بحث متقدم
الزيارة
6149
محدثة عن: 2011/01/08
خلاصة السؤال
کیف نجیب عن التفکیک بین مقام الخلافة و مقام الامامة بان الاول سیاسی و الثانی ثقافی علمی وارشادی؟
السؤال
کیف نجیب عن التکفیک الذی یذکره الاخوة من أهل السنة حیث یقولون: إن مقام الخلافة مقام سیاسی و مقام الإمامة مقام دینی بمعنى أنهم یقبلون الائمة کمرجعیة علمیة فقط؟
الجواب الإجمالي

صحیح أن أهل السنة تبعوا أبا بکر و سائر الخلفاء فی القیادة السیاسیة و لکن طائفة منهم قالت بان الاجدر بالقیادة هو الامام علی (ع) على المستوى العلمی و السیاسی و الروحی معاً، و بالنسبة الى قضیة التفکیک بین الصلاحیات ترفض الشیعة التفکیک المذکور و یرون أنه نظریة خاطئة، لأن الشیعة یفسرون الامامة تفسیراً ممیزاً و ینظرون الى مفهوم الامامة نظرة خاصة حیث یرونها امتداداً للنبوة و أن للإمام جمیع ما للنبی من مهام و صلاحیات (باستثناء تلقی الوحی)؛ بمعنى أن کل ما یکون لازما للنبی یکون لازما للإمام أیضاً. انطلاقا من هذا الفهم، لما کان التفکیک بین القیادة السیاسیة و المرجعیة الدینیة فکرة بعیدة عن المنطق بالنسبة الى النبی الاکرم (ص) فهی کذلک بالنسبة الى الإمام.

الجواب التفصيلي

فی البدایة نرى من المناسب التذکیر بقضیة و هی: صحیح أن أهل السنة تبعوا أبا بکر و سائر الخلفاء فی القیادة السیاسیة و لکن طائفة منهم قالت بان الاجدر بالقیادة هو الامام علی (ع) على المستوى العلمی و السیاسی و الروحی معاً، و بالنسبة الى قضیة التفکیک بین الصلاحیات ترفض الشیعة التفکیک المذکور و یرون أنه نظریة خاطئة.

إن القائلین بفکرة التفکیک بین الصلاحیات أرادوا أن یقنعوا العامة من الناس بما هم علیه فقالوا بنظریة التکفیک المزعومة، و قالوا لیس من الضروری أن یتصدى للقیادة السیاسیة شخص کالإمام علی (ع) الذی یمتاز بتقدمة العلمی على من سواه.

فانهم مع إذعانهم بالمنزلة العلمیة و المکانة المعنویة لأمیر المؤمنین (ع) و أنه الافضل ممن سواه، لکنهم لا یعترفون ببعض الخصائص و الصفات التی یعتقد بها الشیعة بالنسبة الى أئمتهم فهم لا یعتقدون بعصمة الائمة و المقامات الباطنة لهم، نعم، هناک طائفة من أهل السنة تؤمن بالمقام العرفانی السامی للإمام علی (ع).

لکن الجدیر بالذکر أن الشیعة یفسرون الامامة تفسیراً ممیزاً و ینظرون الى مفهوم الإمامة نظرة خاصة حیث یرونها امتداداً للنبوة و أن للإمام جمیع ما للنبی من مهام و صلاحیات (باستثناء تلقی الوحی)؛ بمعنى أن کل ما یکون لازما للنبی یکون لازما للإمام أیضاً؛ فعلى سبیل المثال اذا کانت مهمة النبی اصلاح أمور المسلمین فلابد أن یؤدیها على الوجه اللائق. و بما أن الهدایة فی جمیع ابعادها تقع على عهدته (ص) فلا بد أن یکون معصوما فی جمیع الابعاد أیضا، و بما أن الائمة یحملون نفس المهمة فمن اللازم حینئذ أن یکونوا معصومین أیضاً. من هنا اذا کان الواجب یقتضی کون المتصدی للامور السیاسیة هو شخص النبی (ص) و کذلک الامور الدینیة لا یصال البشریة نحو الکمال، فهذا الامر یلزم الامام بعد النبی أیضاً. فعلى الامام هدایة البشریة فی جمیع الصعد السیاسیة منها و العلمیة و الروحیة.

