Please Wait
الزيارة
16092
16092
محدثة عن:
2013/10/21
خلاصة السؤال
ما هي آداب الاحتضار و الموت و الدفن؟
السؤال
الرجاء تزويدنا بأهم آداب و سنن الاحتضار و الموت و الدفن، داعياً المولى أن يديم ظلال والدي ووالدتي، إلا انني ارغب في معرفة ذلك لأجل أن أقوم بحقهما و لا يبدر مني ما يضيع حقا من حقوقهما، و إن كنت اعلم بان الاعمار بيد الله و لعلي اسبقهما في الرحيل إليه سبحانه؟
الجواب الإجمالي
تقسم الواجبات و السنن و الآداب إلى ما يخص مرحلة الاحتضار التي تسبق الموت، و مرحلة ما بعد الموت التي يعبر عنها بأحكام الاموات. فلكل مرحلة من المراحل واجباتها و مستحباتها الخاصّة بها؛ ففي مرحلة الاحتضار يجب كفاية على الأحوط بل لا يخلو من قوة في حال الاحتضار و النزع توجيه المحتضر المسلم إلى القبلة، بأنْ يلقى على ظهره و يجعل باطن قدميه و وجهه إلى القبلة، بحيث لو جلس كان وجهه إليها و...؛ و أمّا المرحلة الثانية التي يعبّر عنها باحكام الأموات، ففيها الكثير من الاحكام و السنن، من أهمها: وجوب غسل الميت المسلم و تحنيطه و تكفينه و الصلاة عليه و دفنه بكيفيات خاصّة ذكرناها مع بعض المستحبات في الجواب التفصيلي.
الجواب التفصيلي
تقسم الواجبات و السنن و الآداب الى ما يخص مرحلة الاحتضار التي تسبق الموت، و مرحلة ما بعد الموت التي يعبّر عنها بأحكام الاموات. فلكل مرحلة من المراحل واجباتها و مستحباتها الخاصة بها، نشير اليها حسب التقسيم المذكور:
أحكام الاحتضار[1]
الف. الواجبات: يجب كفاية على الأحوط بل لا يخلو من قوة[2] في حال الاحتضار و النزع توجيه المحتضر المسلم إلى القبلة، بأن يلقى على ظهره و يجعل باطن قدميه و وجهه إلى القبلة، بحيث لو جلس كان وجهه إليها، رجلا كان أو امرأة، صغيرا كان أو كبيرا، و الأحوط مراعاة الاستقبال بالكيفية المذكورة ما لم ينقل عن محل الاحتضار، ومع عدم التمكن من ذلك يوضع على جانبه الأيمن أو جانبه الايسر مستقبلا القبلة؛ و أما مراعاته في جميع الحالات الى ما بعد الفراغ من الغسل فالأقوى عدم لزومه، و الأحوط مراعاته أيضا، و أما ما بعد الغسل الى حال الدفن فالأولى بل الأحوط وضعه بنحو ما يوضع حال الصلاة عليه.[3]
وذهب فقهاء العامّة الى استحباب ذلك و أنه يستحب وضع المحتضر على جانبه الأيمن، الا الشافعية حيث قالوا: يلقى الميت على ظهره، و يجعل باطن قدميه إلى القبلة بحيث لو جلس كان مستقبلا..[4]
ب. المستحبات
يستحب تلقينه الشهادتين، و الإقرار بالأئمة الاثني عشر عليهم السلام ، و كلمات الفرج، و نقله الى مصلاه إذا اشتد نزعه بشرط أن لا يوجب أذاه، و قراءة سورتي يس و الصافات عنده لتعجيل راحته.[5]
ج. المكروهات
1. يكره مسّه في حال النزع؛
2. و وضع شيء ثقيل[6] على بطنه؛
3. و إبقاؤه وحده؛
4. و كذا يكره حضور الجنب و الحائض عنده حال الاحتضار؛
5. يكره الكلام الكثير والبكاء عنده؛
6. يترك وحده مع النساء.
