بحث متقدم
الزيارة
7938
محدثة عن: 2007/11/15
خلاصة السؤال
ما هو الفرق بین العرفان العملی و العرفان النظری؟
السؤال
ما هو الفرق بین العرفان العملی و العرفان النظری؟
الجواب الإجمالي

هناک معنیان یذکران للعرفان العملی:

1ـ نفس السلوک و العمل.

2ـ التعلیمات المشتملة على المنهج السلوکی.

و أما العرفان النظری فتارة یجعل فی مقابل المعنى الأوّل، و تارةً مقابل المعنى الثانی. أی أن العرفان النظری یتابع بیان أحوال السالک أو بیان مباحث معرفة الوجود و معرفة الإنسان.

الجواب التفصيلي

توجد عبارات مختلفة فی طیات کلمات أهل الفن بخصوص بیان العرفان العملی و العرفان النظری و ما بینهما من فروق:

البیان الأوّل:

للعرفان جانبان:

1ـ الجانب الاجتماعی (التصوف): و فی هذا العنوان ینظر إلى العرفان باعتباره فرقة اجتماعیة تدرس على أساس خصوصیاتها و متبنیاتها.[1]

2ـ الجانب العلمی و الثقافی: و هذا الجانب على قسمین:

ألف- البعد العملی، و فی هذا البعد یسعى العرفان إلى تغییر الإنسان، و ذلک من خلال بیان علاقات الإنسان مع نفسه و عالمه وخالقه.

ب- البعد النظری، و فی هذا الجانب یحاول العرفان أن یفسر الوجود و معنى ذلک تفسیر الله و العالم و الإنسان.[2]

البیان الثانی:

الأبحاث الإرشادیة بخصوص معرفة الإنسان و الإنسان الکامل و التوحید و أسماء الحق و صفاته، و معرفة الوجود، کل هذه الأبحاث من مقولة العرفان النظری، و أما الزهد و المحبة و الریاضة و الذکر و الإحساس و العبادة، فإنها من مقولة العرفان العملی.[3]

البیان الثالث:

و فی دائرة العرفان النظری، فإن العارف یسعى إلى بیان ما یشاهده بقلبه بلغة العقل.[4]

البیان الرابع:

إن صاحب کتاب العرفان النظری و بعد أن ینتهی من بیان المطلب السابق یرکز على إیضاح أهم المسائل العرفانیة الأساسیة فی العرفان الإسلامی و المتمثلة فی (العناصر الأساسیة للعرفان) و هی: 1ـ الوحدة 2ـ الشهود 3ـ الفناء 4ـ الریاضة 5ـ العشق.

و بالنسبة للفرق بین العرفان النظری و العلمی یقول: العرفان العملی عبارة: عن إجراء برنامج دقیق و شاق من أجل عبور المراحل و المنازل و الوصول الى المراتب و الحالات فی طریق الحصول على الإطلاع و المعرفة العرفانیة لینال التوحید و الفناء و ذلک ما یعبر عنه بالطریقة.

و أما العرفان النظری فهو: مجموعة تعابیر العرفاء عن المعارف و المعطیات الشهودیة فی مسألة حقیقة العالم و الإنسان.[5]

البیان الخامس:

بعد أن بین صاحب تمهید القواعد الإشکالات الواردة على المبادئ النظریة لمسألة ضرورة وجود الإنسان الکامل، فإنه یطرح الإشکالات الموجهة إلى مبادئ العرفان العملی (التی توحی بالوصول إلى مقام الکون الجامع) فیقول:

" أقول ما سبق من الإشکالات إنما هی متعلقة بالقسم النظری من علومهم، و هذه الإیرادات متعلقة بالقسم العملی منها."

یقول آیة الله جوادی الآملی فی شرح هذه الفقرة:

المراد بالعرفان العملی هنا مجموعة التعلیمات المشتملة على منهج السلوک العملی، و لذلک فهذا یغایر العرفان العملی الذی یمثل عین السلوک العملی غیر المقید بالألفاظ و القضایا و المسائل و نظائرها.[6]

إنه یقول لا وجود للمسألة و القضیة فی حوزة العرفان و الکلام عن المرحلة؛ یعنی أن العارف یسعى ـ و من خلال طی المراحل ـ الوصول إلى عین الیقین، و عین الیقین غیر الاطلاع و المعرفة بواسطة المفهوم، و إنما هی مشاهدة عین الواقع.

إن الذی یدرک الواقع بتوسط المفهوم مثله کمثل من یتحدث عن النار حین مشاهدة الدخان، و أما من یوفق لإزالة الوسائط کحارثة بن مالک، فإنه یتمکن من مشاهدة النار بعین الیقین.

و أما العرفان النظری الذی یعتمد على المفهوم، فإنه علم ینطوی على المسألة و البرهان.[7]

نتیجة البحث:

و کما نشاهد فإن الظاهر قد یوحی بوجود تهافت و تعارض فی هذه البیانات، و لکن فی حالة التأمل و الدقة فیما تقدم، فإنه یصبح من المعلوم أن سعة و ضیق مفهوم العرفان النظری له ارتباط بکیفیة ما نتصوره من معنىً ذهنی للعرفان العملی.

و قد طرح معنیان للعرفان العملی:

1- إنه عین السلوک و العمل.

2- التعلیمات التی تشتمل على المنهج السلوکی.

فی البیانین الأوّلین یکون النظر إلى الفرق بین العرفان النظری و العملی، و من هنا یوضع العرفان النظری فی مقابل المعنى الثانی، و أما البیانات الثلاثة الأخیرة، فقد اعتبر العرفان النظری فی مقابل المعنى الأوّل، و على هذا، فلا إشکال فی المعنى الثانی، لأن کل أبحاث الأسفار الأربعة، و بیان مراحل السیر و السلوک و قوس الصعود و النزول، و الزهد و المحبة، و الریاضة، و .... طرحت فی العرفان النظری.



[1] و من هنا سمیت هذه الفرقة (بالصوفیة) و قد ذکرت عدة وجوه لهذه التسمیة فی کتاب أسس العرفان و التصوف، للدکتور قاسم الأنصاری، الدرس الأول.

[2] الشهید المطهری، التعرف على العلوم الإسلامیة، قسم العرفان، ص70-75.

[3] ناظم زاده القمی، علی آینه ی عرفان "علی مرآة العرفان"، ص40-41.

[4] الشهید المطهری، آشنایی با علوم اسلامی، بخش عرفان"العلوم الإسلامیة"، قسم العرفان، ص76-77.

[5] الدکتور الیثربی، عرفان نظری" العرفان النظری"، ص38-53.

[6] آیة الله جوادی الآملی، تحریر تمهید القواعد، ص598-601.

[7] تحریر تمهید القواعد، ص13، و 158.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    279433 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    257224 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    128134 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    113233 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    88991 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    59832 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    59546 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    56852 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    49722 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47161 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...