بحث متقدم
الزيارة
7643
محدثة عن: 2011/07/21
خلاصة السؤال
هل أن تاریخ الطبری مورد اطمئنان وما ورد فیه حول اشتراک الحسنین (ع) فی فتح ایران؟
السؤال
هل یمکن الاطمئنان و الرکون إلى تاریخ الطبری؟ کما ورد فیه مثلاً أن الإمام الحسن (ع) و الإمام الحسین (ع) اشترکا فی حرب عمر على إیران، و إذا کان هذا الأمر صحیحاً فلماذا أجاز الإمام علی (ع) لابنیه مثل هذا العمل؟ و ما هو ذنب الإیرانیین حتى یقتلوا؟
الجواب الإجمالي

1.إن کون المصدر التاریخی معتبراً لا یعنی أن جمیع ما ورد فیه قطعی یمکن الأخذ به و تأییده. و تاریخ الطبری غیر مستثنىً من هذه القاعدة.

2. یضاف إلى ذلک أن الخبر المشار إلیه لیس له وجود فی المصادر الشیعیة.

3ـ إن بعض رواة هذا الخبر لم یوثق و هو علی بن مجاهد، قال عنه یحیى ابن معین و یحیى بن ضریس، و علی بن حسن الهسنجانی أنه کذاب وضاع.

4. على فرض صحة مثل هذا الخبر و أن الإمام الحسن و الإمام الحسین اشترکا فی هذه الحرب.

أولاً: مع أن الإمامین من المعارضین لحکومة الخلفاء الثلاثة و لکن هذا لا یعنی أن الإمام علیاً(ع) و أولاده و مریدیه یظلون بعیدین عن الوقائع و الحوادث التی تحدث فی مجتمعهم، و إنهم لا یلتزمون بالقوانین السائدة فی محیطهم.

ثانیاً: على فرض صحة اشتراکهما فی هذه الحرب، فإن وجودهم مع الجنود المقاتلین ذا بعد ثقافی توجیهی یمنع الجنود من ارتکاب بعض التجاوزات التی قد تنتهک فیها حرمة النفوس و الأموال.

ثالثاً: یمکننا أن نتساءل، فی أی تاریخ ورد أن الجنود الإیرانیین قتلوا بأیدی الإمامین الحسن و الحسین (ع)، حتى نبادر لإحقاق حقوقهم و الدفاع عنهم.

الجواب التفصيلي

بیان هذه المسألة التاریخیة قابل للنظر و التدقیق من عدة جهات:

1ـ إن اعتبار أی مصدر تاریخی لا یعنی أن جمیع ما ورد فیه صحیح و قطعی مائة بالمائة. و تاریخ الطبری لا یستثنى من هذه القاعدة فأن تاریخ الطبری من المصادر التاریخیة المعتبرة لدى أهل السنّة التی ذکر فیها خبر اشتراک الإمام الحسن و الإمام الحسین (ع) فی الحرب التی أمر بها الخلیفة الثانی على إیران. و لکن هذا الخبر لم یرد فی مصدر من مصادر الشیعة المعتبرة، إن عدم إدراج الخبر فی مصادر الشیعة یعنی أن مؤرخی الشیعة و علماءهم لم یؤیدوا الخبر.

2ـ بعض الرجالیین مثل یحیى بن معین، و یحیى بن ضریس و... لم یوثقوا راوی هذا الخبر و هو علی بن مجاهد، قال عنه یحیى بن معین أنه یضع الأخبار، و یقول یحیى بن ضریس أنه کذاب و یضع الأسناد. و یقول علی بن حسن الهسنجانی: سألت أبا جعفر الجمال یعنی محمد ین مهران عن علی بن مجاهد فقال: إنه کذاب[1]. و علیه کیف یمکن قبول مثل هذا الخبر الذی یرویه رجل لم یحظَ بتوثیق علماء الرجال؟

3ـ و على فرض صحة مثل هذا الخبر. و أن الإمامین اشترکا فی الحرب المشار إلیها، فمن الممکن النظر إلى المسألة من زوایا متعددة.

أولاً: مع أن الإمامین أبناء لشخصیة کالإمام «علی» و هو المعارض الأول للحکومة التی قامت بعد النبی (ص)، و أن حکومة الخلفاء الثلاثة فاقدة للشرعیة فی نظره. و لکن هذا لا یعنی أن الإمام (ع) و أولاده و أتباعه یعیشون بعیدین عن الحوادث و الوقائع التی تقع فی إطار مجتمعهم، و أنهم لا یلتزمون بالقوانین و الأعراف التی تحکم المجتمع آنذاک، و إنما یمارسون دورهم و یؤدون أعمالهم کما یفعل الآخرون. وعلى فرض اشتراک أبناء الإمام علی (ع) فی هذه الحرب أو فی غیرها من الحروب الأخرى، فإن هذا الأمر یعد طبیعیاً فی جمیع أنحاء العالم، فمعارضة الحکومة لا یعنی بالضرورة التمرد على القوانین و الأعراف الموجودة فی دائرتها و محیطها الاجتماعی، أو البراءة عن کل ما یجری فی محیط المجتمع.

ثانیاً: و على فرض صحة مثل هذا الخبر فإن اشتراکهما فی هذه الحرب بصحبة سائر المقاتلین یمکن أن یکون ذا جنبة ثقافیة و توجیهیة یحول دون ارتکاب المقاتلین لبعض الأعمال التی من شأنها أن تفضی إلى انتهاک الحرمات المتعلقة بالنفوس و الأموال حین دخول المدن الآهلة. مثلما نراه الیوم فی جمیع الجیوش من وجود قوى داعمة لعدة جوانب من أهمها الجانب الثقافی، حتى تؤلف أقسام خاصة لهذا الغرض.

و کما کان یفعل الإمام علی (ع) على رغم معارضته للخلفاء إلا أنه کثیراً ما کان یتعاون معهم من أجل تقویم سلوکهم و تصویب قراراتهم الخاطئة فی شتى المیادین و منها الحکومة. و هکذا یمکن أن یلعب أبناؤه هذا الدور لدى اشتراکهم فی مثل هذه الحرب دون أن یکون لهم جهد قتالی.

ثالثاً: و یمکن أن نتساءل فی أی تاریخ ورد أن الإیرانیین قتلوا على یدی هذین الإمامین، حتى ندافع عن حقوقهم. حتى ما ورد فی تاریخ الطبری من أن الإمامین اشترکا فی الحرب إلا أنه لم یرد فی المصدر نفسه أن أحداً قتل بسیفهما.



[1] المزجی، تهذیب الکمال، ج21، ص118- 119 (المکتبة الشاملة).

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280255 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258831 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129627 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115643 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89557 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61038 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60364 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57374 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51615 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47713 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...