Please Wait
9419
يستفاد من كلمة "الولي" مجموعة المعاني، من قبيل:
الف. بمعنى المدير و المدبر.
ب. بمعنى الصاحب.
ج. بمعنى الناصر.
و هذه المعاني الثلاثة و إن صح و صف أمير المؤمنين (ع) بها، لكن التأمل في الروايات في هذا المجال يكشف لنا بان المراد من الولي هنا خصوص المعنى الاول؛ يعني أنه عليه السلام هو المدبر و المدير لشؤون المجتمع الاسلامي بعد الرسول (ص)، و المراد من أنه (ع) "ولي الله" أنه منصوب من الله لولاية المؤمنين و إمرتهم كما كان الرسول (ص) منصوباً و مبعوثاً من قبل الله تعالى بالرسالة.
نعم، اذا رجعنا الى الروايات المحددة لفصول الأذان نراها تحددها بثمانية عشر فصلا، ليس منها الشهادة بولاية أمير المؤمنين (ع)، و اذا لم تكن جزءاً من الأذان و الاقامة الا يعد الاتيان بها بدعة؟
جوابه: إن التأمل في معنى البدعة "إدخال شيء في الدين ليس من الدين" يزيل هذه الشبهة، و يفصل بين من يأتي بها بقصد الجزئية فهو مبتدع و يحرم عمله، و بين من يأتي بها لا بعنوان كونها جزءاً من الأذان أو الإقامة و يغاير بالنطق بها بطريقة متمايزة عن سائر الفصول، فهذا لا يتصف فعله بالابتداع قطعاً.
أضف الى ذلك أننا اذا رجعنا الى المصادر الحديثية نجد بعض الروايات التي تؤكد على إرداف الشهادة بالتوحيد و الرسالة، بالشهادة بولاية أمير المؤمنين (ع).
الاجابة عن السؤال المطروح تقتضي توزيع البحث على ثلاثة محاور:
1. هل الشهادة بولاية علي (ع) بنفسها حق أو ليس بحق؟
2. على فرض كونها حقاً، فهل هي من أجزاء الأذان و الإقامة أو لا؟
3. اذا لم تكن من أجزاء الأذان هل يعد الاتيان بها ضمن فصول الأذان و من دون قصد الجزئية، بدعة؟
و للاجابة عن الفرع الاول نرى من الضروري الاشارة الى معنى و مفهوم كلمة "الولي".
مفهوم الولي:
تفيد كلمة الولي معاني متعددة، منها:
الف. معنى المدير و المتولي لادارة شؤون الشيء؛ كما جاء في بعض آيات الذكر الحكيم، كقوله تعالى: "اللَّهُ الَّذي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما في سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَ لا شَفيعٍ أَ فَلا تَتَذَكَّرُون".[1]
ب. بمعنى الصديق[2]، كقوله تعالى " وَ لا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَ لاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذي بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَميمٌ".[3]
ج. و تعطي معنى الناصر و المعاضد[4]، " وَ الْمُؤْمِنُونَ وَ الْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْض".[5]
و لاشك مما مر أن اطلاق مفردة "ولي الله" على المؤمنين بالمعنيين الثاني و الثالث "الصديق و الناصر" لا تستبطن أية مخالفة شرعية، بل رود ذلك في المصادر الحديثية للفريقين السنة و الشيعة.[6]
اما المعنى الاول فلابد من القول بانه قد اطلق هذا الوصف على أمير المؤمنين (ع) و من قبله اطلق على رسول الله (ص)، و المراد من أنه (ع) "ولي الله" انه منصوب من الله لولاية المؤمنين كما كان الرسول منصوبا و مبعوثا من قبل الله تعالى بالرسالة.
و نحن اذا رجعنا الى الروايات المحددة لفصول الأذان نراها تحدده بثمانية عشر فصلا هي: " اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ".[7]
و لم تكن فقرة " أشهد أن علياً ولي الله" من ضمن تلك الفصول. و هذا المعنى ذكره فقهاء الشيعة أيضا فلم تجد من يفتي بكون الشهادة الثالثة من فصول الأذان.
