بحث متقدم
الزيارة
7733
محدثة عن: 2009/01/17
خلاصة السؤال
کیف یمکن تقویة حب العبادة عند أبنائی؟
السؤال
ان ابنی یتهاون کثیراً بالعبادات و خصوصاً الصلاة، فأحیانا هو یصلی بالحاح والده فی حضوره، و لکنه أحیانا لا یصلی فی حضوری، فأنا قلقة دوماً عن مستقبله و عمره 23 سنة و قد خطبنا امراة أخیراً، فما هی وظیفتی کأم؟ و إذا اطلع ابوه علی انه یترک صلاته عمداً، فانه یخرجه و یتخاصم معه، و قد سقط من عینه الی حدما، فانا قلقة و ارجو ان ترشدونی.
الجواب الإجمالي

للترغیب و التشجیع لأداء الفرائض الدینیة یجب أولاً دراسة البنیة التحتیة الفکریة للشخص و السعی فی إصلاحها و تقویتها. ان رؤیة الشخص و عقیدته حول الله و الکون و الانسان و المعاد و ... لها تأثیر مباشر علی إیمانه و التزامه بأداء الفرائض و علی أعماله و سلوکه. ان کسب ثقة الشخص المقابل و حسن ظنه (و منهم الابناء) ضروری فی تأثیر الجهود التربویة و فی تقویة اسسه الفکریة، و ان انعدام الرابطة القویة مع الأبناء یؤدی الی انعدام تأثیر برامجنا التربویة.

و عن طریق استخدام الأسالیب التربویة الصحیحة یمکننا ایجاد الرابطه القویة مع أبنائنا، و من تلک الأسالیب الضروریة و المناسبة ما یلی:

1. اکرام الابناء: قال النبی (ص): "أکرموا اولادکم و أحسنوا آدابهم".

2. معرفة مقتضیات مرحلة الشباب (مثل روح الاستقلال، و الاحساسات و العواطف و ...).بصورة عامة، و معرفة الروحیات الخاصة لکل واحد من الأبناء، و تلبیة الطلبات و الحاجات المشروعة و المقبولة لمرحلة الشباب.

3. تحویل محیط الاسرة الی مقرّ للحب و الطمأنینة و الاستقرار.

4. تثمین النجاحات و تشجیعها بما یناسبها.

5. إظهار عدم الرضا عن الامور غیر المناسبة (ولو بتقطیب الوجه).

6. إبداء الطلبات بطریق الاقتراح و الاستشارة أو عن طریق شخص له تأثیر اکثر فیه مثل (الخطیبة).

7. الاحتراز عن اکثار الأمر و النهی و تکراره.

الجواب التفصيلي

ان تربیة الأبناء هی من أعظم وظائف الوالدین و لها طرق و أسالیب دقیقة جداً یجب الالتفات الیها. و لأجل الوصول الی الأهداف التربویة بسرعة و اتقان یلزم – فی صورة الامکان – مراجعة أحد مراکز المشاورة الموثوق به (مثل مرکز مشاورة الحوزة العلمیة) و الاستفادة من توجیهات و توصیات المشاورین الدینین و المطلعین علی القضایا النفسیه و التربویة.

و لکن یجب الالتفات قبل کل شیء الی أن الاسس الفکریة للاشخاص و الرأی و العقیدة فیما یتعلق بالله و الکون و الانسان و المعاد و ... لها تأثیر مباشر علی إیمان الشخص و التزامه بأداء الفرائض و علی أعماله و سلوکه.[1]

و نحن هنا نشیر إلی بعض الأسالیب التربویة الصحیحة العامة. و لکل فرد خصائصه المختصة به، فیجب التعرف جیداً علی هذا الخصائص و التعامل معه علی أساس خصائصه فی کل دور و مرحلة من مراحل حیاته. فربما کانت وسیلة مفیدة فی فترة الطفولة لکنها فی فترة المراهقة او الشباب لیست مناسبة بل ضارة أیضاً.