أحكام الأموات[7]
الف. مستحبات ما قبل الدفن
1. يستحب تغميض عينيه، و تطبيق فمه، و شد فكيه، و مد يديه الى جنبيه، و مد رجليه، و تغطيته بثوب؛
2. و الإسراج عنده في الليل؛
3. إعلام المؤمنين ليحضروا جنازته، و التعجيل في تجهيزه إلا مع اشتباه حاله، فينتظر الى حصول اليقين بموته.[8]
ب. الواجبات
1. يجب تغسيل كل مسلم، و تحنيطه[9] و الصلاة عليه و دفنه[10]، وتغسيل الميت كتكفينه و الصلاة عليه فرض على الكفاية على جميع المكلفين، و بقيام بعضهم به يسقط عن الباقين و إلا أثم الجميع، و إن كان أولى الناس بذلك أولاهم بميراثه فلا بد من الاستذان منه في القيام بما مرّ.
2. يجب أولا إزالة النجاسة عن بدنه، و الأقوى كفاية غسل كل عضو قبل تغسيله، و إن كان الأحوط تطهير جميع الجسد قبل الشروع في الغسل و يجب[11] تغسيله ثلاثة أغسال: أولها بماء السدر ثم بماء الكافور ثم بالماء الخالص، و لو خالف الترتيب عاد إلى ما يحصل به بإعادة ما حقه التأخير و كيفية كل غسل من الأغسال الثلاثة كغسل الجنابة، فيبدأ بغسل الرأس و الرقبة ثم الطرف الأيمن ثم الأيسر، و لا يكفي الارتماس في الأغسال الثلاثة على الأحوط، بأن يكتفي في كل غسل بارتماسة واحدة، نعم يجوز في غسل كل عضو من الأعضاء الثلاثة من كل غسل من الأغسال الثلاثة رمس العضو في الماء الكثير مع مراعاة الترتيب.[12] ويعتبر في المغسل الإسلام، بل و الايمان في حال الاختيار.
وقال الأربعة من فقهاء العامّة: الواجب غسل واحد بالماء القراح، و الغسلان الآخران مستحبان، و لا يشترط كيفية خاصّة بالغسل، فيصح كيف اتفق، و لا يجب عندهم السدر و الكافور بل يستحب أنْ يجعل في ماء الغسل الأخير كافور و نحوه من الطيب.[13]
3. تكفين الميت
و هو واجب كفائي كالتغسيل، و الواجب منه ثلاثة أثواب: مئزر يستر بين السرة و الركبة، و قميص يصل الى نصف الساق لا أقل على الأحوط، و إزار يغطي تمام البدن، فيجب أن يكون طوله زائدا على طول الجسد، و عرضه بمقدار يمكن أن يوضع أحد جانبيه على الآخر، و يلفّ عليه بحيث يستر جميع الجسد، و عند تعذر الجميع أتى بما تيسر مقدما للأشمل على غيره لدى الدوران، و لو لم يمكن إلا ستر العورة وجب.
لا يجوز التكفين بالمغصوب و لو في حال الاضطرار، و لا بالحرير الخالص و لو للطفل و المرأة، و لا بجلد الميتة و لا بالنجس حتى ما عفي عنه في الصلاة، و لا بما لا يؤكل لحمه جلدا كان أو شعرا أو وبرا، بل و لا بجلد المأكول أيضا على الأحوط، دون صوفه و شعره و وبره، فإنه لا بأس به.[14]
وقد ذهب فقهاء العامة الى القول بأنّ الواجب في التكفين ثوب واحد يعم جميع الميت. و المستحب ثلاث قطع.[15]
4. الحنوط و هو واجب على الأصح، و يشترط أن يكون بعد الغسل أو التيمم، و الأقوى جوازه قبل التكفين و بعده و في الأثناء، و إن كان الأوّل أولى. و كيفيته أن يمسح الكافور على مساجده السبعة، و يستحب اضافة طرف الأنف إليها، بل هو الأحوط، و لا يبعد استحباب مسح إبطيه و لبته و مفاصله به، و الأولى الإتيان به رجاء، و لا يقوم مقام الكافور طيب آخر حتى عند الضرورة.[16]