بعبارة أوضح: إن حاجة الأمة للمعصوم لا تنحصر بالمسائل المعنویة فقط، بل وصول المجتمع الاسلامی الى أهدافه المنشودة لا یتحقق الا اذا رسم له الحاکم الاسلامی افضل الطرق السیاسیة، و هذا لایتم الا اذا کان الحاکم معصوماً.

إذن حاجة المسلمین لهکذا قیادة لا تنحصر بزمن النبی، و أن حاجة البشریة الى الهدایة فی جمیع المجالات لا تتحدد بزمن النبی بل هی شاملة لکل الازمنة و أن البشریة بحاجة الى الاعلم على جمیع الصعد و مع وجود هکذا شخص کیف یمکن الاذعان بوضع شؤون الأمة تحت تصرف شخص أدنى منزلة من الامام؟!!

و من الضروی التذکیر بقضیة هی: أن الحکومة الدینیة بمعناها الصحیح تعنی الحکومة التی تدیر شؤون المجتمع على أساس القوانین الالهیة و توفر الارضیة المناسبة لنمو الاستعدادات و تطور الامکانات لتسهیل وصول الانسان الى الکمال و ایجاد المجتمع الصالح و التصدی لکل ما من شأن الحد من رقی المجتمع و تقدمه کالفساد الاخلاقی و الاجتماعی و...

و لقد أشار القرآن الى أن مهمة الانبیاء تکمن فی التصدی للامور السیاسیة و الاجتماعیة و اصلاح أمور المجتمع و اقامة العلاقة الطیبة و العادلة بین افراده و ان هذا من أهداف الانبیاء و التعالیم الدینیة الاساسیة التی اشارت الیها بعض الآیات کقوله تعالى: " لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَیِّناتِ وَ أَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْکِتابَ وَ الْمِیزانَ لِیَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَ أَنْزَلْنَا الْحَدِیدَ فِیهِ بَأْسٌ شَدِیدٌ وَ مَنافِعُ لِلنَّاسِ" [1] و "وَ لَقَدْ بَعَثْنا فِی کُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَ اجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ". [2]

و کذلک بالنسبة الى اختصاص الحاکمیة مطلقا و على جمیع المستویات المادیة و المعنویة و الدنیویة و الاخرویة بالله و رسوله و اولی الامر " إِنَّما وَلِیُّکُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِینَ آمَنُوا الَّذِینَ یُقِیمُونَ الصَّلاةَ وَ یُؤْتُونَ الزَّکاةَ وَ هُمْ راکِعُونَ ". [3] و اثبات الإمامة و القیادة السیاسیة و الاجتماعیة للنبی (ص) و الائمة (ع) و لخلفائهم " إِنَّ اللَّهَ یَأْمُرُکُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلی‏ أَهْلِها وَ إِذا حَکَمْتُمْ بَیْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْکُمُوا بِالْعَدْلِ... ". [4] کل ذلک یکشف عن عدم الفصل بین الدین و السیاسة.

اتضح من خلال ما مر أن فکرة فصل الدین عن السیاسة لا یمکن التسلیم بها، و بما أن هذا الفصل غیر ممکن فمن اللازم حینئذ کون المتصدی لشؤون المسلمین أکمل الناس و أصلحهم فی عصره.

نعم، یبقى الکلام فی تحدید المصداق و من هو الرجل الذی تتوفر فیه تلک الشروط دون سواه؟، الى مجال و بحث آخر. لکن من خلال الادلة التی بین ایدینا نرى أن الائمة لیس افضل الناس فی عصرهم فقط، بل هم عصارة الخلقة و قد جعلهم الباری حجة و دلیلا لهدایة البشریة.

لمزید الاطلاع انظر الاسئلة التالیة:

السؤال رقم1362(الرقم فی الموقع: 2709) .

السؤال رقم 2046 (الرقم فی الموقع: 2276) .


[1] الحدید، 25.

[2] النحل، .36

[3] المائدة، 55.

[4] النساء، 58.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280465 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    259118 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129816 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    116202 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89697 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61314 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60564 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57472 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    52091 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    48156 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...