ما تفرضه هذه النظریة بأن الإنسان یمکنه أن یعمل العمل بدافع إطاعة العقل فقط و لیس له دافع آخر حتی کمال نفسه، هذا الأمر غیر ممکن و غیر میسّر فکما تخیل المرء بأنه یعمل العمل بهدف إطاعة العقل، ففي الواقع هناک دافع آخر أعمق لکنه مستور و مخفيّ في باطن هذا الدافع الظاهري؛ لذلک فلو سئل عن سبب إطاعته لحکم سیجیب حالاً بأن الإنسان لابد له و أن یطیع حکم العقل إذ إن إنسانیته بذلک. و هذا الجواب یدل علی أنه یری کماله الإنساني بإطاعته حکم العقل؛ و هذا یعني وجود دافع أهمق ماوراء حکم العقل و هو کمال النفس. إذن من لم یقبل حکم العقل فسیکون إنساناً سیّئاً و ناقصاً. نستنتج مما تقدم. فرضیة ان العمل یمکن أن یؤدی بدافع إطاعة العقل، فرضیتة خاطئة و تعتبر نوعاً من التفکّر السطحي. [1]

النیة في الرؤیة الإُلامیة:

إن العمل الأخلاقي في الرؤیة الإسلامیة، هو العمل الذي لا یراد منه إلا رضا الله سبحانه و تعالی. و رضا الله سبحانه له مراتب و البشر في حال البحث عنه بصور مختلفة؛ فهذا الطلب في الإنسان له صور متعددة: فقد یُطلب رضا الله المنشود بلحاظ أنه المنشأ للثواب الأخروي، أو بلحاظ کونه المنشأ للنجاة و الخلاص من العذاب و قد یطلب لا لهذا و لا لذاک بل یکون الدافع للعمل رضا الله سبحانه فقط، فیکون عندئذٍ طلبه لرضا الله طلب ذاتي لا غیري. و هذه الحقیقة تبدو في أولیاء الله سبحانه و ینیبون علیها بوصفها الدافع للأعمال و العبادات.

علی کل حال، فحدّ النصاب للقیمة الأخلاقیة للعمل في النظریة الإسلامیة هو أن یکون لجلب رضا الله سبحانه. و بعبارة أخری، إن المقوم للقیمة الأخلاقیة للعمل هو أن یؤدی لهدف تحصیل رضا الله عزّ و جلّ. [2]

 


[1] مقتبس من: الأخلاق في القرآن، سلسلة دروس الأستاذ محمد تقي المصباح الیزدي، تحقیق و کتابة، الاسکندري، محمد حسین، ج 1، ص 117، الموقع: www.mesbahyazdi.org

 [2] نفس المصدر، ص 118.

 

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280300 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258899 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129701 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115823 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89600 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61143 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60417 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57401 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51759 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47752 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...