5. يجب الصلاة على كل مسلم و إن كان مخالفا للحق على الأصح، محل الصلاة بعد الغسل و التكفين، فلا تجزي قبلهما، و لا تسقط بتعذرهما، كما أنه لا تسقط بتعذر الدفن أيضا. و هي خمس تكبيرات: يأتي بالشهادتين بعد الأولى، و الصلاة على النبي و آله بعد الثانية، و الدعاء للمؤمنين و المؤمنات بعد الثالثة، و الدعاء للميت بعد الرابعة، ثم يكبر الخامسة و ينصرف، و لا يجوز أقل من خمس تكبيرات إلا للتقية، و ليس فيها أذان و لا إقامة و لا قراءة و لا ركوع و لا سجود و لا تشهد و لا سلام و يكفي في الأدعية الأربعة مسماها، فيجزي أن يقول بعد التكبيرة الأولى: «أشهد أن لا إله إلّا اللَّه و أشهد أنّ محمّدا رسول اللَّه» و بعد الثانية «اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد» و بعد الثالثة «اللّهمّ اغفر للمؤمنين و المؤمنات» و بعد الرابعة «اللّهمّ اغفر لهذا الميّت» ثم يقول: «اللَّه أكبر» و ينصرف.[17]
6. يجب كفاية دفن الميت المسلم و من بحكمه، و هو مواراته في حفيرة من الأرض، و الأحوط كون الحفيرة بحيث تحرس جثته من السباع، و تكتم رائحته عن الناس، و إن كان الأقوى كفاية مجرد المواراة في الأرض مع الأمن من الأمرين، و لو من جهة عدم وجود السباع و عدم من يؤذيه رائحته من الناس أو البناء على قبره بعد مواراته.
يجب كون الدفن مستقبل القبلة، بأن يضجعه على جنبه الأيمن بحيث يكون رأسه الى المغرب و رجليه الى المشرق مثلا في البلاد الشمالية، و بعبارة أخرى يكون رأسه إلى يمين من يستقبل القبلة و رجلاه إلى يساره. ولا يجوز الدفن في الأرض المغصوبة عينا أو منفعة، و منها الأراضي الموقوفة لغير الدفن، و ما تعلق بها حق الغير، كالمرهونة بغير إذن المرتهن، و الأحوط الأولى ترك دفنه في قبر ميت آخر قبل صيرورته رميما، نعم لا يجوز النبش لذلك، و في جواز الدفن في المساجد مع عدم الإضرار بالمسلمين و عدم مزاحمته المصلين كلام، و الأحوط بل الأقوى عدم الجواز.[18]
ج. مستحبات الدفن[19]
أما المستحبات فهي أمور:
منها- حفر القبر إلى الترقوة أو بقدر القامة.
و منها- وضع جنازة الرجل قبل إنزاله في القبر مما يلي الرجلين، و جنازة المرأة مما يلي القبلة أمام القبر.
و منها- أن لا يفجأ به القبر، و لا ينزله فيه بغتة، بل يضعه دون القبر بذراعين أو ثلاثة، و يصبر عليه هنيئة، ثم يقدمه قليلا و يصبر عليه هنيئة، ثم يضعه على شفير القبر ليأخذ أهبته للسؤال، فإن للقبر أهوالا عظيمة نستجير باللّه منها، ثم يسلّه من نعشه سلا فيدخله برفق، سابقا برأسه إن كان رجلا، و عرضا إن كان امرأة.
و منها- أن يحل جميع عقد الكفن بعد وضعه في القبر.
و منها- أن يكشف عن وجهه و يجعل خدّه على الأرض، و يعمل له وسادة من تراب، و يسند ظهره بلبنة أو مدرة لئلا يستلقي على قفاه.
و منها- أن يسد اللحد باللبن أو الأحجار لئلا يصل إليه التراب، و إذا أحكمها بالطين كان أحسن.
و منها- أن يكون من ينزله في القبر متطهراً، مكشوف الرأس، حالّا أزراره، نازعا عمامته و رداءه و نعليه.
و منها- أن يكون المباشر لانزال المرأة و حل أكفانها زوجها أو محارمها، و مع عدمهم فأقرب أرحامها من الرجال فالنساء، ثم الأجانب، و الزوج أولى من الجميع.[20]
و منها- أن يهيل عليه التراب غير أرحامه بظهر الأكف.