و من خصائص مرحلة الشباب و المراهقة ما یلی[2]:

الف. اهمال النماذج السلوکیة المتخذة من الاسرة و التأثر الأکبر بالاصدقاء فی نوع الملبس و الشکل الظاهری و هیئة و تصفیف الشعر و ... بل أحیاناً حتی فی الثقافة و المیول الدینیة حیث تراهم یختارون الدین الذی یحترمه أصدقاؤهم.[3]

ب. تکوین علاقات اجتماعیة متعددة خارج البیت مع الأصدقاء و القیام بفعالیات اجتماعیة و ریاضیة و سیاسیة وثقافیة و دینیة و ... و نتیجة ذلک ان تکون فرصة بقائهم مع الاسرة قلیلة و أحیاناً یشعر الوالدان أیضاً ان أبناءهم أصبحوا غرباء عنهم[4].

ج. المیل الی استقلال الشخصیة و التحرر من قیود مرحلة الطفولة و الالتحاق بکبار السن، و فی حالة النجاح فی هذا المجال فانه عادة ما یبرز اعتراضه علی شکل تمرد و طغیان و یقوم بأعمال غیر طبیعیة، فتسوء أخلاقه و تصرفاته، و فی الواقع هو یقول بلسان الحال احترموا شخصیتی و اعتبرونی مستقلاً و حراً.[5]

د. ان عدم الاحترام و سوء التصرف و الانتقاد و اللوم المتکرر، یسوق هؤلاء الی سوء الاخلاق و روح الانتقام و فی بعض الاحیان الی الجریمة.[6] یقول امیر المؤمنین (ع): "الإفراط فی الملامة یشبّ نیران اللجاج".[7]

و یقول (ع) فی موضع آخر: "و إیاک أن تکرر العتب فان ذلک یغری بالذنب و یهون العتب ).[8]

هـ. إن نصیحة الابن و خصوصاً الشاب أمام الآخرین یؤدی الی إهانة شخصیته. قال أمیر المؤمنین علی (ع): "النصح فی الملاء تقریع".[9]

و للتعامل الصحیح مع أبنائنا ینبغی علینا:

1. فی أمر التربیة ینبغی الالتفات و الاعتناء عنایة خاصة بسیرة المعصومین (ع) و الروایات الواردة عنهم، و لهذا فیجب التعرف علی کیفیة رؤیة المعصومین بالنسیة للشباب. یقول أمیر المؤمنین علی (ع) حول مرحلة الشباب: "جهل الشباب معذور و علمه محصور".[10]

ان التأمل فی هذا الکلام و باقی تعلیمات المعصومین (ع) یجعل الانسان متصبراً و متانیاً أکثر فی تعامله مع أخطاء الشابّ و زلاته.

2. فی تعلیم المعتقدات الدینیة یجب الاحتراز الاکید عن الخطابات المؤیسة، و الترکیز علی لطف الله و رحمته و عطفه علی جمیع عباده و خصوصاً الشباب. و یری علماء نفس متعددون مثل (راجرز) و (کمزوا استیک) ان السلوک یتأثر بالاحساسات، و ان اسلوب التلقی و الادراکات و الاحساسات هی التی تحددّ السلوک. و لهذا السبب فاذا طرح المربی التعالیم الدینیة فی إطار الاحساس بالخوف و الیأس و السلبیة فسوف لا تتحقق الأهداف المرجوة من التربیة الدینیة.[11]

قال الامام الصادق (ع): "الحب أفضل من الخوف".[12]

3. بالحب و الاهتمام المتمیز و إعطاء الهدایا فی المناسبات المختلفة، ینبغی ان نعطف قلوب أبنائنا نحونا اکثر فاکثر، لکی لا یلجأ الأبناء الی خارج البیت و الی الاصدقاء غیر الصالحین من أجل تعویض النقص العاطفی. یقول النبی الاکرم (ص) حول إکرام الابناء: "اکرموا أولادکم و أحسنوا آدابهم".[13]

4. الاحتراز عن العنف و سوء الخلق. یقول أمیر المؤمنین علی (ع) فی هذا الصدد: "سوء الخلق یوحش القریب و ینفر البعید".[14]

5. التغافل عن بعض أخطاء الأولاد و التظاهر بعدم العلم بها. لأنه بغیر ذلک سوف یقل حیاؤه منکم. یقول أمیر المؤمنین علی (ع): "ان العاقل نصفه احتمال و نصفه تغافل".[15]

6. الاحتراز ما امکن عن النصح المباشر، و إبداء الطلبات بشکل غیر مباشر. یقول الامام الرضا (ع): "سمعت أبی (ع) یقول: "النصحیة خشنة".[16]

7. الالتزام بکثرة الحضور الودی فی جنب الاسرة (و خصوصاً الأب) و خصوصاً فی الأوقات التی یتواجد فیها جمیع أعضاء الاسرة و ذلک یؤدی الی نشر جو من الود ما المحبة فی الاسرة.