يقول الامام الخميني (ره): فصول الاذان ثمانية عشر فصلا: «اللَّهُ أَكْبَرُ» اربع مرات «اشْهَدُ انْ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ، اشْهَدُ انَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ، حَيّ عَلَى الصَّلاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلاحِ، حَيَّ عَلى خَيْرِ الْعَمَلِ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ» مرتین مرتین. و اما الشهادة بالولاية: «اشْهَدُ انَّ عَلِيّاً وَلِيُّ اللَّهِ» فلیست من أجزاء الأذان و لا الاقامة. [8]
هل إدراج الشهادة الثالثة مخل بالاذان و الاقامة
لاريب أنه لا يصح الاتيان بها بقصد الجزئية. و هناك من الفقهاء من حاول حل الاشكالية من خلال التغاير في النطق بأن يأتى بالشهادة الثالثة بطريقة تختلف عن طريقة أداء الفصول الأخرى.[9]
نعم، غاية ما يشكل على إدراج الشهادة الثالثة في الأذان و الاقامة أنه قد يكون من الابتداع!!
الا إن التأمل في معنى البدعة "إدخال شيء في الدين ليس من الدين"[10] يزيل هذه الشبهة، و يفصل بين من يأتي بها بقصد الجزئية فهو مبتدع و يحرم عمله، و بين من يأتي بها لا بعنوانها جزءاً من الأذان أو الإقامة و يغاير بالنطق بها بطريقة متمايزة عن سائر الفصول، فهذا لا يتصف فعله بالابتداع قطعاً.
أضف الى ذلك أننا اذا رجعنا الى المصادر الحديثية نجد بعض الروايات التي تؤكد على إرداف الشهادة بالتوحيد و الرسالة بالشهادة بولاية أمير المؤمنين (ع).
و على كل حال، السبب في عدم اعتبار الشهادة الثلاثة لا بقصد الجزئية من البدعة اطلاق الروايات التي تؤكد على أن المكلف كلما نطق بالشهادتين قرنهما بالشهاد بولاية علي بن أبي طالب (ع)، و هي مطلقة تعم الشهادة في الأذان و الإقامة و غيرهما، من هنا يقرن الشيعة بين الشهادات الثلاث من دون الاعتقاد بكون الثالثة من أجزاء الأذان أو الاقامة. أضف الى ذلك هناك روايات خاصة تؤكد على الشهادة الثالثة.[11] فلا مانع حينئذ من الشهادة بولاية أمير المؤمنين (ع) و تلقين الميت بها، إذا كان ذلك بقصد القربة أو التيمن و التبرك و... لا بقصد الجزئية.
و الجدير بالذكر أن الكثير من علماء أهل السنة ذهبوا الى القول بان: جملة "الصلاة خير من النوم" ليست من أجزاء الأذان و انها من ابداعات الخليفة الثاني.
روي عن مالك أنه بلغه أن المؤذن جاء إلى عمر بن الخطاب يؤذنه لصلاة الصبح فوجده نائما فقال الصلاة خير من النوم فأمره عمر أن يجعلها في نداء الصبح.[12]
فما هو المبرر لادراج هذه الفقرة في أذان الصبح؟ و هل يمكن المقارنة بينها و بين ما يفعله الشيعة من الشهادة بولاية أمير المؤمنين(ع) المعتمدة على روايات خاصة بالاضافة الى اطلاق الروايات الاخرى؟!
[1] السجدة، 4.
[2] الطبري الكيا هراسي، ابوالحسن علي بن محمد، أحكام القرآن (الكيا هراسي)، ج 3، ص 83، دارلكتب العلمية، بيروت، 1405 ق.
[3] فصلت، 34.
[4] ابن منظور، محمد بن مكرم، لسانالعرب، ج 15، ص 407، ناشر: دار صادر، بيروت، چاپ سوم، 1414 ق.
[5] التوبة، 71.
[6] ابن ابي حاتم، عبدالرحمن بن محمد، تفسير القرآن العظيم (ابن أبي حاتم)، ج 2، ص 675، مكتبة نزار مصطفى الباز، الطبعة الثالثة، 1419 ق.
[7] صدوق، من لا يحضره الفقيه، ج 1، ص 289 - 291، من لا یحضره الفقیه، انتشارات جامعۀ مدرسین، قم، 1413 ق.
[8] توضيح المسائل (المحشى للإمام الخميني)، ج1، ص 519، مسأله 918.
[9] نفس المصدر.
[10] الراغب الأصفهاني، حسين بن محمد،المفردات في غريب القرآن، ص 111، دار العلم الدار الشامية، الطبعة الاولی، 1412 ق .
[12] مالک، موطأ، ج 1 ص 210، موقع الإسلام، http://www.al-islam.com.