و منها- أن يقرأ بالأدعية المأثورة المذكورة في الكتب المبسوطة في مواضع مخصوصة عند سلّه من النعش، و عند معاينة القبر، و عند إنزاله فيه، و بعد وضعه فيه، و بعد وضعه في لحده، و حال اشتغاله بسد اللحد، و عند الخروج من القبر. و عند إهالة التراب عليه.
و منها- تلقينه العقائد الحقة، من أصول دينه و مذهبه بالمأثور بعد وضعه في اللحد قبل أن يسدّه.
و منها- رفع القبر عن الأرض بمقدار أربع أصابع مضمومة أو مفرجة.
و منها- تربيع القبر، بمعنى تسطيحه و جعله ذا أربع زوايا قائمة، و يكره تسنيمه، بل الأحوط تركه.
و منها- أن يرش الماء على قبره، و الأولى في كيفيته أن يستقبل القبلة و يبتدئ بالرش من عند الرأس إلى الرجل، ثم يدور به على القبر حتى ينتهي إلى الرأس، ثم يرش على وسط القبر ما يفضل من الماء.
و منها- وضع اليد على القبر مفرّجة الأصابع مع غمزها بحيث يبقى أثرها، و قراءة إنا أنزلناه في ليلة القدر سبع مرات، و الاستغفار و الدعاء له بنحو: «اللّهمّ جاف الأرض عن جنبيه، و أصعد إليك روحه، و لقّه منك رضوانا، و أسكن قبره من رحمتك ما تغنيه به عن رحمة من سواك» و نحو «اللّهمّ ارحم غربته و صل وحدته، و آنس وحشته، و آمن روعته، و أفض عليه من رحمتك و أسكن إليه من برد عفوك و سعة غفرانك و رحمتك ما يستغني بها عن رحمة من سواك و احشره مع من كان يتولّاه».
و لا يختص استحباب الأمور المزبورة بهذه الحالة، بل تستحب عند زيارة كل ميت مؤمن في كل زمان و على كل حال، كما أن لها آدابا خاصّة و أدعية مخصوصة مذكورة في الكتب المبسوطة.
و منها- أن يلقّنه الولي أو من يأمره بعد تمام الدفن و رجوع المشيعين و انصرافهم أصول دينه و مذهبه بأرفع صوته، من الإقرار بالتوحيد، و رسالة سيد المرسلين، و إمامة الأئمة المعصومين، و الإقرار بما جاء به النبي (ص) و البعث و النشور و الحساب و الميزان و الصراط و الجنة و النار و بذلك التلقين يدفع سؤال منكر و نكير إن شاء اللَّه تعالى.
و منها- دفن الأقارب متقاربين.
و منها- إحكام القبر.[21]
و منها: يستحب تسلية ذوي الميت ما لم تطل المدة فيكون في التسلية تذكير لهم بالمصاب فحينئذ الترك أفضل، يستحبّ إرسال الطّعام إلى أهل الميت، إلى ثلاثة أيام.
ومنها: يستحبّ ليلة الدّفن صلاة الهديّة للميّت، و هي المشتهرة في الألسن بصلاة الوحشة.[22]
أحكام الاحتضار[1]
الف. الواجبات: يجب كفاية على الأحوط بل لا يخلو من قوة[2] في حال الاحتضار و النزع توجيه المحتضر المسلم إلى القبلة، بأن يلقى على ظهره و يجعل باطن قدميه و وجهه إلى القبلة، بحيث لو جلس كان وجهه إليها، رجلا كان أو امرأة، صغيرا كان أو كبيرا، و الأحوط مراعاة الاستقبال بالكيفية المذكورة ما لم ينقل عن محل الاحتضار، ومع عدم التمكن من ذلك يوضع على جانبه الأيمن أو جانبه الايسر مستقبلا القبلة؛ و أما مراعاته في جميع الحالات الى ما بعد الفراغ من الغسل فالأقوى عدم لزومه، و الأحوط مراعاته أيضا، و أما ما بعد الغسل الى حال الدفن فالأولى بل الأحوط وضعه بنحو ما يوضع حال الصلاة عليه.[3]
وذهب فقهاء العامّة الى استحباب ذلك و أنه يستحب وضع المحتضر على جانبه الأيمن، الا الشافعية حيث قالوا: يلقى الميت على ظهره، و يجعل باطن قدميه إلى القبلة بحيث لو جلس كان مستقبلا..[4]
ب. المستحبات
يستحب تلقينه الشهادتين، و الإقرار بالأئمة الاثني عشر عليهم السلام ، و كلمات الفرج، و نقله الى مصلاه إذا اشتد نزعه بشرط أن لا يوجب أذاه، و قراءة سورتي يس و الصافات عنده لتعجيل راحته.[5]
ج. المكروهات
1. يكره مسّه في حال النزع؛
2. و وضع شيء ثقيل[6] على بطنه؛
3. و إبقاؤه وحده؛
4. و كذا يكره حضور الجنب و الحائض عنده حال الاحتضار؛
5. يكره الكلام الكثير والبكاء عنده؛
6. يترك وحده مع النساء.