8. التطابق الکامل بین اقوال و أفعال الوالدین و المربین، لانه یلزم أن نلتزم بالشکل المطلوب بما نطلبه من الآخرین. یقول الامام الصادق (ع): "کونوا دعاة للناس الی الخیر بغیر ألسنتکم، لیروا منکم الاجتهاد و الصدق و الوردع".[17]

9. الاحتراز عن اسلوب التحکم و القوة و التهدید، و استخدام اسلوب التحلیل و التفهیم و بیان حکمة الاحکام، لان عدم التبیین المنطقی للاسلام یمکنه ان یکون خللاً یؤدی الی ابتعاد الشباب المسلم عن الدین، مثلما کان سبب عدول المسیحیین عن المسیحیة و میلهم الی الدین الاسلامی، هو عدم اقتناعهم المنطقی بدینهم.[18]

10. السعی المنطقی من أجل التمهید لحضوره فی الاماکن و المجالس الدینیة (الخالیه من الخرافات و الهوامش غیر المنطقیة) و التعرف علی الشخصیات الدینیة الناجحة، سوف یقوی التزامه بالتعالیم الدینیة، و اذا عقدتم مثل هذه المجالس فی منزلکم و أعطیتم له مسؤولیة فی هذه المجالس ایضاً، فلا یخلو ذلک من التأثیر الایجابی.

11. (آخر الدواء الکی)[19]: اذا لم تنفع أسالیب الملاطفة بعد مدة یعتنی بها فحینئذ یمکن استخدام الأسالیب القهریة، لکن یجب الالتفات انه فی هذه الاسالیب أیضاً مثل باقی الاسالیب لا ینبغی أن نقع فی جانب الافراط، لانه یؤدی الی نتائج معکوسة، و من جهة اخری فانه ما لم نطمئن بفائدة هذا الاسلوب فلا یمکن اللجوء الیه. و لهذا السبب فان طرد الابن و إخراجه من البیت لیس عملاً لائقاً. و علی أی حال: اذا لم یقصر المربی - و بشکل خاص الوالدان – بالنسبة الی المسؤولیة الملقاه علی عاتقهم فی تربیة الاولاد، و مع هذا لم تنفع تربیتهم، فلا ینبغی أن یلوموا أنفسهم و یؤنبوها، لان الانسان خلق حراً و هو مختار فی قراراته،[20] و ان کل شخص هو مسؤول عن أعماله.



[1] لاحظ: القرص المدمج، (پرسمان): (التساؤلات).

[2] للاطلاع اکثر تراجع کتب علم نفس التربیة.

[3] مؤسسة الامام الخمینی، تقویة نظام الاسرة و معرفة الآفات، ج 1، ص 40.

[4] المصدر، ص 39.

[5] الفلسفی، محمد تقی، محاضرات الفلسفی، الکبار و الشباب من ناحیة الافکار و المیول، ج 1، ص 38.

[6] المصدر، ص 55.

[7] تحف العقول، ص 84.

[8] غرر الحکم، ص 278.

[9] ابن ابی الحدید، شرح نهج البلاغة، ج 2، ص 341.

[10] غرر الحکم، ص 76.

[11] تقویة نظام الاسرة، ج 1، ص 266.

[12] الشیخ الکلینی، الکافی، ج 8، ص 128.

[13] مستدرک الوسائل، ج 15، ص 168.

[14] غرر الحکم، ص 435.

[15] محمدی الری شهری، میزان الحکمة، الحدیث، 14915.

[16] کشف الغمة، ج 3، ص 86.

[17] المحدث النوری، مستدرک الوسائل، ج 8، ص 456.

[18] الدکتور الساجدی، الابتعاد عن الدین لماذا، المیل الی الدین کیف؟ ص 226.

[19] العلامة المجلسی، بحار الانوار، ج 31، ص 503.

[20] الانسان، 3 ، "انا هدیناه السبیل اما شاکرا و اما کفوراً".

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280465 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    259118 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129816 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    116202 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89697 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61314 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60564 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57472 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    52091 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    48156 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...