Please Wait
8952
نقل المحدثون من أهل السنة و الشیعة أحادیث "افتراق الأمة" من طرق مختلفة.
کل هذه الأحادیث تحکی عن تفرّق المسلمین بعد رسول الله (ص) و هی متواترة معنى. فعلى أقل تقدیر یکون واحد من هذه الأحادیث الکثیرة صحیحاً و متصلاً سنداً.
بعد ارتحال کل واحد من أنبیاء الله، انحرف ـ و لشدید الأسف ـ الکثیر من أتباعهم عن المسیر الذی رسمته لهم أنبیاؤهم. و قد کان النبی الأعظم (ص) یرى بعلم النبوة مستقبل أمته بوضوح فأنبأ عن هذا المستقبل فی روایات کثیرة (أحادیث افتراق الأمة). حیث نقل المحدثون من أهل السنة و الشیعة أحادیث "افتراق الأمة" عن طرق متعددة. [1] و قد ورد هذا الحدیث فی کثیر من المصادر الشیعیة کالخصال للشیخ الصدوق و تفسیر العیاشی و الاحتجاج للطبرسی. [2] الجدیر بالذکر أن هذه الأحادیث متواترة معنى؛ یعنی کونها تشترک فی الاشارة الى معنى واحد و إن اختلفت فی طریق التعبیر و نوع العبارات المستعملة أی فی الکلمات و الألفاظ.
فهذه الروایات تخبر عن تنبؤ النبی (ص) بمستقبل أمته و تفترقها إلى ثلاث و سبعین فرقة.
و من أصح تلک الروایات سنداً الحدیث الذی نقله الکلینی فی کتاب الکافی عن الإمام الباقر (ع)، من هنا نحاول تسلیط الضوء علیه و بحثه سنداً و متناً:
سند الحدیث:
مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَى عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ جَمِیلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ أَبِی خَالِدٍ الْکَابُلِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ(ع).
تقسّم الأحادیث من حیث سندها إلى عدة أقسام. منها الحدیث الصحیح وهو الحدیث الذی یکون جمیع أفراد سلسلة سنده من الشیعة الثقات [3] و إذا کان جمیع الرواة فی السند الواحد من کبار عصرهم و من الأجلّاء، عند ذلک یحصل اطمئنان أکثر بصدور الحدیث و حدیث الإمام الباقر (ع) من جملة هذه الأحادیث، لأن جمیع الرواة المذکورین فی السند من العظماء و الأجلاء، فمحمد بن یحیی من جملة هؤلاء العظماء و قد قال فی حقه النجاشی: شیخ أصحابنا فی زمانه، ثقة، عین، کثیر الحدیث. [4] و قال فی حق أحمد بن محمد بن عیسى: "و أبو جعفر رحمه الله شیخ القمیین، و وجههم، و فقیههم" [5] و کذلک الحسن بن محبوب حیث نصت الکتب الرجالیة على وثاقته و هو من أصحاب الإجماع. [6] و عد جمیل بن صالح و أبو خالد الکابلی من الکبار و العظماء. [7]
إذن الحدیث من حیث السند صحیح و متصل.
نص الحدیث:
لقد ورد هذا الحدیث فی تفسیر الآیة 29 من سورة الزمر حیث یقول الإمام (ع): "إِنَّ الْیَهُودَ تَفَرَّقُوا مِنْ بَعْدِ مُوسَى (ع) عَلَى إِحْدَى وَ سَبْعِینَ فِرْقَةً مِنْهَا فِرْقَةٌ فِی الْجَنَّةِ وَ سَبْعُونَ فِرْقَةً فِی النَّارِ؛ وَ تَفَرَّقَتِ النَّصَارَى بَعْدَ عِیسَى (ع) عَلَى اثْنَتَیْنِ وَ سَبْعِینَ فِرْقَةً فِرْقَةٌ مِنْهَا فِی الْجَنَّةِ وَ إِحْدَى وَ سَبْعُونَ فِی النَّارِ؛ وَ تَفَرَّقَتْ هَذِهِ الْأُمَّةُ بَعْدَ نَبِیِّهَا (ص) عَلَى ثَلَاثٍ وَ سَبْعِینَ فِرْقَةً اثْنَتَانِ وَ سَبْعُونَ فِرْقَةً فِی النَّارِ وَ فِرْقَةٌ فِی الْجَنَّةِ، وَ مِنَ الثَّلَاثِ وَ سَبْعِینَ فِرْقَةً ثَلَاثَ عَشْرَةَ فِرْقَةً تَنْتَحِلُ وَلایَتَنَا وَ مَوَدَّتَنَا [8] اثْنَتَا عَشْرَةَ فِرْقَةً مِنْهَا فِی النَّارِ وَ فِرْقَةٌ فِی الْجَنَّةِ وَ سِتُّونَ فِرْقَةً مِنْ سَائِرِ النَّاسِ فِی النَّارِ." [9]
إذن سند الحدیث صحیح و نصه واضح الدلالة و تؤیده الأحادیث الأخرى التی جاءت بنفس المضمون. و من الملفت أن الکثیر من الروایات فی هذا المجال قد اعتبرت الفرقة الناجیة شیعة الإمام علی (ع). [10]
للحصول على المزید من المعلومات فی هذا المجال انظر المواضیع التالیة:
1ـ سؤال 487 (الموقع: 528) (أسباب نشأة الفرق الإسلامیة)
2ـ سؤال 7550 (الموقع: 9819) (دوافع نشأة الفرق والمذاهب)
[1] الطباطبائی، محمد حسین، المیزان، ج3، ص 379، قم، مکتب النشر الإسلامی، قم 1417 ق؛ جعفری، یعقوب، تفسیر کوثر،ج3، ص 443 بدون تاریخ و مکان الطبع.
[2] ال مجلسی ، محمد باقر، بحارالأنوار،ج28،ص4، موسسه الوفاء، بیروت،1404.
[3] نقلا عن برنامج درایة النور، مصطلحات علم الحدیث.
[4] ال نجاشی، رجال النجاشی،ص 353، دفتر انتشارات اسلامی ، قم،1407.
[5] المصدر نفسه، ص 82.
[6] راجع: رجال الکشی،ص 556.
[7] راجع: رجال النجاشی،ص 127 و رجال الکشی، ص 10،انتشارات جامعة مشهد،1348.
[8] قد یکون إشارة للفرق الشیعیة غیر الاثنی عشریة .
[9] ال کلینی، محمد بن یعقوب، الکافی، ج8، ص224، دار الکتب الإسلامیة، طهران،1368.
[10] بحار الأنوار، ج28، ص2، باب افتراق الامة بعد النبی.