أحكام الأموات[7]
الف. مستحبات ما قبل الدفن
1. يستحب تغميض عينيه، و تطبيق فمه، و شد فكيه، و مد يديه الى جنبيه، و مد رجليه، و تغطيته بثوب؛
2. و الإسراج عنده في الليل؛
3. إعلام المؤمنين ليحضروا جنازته، و التعجيل في تجهيزه إلا مع اشتباه حاله، فينتظر الى حصول اليقين بموته.[8]
ب. الواجبات
1. يجب تغسيل كل مسلم، و تحنيطه[9] و الصلاة عليه و دفنه[10]، وتغسيل الميت كتكفينه و الصلاة عليه فرض على الكفاية على جميع المكلفين، و بقيام بعضهم به يسقط عن الباقين و إلا أثم الجميع، و إن كان أولى الناس بذلك أولاهم بميراثه فلا بد من الاستذان منه في القيام بما مرّ.
2. يجب أولا إزالة النجاسة عن بدنه، و الأقوى كفاية غسل كل عضو قبل تغسيله، و إن كان الأحوط تطهير جميع الجسد قبل الشروع في الغسل و يجب[11] تغسيله ثلاثة أغسال: أولها بماء السدر ثم بماء الكافور ثم بالماء الخالص، و لو خالف الترتيب عاد إلى ما يحصل به بإعادة ما حقه التأخير و كيفية كل غسل من الأغسال الثلاثة كغسل الجنابة، فيبدأ بغسل الرأس و الرقبة ثم الطرف الأيمن ثم الأيسر، و لا يكفي الارتماس في الأغسال الثلاثة على الأحوط، بأن يكتفي في كل غسل بارتماسة واحدة، نعم يجوز في غسل كل عضو من الأعضاء الثلاثة من كل غسل من الأغسال الثلاثة رمس العضو في الماء الكثير مع مراعاة الترتيب.[12] ويعتبر في المغسل الإسلام، بل و الايمان في حال الاختيار.
وقال الأربعة من فقهاء العامّة: الواجب غسل واحد بالماء القراح، و الغسلان الآخران مستحبان، و لا يشترط كيفية خاصّة بالغسل، فيصح كيف اتفق، و لا يجب عندهم السدر و الكافور بل يستحب أنْ يجعل في ماء الغسل الأخير كافور و نحوه من الطيب.[13]
3. تكفين الميت
و هو واجب كفائي كالتغسيل، و الواجب منه ثلاثة أثواب: مئزر يستر بين السرة و الركبة، و قميص يصل الى نصف الساق لا أقل على الأحوط، و إزار يغطي تمام البدن، فيجب أن يكون طوله زائدا على طول الجسد، و عرضه بمقدار يمكن أن يوضع أحد جانبيه على الآخر، و يلفّ عليه بحيث يستر جميع الجسد، و عند تعذر الجميع أتى بما تيسر مقدما للأشمل على غيره لدى الدوران، و لو لم يمكن إلا ستر العورة وجب.
لا يجوز التكفين بالمغصوب و لو في حال الاضطرار، و لا بالحرير الخالص و لو للطفل و المرأة، و لا بجلد الميتة و لا بالنجس حتى ما عفي عنه في الصلاة، و لا بما لا يؤكل لحمه جلدا كان أو شعرا أو وبرا، بل و لا بجلد المأكول أيضا على الأحوط، دون صوفه و شعره و وبره، فإنه لا بأس به.[14]
وقد ذهب فقهاء العامة الى القول بأنّ الواجب في التكفين ثوب واحد يعم جميع الميت. و المستحب ثلاث قطع.[15]
4. الحنوط و هو واجب على الأصح، و يشترط أن يكون بعد الغسل أو التيمم، و الأقوى جوازه قبل التكفين و بعده و في الأثناء، و إن كان الأوّل أولى. و كيفيته أن يمسح الكافور على مساجده السبعة، و يستحب اضافة طرف الأنف إليها، بل هو الأحوط، و لا يبعد استحباب مسح إبطيه و لبته و مفاصله به، و الأولى الإتيان به رجاء، و لا يقوم مقام الكافور طيب آخر حتى عند الضرورة.[16]
5. يجب الصلاة على كل مسلم و إن كان مخالفا للحق على الأصح، محل الصلاة بعد الغسل و التكفين، فلا تجزي قبلهما، و لا تسقط بتعذرهما، كما أنه لا تسقط بتعذر الدفن أيضا. و هي خمس تكبيرات: يأتي بالشهادتين بعد الأولى، و الصلاة على النبي و آله بعد الثانية، و الدعاء للمؤمنين و المؤمنات بعد الثالثة، و الدعاء للميت بعد الرابعة، ثم يكبر الخامسة و ينصرف، و لا يجوز أقل من خمس تكبيرات إلا للتقية، و ليس فيها أذان و لا إقامة و لا قراءة و لا ركوع و لا سجود و لا تشهد و لا سلام و يكفي في الأدعية الأربعة مسماها، فيجزي أن يقول بعد التكبيرة الأولى: «أشهد أن لا إله إلّا اللَّه و أشهد أنّ محمّدا رسول اللَّه» و بعد الثانية «اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد» و بعد الثالثة «اللّهمّ اغفر للمؤمنين و المؤمنات» و بعد الرابعة «اللّهمّ اغفر لهذا الميّت» ثم يقول: «اللَّه أكبر» و ينصرف.[17]
6. يجب كفاية دفن الميت المسلم و من بحكمه، و هو مواراته في حفيرة من الأرض، و الأحوط كون الحفيرة بحيث تحرس جثته من السباع، و تكتم رائحته عن الناس، و إن كان الأقوى كفاية مجرد المواراة في الأرض مع الأمن من الأمرين، و لو من جهة عدم وجود السباع و عدم من يؤذيه رائحته من الناس أو البناء على قبره بعد مواراته.
يجب كون الدفن مستقبل القبلة، بأن يضجعه على جنبه الأيمن بحيث يكون رأسه الى المغرب و رجليه الى المشرق مثلا في البلاد الشمالية، و بعبارة أخرى يكون رأسه إلى يمين من يستقبل القبلة و رجلاه إلى يساره. ولا يجوز الدفن في الأرض المغصوبة عينا أو منفعة، و منها الأراضي الموقوفة لغير الدفن، و ما تعلق بها حق الغير، كالمرهونة بغير إذن المرتهن، و الأحوط الأولى ترك دفنه في قبر ميت آخر قبل صيرورته رميما، نعم لا يجوز النبش لذلك، و في جواز الدفن في المساجد مع عدم الإضرار بالمسلمين و عدم مزاحمته المصلين كلام، و الأحوط بل الأقوى عدم الجواز.[18]
ج. مستحبات الدفن[19]
أما المستحبات فهي أمور:
منها- حفر القبر إلى الترقوة أو بقدر القامة.
و منها- وضع جنازة الرجل قبل إنزاله في القبر مما يلي الرجلين، و جنازة المرأة مما يلي القبلة أمام القبر.
و منها- أن لا يفجأ به القبر، و لا ينزله فيه بغتة، بل يضعه دون القبر بذراعين أو ثلاثة، و يصبر عليه هنيئة، ثم يقدمه قليلا و يصبر عليه هنيئة، ثم يضعه على شفير القبر ليأخذ أهبته للسؤال، فإن للقبر أهوالا عظيمة نستجير باللّه منها، ثم يسلّه من نعشه سلا فيدخله برفق، سابقا برأسه إن كان رجلا، و عرضا إن كان امرأة.
و منها- أن يحل جميع عقد الكفن بعد وضعه في القبر.
و منها- أن يكشف عن وجهه و يجعل خدّه على الأرض، و يعمل له وسادة من تراب، و يسند ظهره بلبنة أو مدرة لئلا يستلقي على قفاه.
و منها- أن يسد اللحد باللبن أو الأحجار لئلا يصل إليه التراب، و إذا أحكمها بالطين كان أحسن.
و منها- أن يكون من ينزله في القبر متطهراً، مكشوف الرأس، حالّا أزراره، نازعا عمامته و رداءه و نعليه.
و منها- أن يكون المباشر لانزال المرأة و حل أكفانها زوجها أو محارمها، و مع عدمهم فأقرب أرحامها من الرجال فالنساء، ثم الأجانب، و الزوج أولى من الجميع.[20]
و منها- أن يهيل عليه التراب غير أرحامه بظهر الأكف.
و منها- أن يقرأ بالأدعية المأثورة المذكورة في الكتب المبسوطة في مواضع مخصوصة عند سلّه من النعش، و عند معاينة القبر، و عند إنزاله فيه، و بعد وضعه فيه، و بعد وضعه في لحده، و حال اشتغاله بسد اللحد، و عند الخروج من القبر. و عند إهالة التراب عليه.
و منها- تلقينه العقائد الحقة، من أصول دينه و مذهبه بالمأثور بعد وضعه في اللحد قبل أن يسدّه.
و منها- رفع القبر عن الأرض بمقدار أربع أصابع مضمومة أو مفرجة.
و منها- تربيع القبر، بمعنى تسطيحه و جعله ذا أربع زوايا قائمة، و يكره تسنيمه، بل الأحوط تركه.
و منها- أن يرش الماء على قبره، و الأولى في كيفيته أن يستقبل القبلة و يبتدئ بالرش من عند الرأس إلى الرجل، ثم يدور به على القبر حتى ينتهي إلى الرأس، ثم يرش على وسط القبر ما يفضل من الماء.
و منها- وضع اليد على القبر مفرّجة الأصابع مع غمزها بحيث يبقى أثرها، و قراءة إنا أنزلناه في ليلة القدر سبع مرات، و الاستغفار و الدعاء له بنحو: «اللّهمّ جاف الأرض عن جنبيه، و أصعد إليك روحه، و لقّه منك رضوانا، و أسكن قبره من رحمتك ما تغنيه به عن رحمة من سواك» و نحو «اللّهمّ ارحم غربته و صل وحدته، و آنس وحشته، و آمن روعته، و أفض عليه من رحمتك و أسكن إليه من برد عفوك و سعة غفرانك و رحمتك ما يستغني بها عن رحمة من سواك و احشره مع من كان يتولّاه».
و لا يختص استحباب الأمور المزبورة بهذه الحالة، بل تستحب عند زيارة كل ميت مؤمن في كل زمان و على كل حال، كما أن لها آدابا خاصّة و أدعية مخصوصة مذكورة في الكتب المبسوطة.
و منها- أن يلقّنه الولي أو من يأمره بعد تمام الدفن و رجوع المشيعين و انصرافهم أصول دينه و مذهبه بأرفع صوته، من الإقرار بالتوحيد، و رسالة سيد المرسلين، و إمامة الأئمة المعصومين، و الإقرار بما جاء به النبي (ص) و البعث و النشور و الحساب و الميزان و الصراط و الجنة و النار و بذلك التلقين يدفع سؤال منكر و نكير إن شاء اللَّه تعالى.
و منها- دفن الأقارب متقاربين.
و منها- إحكام القبر.[21]
و منها: يستحب تسلية ذوي الميت ما لم تطل المدة فيكون في التسلية تذكير لهم بالمصاب فحينئذ الترك أفضل، يستحبّ إرسال الطّعام إلى أهل الميت، إلى ثلاثة أيام.
ومنها: يستحبّ ليلة الدّفن صلاة الهديّة للميّت، و هي المشتهرة في الألسن بصلاة الوحشة.[22]
[1]. انظر: الإمام الخمیني، توضيح المسائل (المحشّی)، اعداد: بنيهاشمي خميني، سيد محمد حسين، ج 1، ص 310 - 313، مكتب الاعلام الاسلامي، قم، الطبعة الثامنة، 1424ق.
[2]. يجب على الأحوط وجوباً.... ذهب الى ذلك الآيات العظام الأراكي، بهجة، صافي كلبايكاني، الخوئي، التبريزي، السيستاني، مكارم؛ و على الاحوط استحبابا مع الامكان، ذهب الى ذلك آية الله الزنجاني.
[3]. الامام الخميني، تحرير الوسيلة، ج1، ص: 64.
[4]. مغنيه، محمد جواد، الفقه علی المذاهب الخمسة، ج1، ص 54، دار التيار الجدید، دار الجواد، بيروت، الطبعة العاشرة، 1421ق.
[5]. تحرير الوسيلة، ج1، ص: 65، المسألة 3.
[6]. يكره وضع شيء ... الآيات العظام: الخوئي، الكلبايكاني، الفاضل، التبريزي، الصافي و الزنجاني. توضیح المسائل (محشّی).
[7]. الإمام الخميني، السيد روح اللّٰه، توضيح المسائل (المحشّٰى)، ج1، ص 313.
[9]. اختصت الإمامية بوجوب تحنيط الميت. انظر: الفقه على المذاهب الخمسة، ج1، ص58.
[10]. الآیات العظام: الإمام الخميني، النوري، السيد الخامنئي، بهجت: و لو كان مخالفا على الأحوط فيه.
[11]. يسقط الغسل عن الشهيد و هو المقتول في الجهاد مع الامام عليه السلام أو نائبه الخاص بشرط خروج روحه في المعركة حين اشتغال الحرب أو في غيرها قبل إدراكه المسلمون حيا. وكذلك يسقط الغسل عن السقط قبل بلوغ اربعة اشهر. و اختلفوا فيما إذا تمّ له الأربعة، فقال الحنابلة و الإمامية: يجب ان يغسل.و قال الحنفية: إن نزل، و فيه حياة، ثم فارقها، أو نزل ميتا تام الخلقة غسّل، و إلا فلا. و قال المالكية: لا يجب غسل السقط إلا إذا كان قابلا للحياة بحيث يقول أهل الخبرة ان مثله يقبل الحياة المستقرة. و قال الشافعية: إنْ نزل بعد ستة أشهر يغسل، و ان نزل قبلها فإن كان تام الخلقة غسل ايضا، و ان لم يكن تام الخلقة فإن علم انه كان حيا يغسل و إلا فلا. (الفقه على المذاهب الخمسة، ج1، ص:55).
[12]. توضيح المسائل (محشّی)، ج 1، ص 316 - 324؛ وانظر: الفقه علی المذاهب الخمسة، ج1، ص 56. وانظر السؤال رقم 24051.
[13]. الفقه على المذاهب الخمسة، ج1، ص: 57.
[14]. انظر: تحرير الوسليلة، ج1، ص73، المسألة 1.
[15]. الفقه علی المذاهب الخمسة، ج1، ص 58.
[16]. تحرير الوسيلة، ج1، ص: 76.
[17]. نفس المصدر، ص 79- 81.
[18]. نفس المصدر، ص 88-89.
[19]. نفس المصدر.
[20]. و قال الحنابلة و الحنفية: الزوج كالأجنبي بعد أن انقطعت العصمة بينه و بينها بالموت. و جاء في كتاب «الوجيز» للغزالي من الشافعية: لا يوضع الميت في قبره إلا الرجل، فإنْ كان امرأة تولى أمرها زوجها أو محرمها، فإن لم يكن فعبيدها، فإن لم يكن فخصيان، فإن لم يكن فأرحام، فإن لم يكن فأجانب». و معنى هذا أن الرجل الأجنبي مقدم على المرأة. (الفقه على المذاهب الخمسة، ج1، ص64- 65)
[21]. تحریر الوسيلة، ج1، ص90- 92.
[22]. لمزيد الاطلاع انظر: كيفية صلاة الوحشة، السؤال رقم 5616.
س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات